حوكمة الشركات .. تمويل داخلي واستثمار خارجي

<a href="mailto:[email protected]">mjadeed@hotmail.com</a>

تعقد المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية ندوة بعنوان حوكمة الشركات العامة والخاصة من أجل الإصلاح الاقتصادي والهيكلي، وذلك في مدينة القاهرة في مصر، خلال الفترة من 19 إلى 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006.
وعلى الرغم من أن هذه الندوة تعنى بحوكمة الشركات العامة والخاصة، إلا أنه يتوقع أن تضيف بعض الضوء حول حوكمة الشركات والعلاقة بأسواق المال ولا سيما أن مفهوم الحوكمة حديث على أسواق المال العربية.
تتباين تعريفات أدبيات الإدارة الاستراتيجية لمصطلح حوكمة الشركات بتباين الزاوية التي يتم تعريف المصطلح منها. ولكن بشكل عام يمكن أن يعرف مصطلح حوكمة الشركات بأنه الطريقة التي يتم من خلالها توجيه وإدارة ومراقبة الشركة، عامة كانت أو خاصة.
أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD عام 1999 مجموعة من المبادئ الأساسية لحوكمة الشركات، من أهمها: تأمين الأسس لإطار حوكمة فعالة للشركات، الحفاظ على حقوق المساهمين، تفعيل مبدأ العدالة بين المساهمين، إبراز دور أصحاب المصالح "عملاء، موردين، ... إلخ"، الحرص على الإفصاح والشفافية، وأخيرا وليس آخرا التأكيد على مسؤولية مجلس الإدارة ودوره في حماية الشركة والمساهمين وأصحاب المصالح.
من الأساليب المهمة والضرورية لتفعيل حوكمة الشركات تفعيل دور مجلس الإدارة للقيام بمهامه الرئيسة، ووضع الأهداف والسياسات والاستراتيجيات العامة للشركة، وتحفيز الشركة بكل مكوناتها من موظفين و أقسام وإدارات على وجود الإرادة في تطبيق حوكمة الشركات، ومتابعة العاملين في تنفيذ هذه الإرادة، وفرض الأساليب الرقابية ومتابعتها.
كما تسعى حوكمة الشركات إلى حماية المساهمين ضد تجاوزات الإدارة المتعمدة وغير المتعمدة، و ذلك من خلال حفظ حقوقهم، وضع أساسيات و خطط توزيع الأرباح، توضيح السياسات العامة للشركة، و عدم إخفاء المعلومات أو سياسة الشركة خلف تصريحات شمولية قد لا تساعد المساهمين على معرفة وضع شركتهم المالي والإداري.
ولحوكمة الشركات دور بارز في تنمية الشركات المدرجة في أسواق المال الناشئة. ولعلي أستشهد ببعض الإحصائيات من واقع تقرير شركة "ماكنزي آند كومباني" McKinsey and Company أن حوكمة الشركات، من جهة، يمكن أن تساعد على رفع حصة الشركة في السوق الناشئة بنسبة تصل إلى 30 في المائة. من جهة أخرى، فإن اعتماد عدد من مبادئ حوكمة الشركات الأساسية فقط قد يزيد حصة الشركة في السوق الناشئة بنسبة 12 في المائة.
من أهم إيجابيات تطبيق حوكمة الشركات توفير التمويل المناسب للشركات المدرجة في السوق المالية. لعلي أستشهد بنتائج دراسة حديثة جاري نشرها في إحدى مجلات العلوم المالية المحكمة في الفترة القريبة المقبلة.
الدراسة بعنوان "تأثير حوكمة الشركات في تمويل الشركات البرازيلية". ألقيت إيجازا عن نتائج الدراسة ضمن فعاليات مؤتمر التمويل العالمي الذي عقد أخيرا في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، حيث بحثت الدراسة في العلاقة بين التطبيق الكامل والنموذجي لبنود حوكمة الشركات البرازيلية وعلاقته بنمو الملاءة المالية لتلك الشركات ومن ثم سهولة الحصول على التمويل المناسب لدعم مشاريعها المستقبلة. توصلت الدراسة إلى أن هناك علاقة إيجابية بين نموذجية تطبيق حوكمة الشركات ونمو الحد الائتماني.
تقودنا هذه الخلاصة إلى النظر في إيجابية أخرى من إيجابيات التطبيق النموذجي لحوكمة الشركات والمتمثل في العلاقة بينها وبين اجتذاب الاستثمار الأجنبي. فكما هو معلوم تمر منظومة الاقتصاد السعودي هذه الأيام بمشارف الطفرة النفطية الثانية، التي تختلف، كما هو معلوم، عن الطفرة الأولى من ناحية مسببات ارتفاع أسعار النفط، ودور القطاع العام و الخاص في تحفيز النمو الاقتصادي، وتنوع قنوات توزيع الثروة، والقدرة التنظيمية لإدارة العوائد المرتفعة للنفط.
أدت جميع هذه التطورات إلى تشجيع الشركات السعودية على استقطاب الاستثمار الأجنبي. ومن أحد المعايير التي ينظر إليها الاستثمار الأجنبي قبل تقرر الاستثمار في منظومة اقتصادية من عدمه هو وجود التنظيمات الإدارية اللازمة كحوكمة الشركات.
ولعل ما أوضحه تقرير الاستثمار العالمي الصادر منتصف الأسبوع الجاري من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD حول جاذبية الاقتصاد السعودي يوضح دور حوكمة الشركات في اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر.
حيث أوضح التقرير تحسن جاذبية الاقتصاد السعودي للاستثمار الأجنبي المباشر ولكن بدرجة نمو متواضعة عكس المتوقع. لعل من الأسباب التنظيمية التأخر في إصدار حوكمة الشركات حتى منتصف العام الحالي.
بشكل عام، حوكمة الشركات تعتبر في بداياتها وهي تواجه بعض الصعوبات من قبل بعض الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية، عطفا على أن هذه الشركات تنظر إلى مفهوم الحوكمة على أنه تدخل في سياساتها الإدارية، مما يؤثر سلباً على مستوى الإفصاح والشفافية، وبالتالي على استقطاب الاستثمار الأجنبي.
وإذا نظرنا إلى قائمة الإدراج هذا العام ووجدنا أن الغالبية شركات عائلية فإننا نخلص إلى أن حوكمة الشركات ستواجه تحديات أكبر من المتوقع مما يلزم تفنيد بنودها، ومتابعة تنفيذها.
تهنئة
يسرني بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك أن أهنئ جميع القراء الأفاضل، سائلا الله، عز وجل، أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يعيده على الأمة الإسلامية وهي ترفل في ثوب العزة والفخر والتمكين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي