بورصة صغيرة في لندن إلى جانب البورصة الكبيرة؟!

بورصة صغيرة في لندن إلى جانب البورصة الكبيرة؟!

يجلس سيمون بريكلز رئيس مجموعة البورصة بلس الصغيرة في مبنى إداري غير مميز شرقي العاصمة البريطانية لندن، ويقول في لهجة مرحة " ليس هنالك من سبب إطلاقا لأن تسيطر بورصة أسهم وحيدة على المركز المالي للندن. إن البورصات في أوروبا تتكتل بالطبع مع بعضها البعض, ولكن هذا لا يعني أنه ينبغي على لندن أن تكون قانعة باحتكار بورصة لندن تجارة الأسهم".
وفي الحقيقة إن اندماج البورصات في أوروبا أمر منطقي, ويقول بريكلز : " لقد مضى العهد الذي كان يعتقد فيه أن على كل عاصمة من العواصم أن تكون لديها بورصة وكأنها دار للأوبرا. ثم يضيف قائلا : " تعتبر لندن أكبر مركز مالي دولي في العالم, وثمة متسع لوجود بورصات متنافسة في تجارة الأسهم. "

إن بريكلز, الذي أدار سوق الاستثمار البديل في بورصة لندن طوال تسع سنوات يعتبر تنافس البورصات أمرا مقبولا كالتنافس القائم حاليا في قطاع الاتصالات على سبيل المثال. فهو يقول : " سنعمل ببورصة لندن ما فعلته بورصة ناسداك ببورصة نيويورك نفسه - أي أننا سنقسم السوق إلى قسمين. " هذا وقد سبق لبريكلز أن انتقل في مطلع عام 2004 من سوق الاستثمار البديل إلى شركة أوفيكس التي خلفتها مجموعة البورصة بلس. وقد انتقل للعمل معه نائبه السابق في سوق الاستثمار البديل وأحد المشرفين واثنان من كبار خبراء التسويق من بورصة لندن. ويتذكر بريكلز تلك المرحلة بقوله : " لقد ظن الجميع آنذاك أننا فقدنا عقولنا عندما انتقلنا من العمل في شركة صاعدة إلى شركة تجارية متواضعة, غير أننا كنا مقتنعين بأن ثمة سوقا واعدة للشركات الصغيرة والمتوسطة ذات النوعية المتميزة "

غير أنه يمتنع عن توجيه الانتقاد المباشر لبورصة لندن, التي سبق له العمل فيها, ولكن أوساط الوسطاء المتخصصين في التعامل بأسهم الشركات الصغيرة في مدينة لندن يكثرون من توجيه الانتقاد لبورصة لندن لأنها لا تعير أي اهتمام بحاجات الشركات الصغيرة ووسطائها. كما أنها لم تعر الاهتمام الكافي بالنوعية المدرجة لأول مرة في البورصة، إذ على الرغم من سرعة تزايد عدد حالات الإدراج و زيادة رؤوس أموال الشركات في البورصة, فإن المستثمرين لم يعودوا يظهرون من الحماس ما كانوا يظهرونه في السابق نفسه.

وهذا الاتجاه هو بالضبط ما يريد بريكلز أن يستغله وإن كان لا يستطيع أن يعلن ذلك بصراحة في مواجهة منافسيه. إنه يخطط لإقامة سوق أولي وسوق ثانوي جديدين للشركات الصغيرة والمتوسطة. ويقول: " ليس ثمة في أوروبا كلها مكان مناسب لذلك أكثر من مركز لندن المالي. " ففي لندن، دون غيرها, توجد بيوت مالية كافية من تلك المتخصصة في إدراج أسهم الشركات الصغيرة في البورصة, كما يوجد فيها ما يكفي من الوسطاء المتخصصين في التعامل بأسهم الشركات الصغيرة, وما يكفي من المؤسسات الاستثمارية التي تستثمر أموالها في أسهم الشركات المتوسطة الأحجام. ويزعم بريكلز أن لا أحد في أوروبا يستطيع أن يبارز لندن من حيث ثقافة الأسهم القوية كما لا يمكن لأحد أن يتفوق عليهم في اللغة الإنجليزية حسب تعبيره.

وهو يعير أهمية كبرى لنوعية الأسهم المدرجة في البورصة, ويقول : " ينبغي أن تتوفر لدي, كرئيس للبورصة, الصلاحيات اللازمة لإيقاع العقوبات على الشركات المالية التي تستمر في ارتكاب الأخطاء في اختيارها الأسهم التي تدرجها في البورصة. " وهو يرى أن هذا غير متوافر في بورصة لندن. ومن المؤكد أن القضية ليست مجرد قضية النوعية في ميدان المنافسة, حيث إن أحد الأسباب التي أدت إلى إحياء شركة أوفيكس في شكل مجموعة أسواق بلس هو أن العديد من الوسطاء كانوا يتطلعون بشغف إلى منبر تجاري يعمل وفقا لنظام تحديد الأسعار وهو ما توفره لهم الآن مجموعة أسواق بلس. " لقد كانت شركة أوفيكس السابقة بالنسبة لنا فرصة ثمينة لأنها كانت مرخصة كبورصة, وهو ما مكننا من إعادة الحياة, بدون تعقيدات بيروقراطية إلى سوق قادر على التنافس مع بورصة لندن."

وفي هذه الأثناء أصبح ما لا يقل عن 800 سهم يجري التعامل فيها من خلال مجموعة أسواق بلس, وغالبية هذه الأسهم يجري التعامل فيها بالتنافس المباشر مع بورصة لندن. ويزعم بريكلز أن بورصته في غالبية الحالات تقدم أفضل الأسعار, وأقل التكاليف. وقد أصبح 46 بنكا استثماريا ودار وساطة أعضاء في هذه الأثناء في مجموعة أسواق بلس. ويبدو بريكلز على قناعة بأن سوقه يقف على عتبة مستقبل مشرق.

ومن المعروف أن مجموعة أسواق بلس لا تزال عرضة للخسائر, ففي النصف الثاني من السنة بلغت خسائرها 802 ألف جنيه استرليني بالمقارنة مع 1.36 مليون جنيه للسنة الماضية بكاملها, غير أن الخسارة كانت متوقعة ضمن إطار تكاليف التأسيس, بينما ازداد حجم العمل في الوقت نفسه بنسبة 51 في المائة. ومن الواضح أن بريكلز أكثر من سعيد بهذه الوتيرة من النمو, وإن كان لا يريد أن يفصح عن توقعاته للأفق الزمني الذي ستبلغ عنده مجموعة أسواق بلس موجة الأرباح.
هذا وقد تقدم بريكلز في الآونة الأخيرة بطلب للاعتراف بمجموعة أسواق بلس كبورصة معترف بها دوليا. وهو يقول: "أعتقد أننا سنحصل على هذه الصفة قريبا جدا. " ثم يمضي إلى القول بأنه يخطط للتعامل بالمنتجات المالية المنوعة, والصناديق الاستثمارية والشركات العقارية التي يجري تداول أسهمها في الأسواق المالية.

أما بالنسبة لاحتمالات استحواذ بورصة ناسداك الأميركية على بورصة لندن فلا تراوده أية مشاعر بالخشية أو الفزع , في الوقت الذي يسود فيه القلق الأوساط المالية في لندن بسبب احتمالات فرض البنود الصارمة لقانون ساربانس- أوكسلي الأمريكي, في حالة نفاذ عملية الاستحواذ, و من المتوقع في هذه الحالة أن تكون مجموعة أسواق بلس أول ملاذ للاجئين من بورصة لندن. وينظر بريكلز لذلك بإيجابية و ويقول إن الرياح هنا تهب وفق ما تشتهي السفن.

الأكثر قراءة