الهبوط القوي للدولار يُنذر بانخفاض الأسهم الأمريكية
الهبوط القوي للدولار يُنذر بانخفاض الأسهم الأمريكية
ما أجمل أسواق الأسهم تلك التي ترتفع وتهبط باتزان دون تخبط أو عشوائية لتُعبر عن قوى العرض والطلب خير تعبير، ليس كتلك التي أسهمها تسير سويا في اتجاه واحد إن هبط المؤشر هبطت وإن ارتفع ارتفعت وسر انسجام السوق وانضباطه يعود إلى الإدارة الحكيمة للسوق وما في يدها من أدوات رقابة متقدمة وسلطة مطلقة، فلو نظرنا مثلاً إلى مؤشر "ناسداك" نجده قد غير مساره الهابط نحو الصعود في منتصف تموز (يوليو) وبدأ يتسلق صعوداً في هدوء حتى يومنا هذا وفي كل مرحلة من مراحل صعوده يحدث جني أرباح غير مؤذ وما حدث في الأسبوع الماضي هو جني أرباح أخذ شكل الحركة الجانبية وكانت هناك أسباب وجيهة أدت إلى بدء جني الأرباح أولها فني وهو وصول السوق إلى مرحلة التشبع بالشراء Overbought وثانياً وجد المتعاملون في السوق أن انخفاض الدولار أمام اليورو والين سبب وجيه في نظرهم ليقوموا بجني أرباحهم والابتعاد عن السوق.
بشكل عام كانت حركة الأسهم بطيئة ولعل قلة البيانات والمؤشرات الاقتصادية سبباً في هذا الهدوء كما أن أيام التداول انخفضت بسبب عيد الشكر، فمع بداية السوق استقبل المتعاملون عدداً من أخبار الصفقات بين الشركات فمنها الخبر الرئيسي وهو محاولة بورصة "ناسداك" الاستحواذ على سوق لندن للأوراق المالية ولكن عرضها قوبل بالرفض وهي تحاول أن ترفع من قيمة عرضها إذا طُلب منها هذا، كما أن بنك أمريكا عرض ثلاثة مليارات دولار مقابل الاستحواذ على وحدة تابعة لشواب Schwab تُسمى US Trust.
يوم الجمعة هبط الدولار بحدة أمام اليورو والين الياباني ومعه اندفعت أسعار الذهب وفي هذا الخبر وجد المتعاملون في السوق سبباً لجني أرباحهم وهبوط السوق مستقبلاً وهذا ما كنا نتحدث عنه في الأسبوعين الماضيين ونصحنا بأخذ الحيطة والحذر، وها هو الدولار يهبط ليُعطي إشارة وإنذار. لم يصدر في الأسبوع الماضي أي بيان اقتصادي ذو أهمية إلا رقم البطالة الذي ارتفع فوصل حتى الأسبوع الماضي إلى 321 ألفا، عودة إلى هبوط الدولار الذي يُقلق بقوة عددا من الدول التي تحتفظ في خزائنها بهذه العملة كاحتياطيات، فمثلا الصين لديها احتياطيات من الدولار بقيمة تريليون دولار أمريكي بعد أن كانت تحتفظ بمائتي بليون دولار فقط في عام 2001، بينما روسيا تحتفظ الآن بـ 270 مليار دولار أمريكي بعد أن كانت تحتفظ بعشرة مليارات دولار أمريكي في عام 1998م. هذه الدول وغيرها تعيش حالة قلق هذه الأيام لأن المزيد من الهبوط يعني الدخول في دائرة الخطر.
نعود لأخبار الشركات فقد أعلن عدد من الشركات عن نتائج أرباحهم للربع الثالث من أهمها شركات Dell وDeer التي كانت أرباحا جيدة كما أن شركة بوينج حصلت على صفقة قيمتها 5.5 مليار دولار بعد وصول طلب شراء من الخطوط الجوية الكورية مما عزز الموقف القوي للشركة، أما شركات مبيعات التجزئة فتعيش حالة من الزهو والترقب لنتائج مبيعات قوية وأقصد بها شركات مثل Wall-Mart وTarget وJ.C. Penney ولكن مع هذا فإن المؤشر العام لشركات مبيعات التجزئة وهو S&P Retail Index انخفض الأسبوع الماضي بشكل طفيف بنسبة 0.8 في المائة.
الأسبوع الحالي
ينتظر المتعاملون في السوق كما كبيرا من البيانات والمؤشرات الاقتصادية أهمها ما يتعلق بثقة المُستهلك وإنفاق الفرد، وهذا يعود إلى الاهتمام بقدرة المُستهلك على الإنفاق في موسم الأعياد الذي تُعول عليه الشركات الأمريكية كثيراً، كما أن البيانات المُتعلقة بقطاع المنازل يلقى اهتماماً، ذلك أن بيع المنزل يعني توافر سيولة في أيدي أفراد قابلة للتداول والاستهلاك كما أن الجميع بحاجة لمعرفة الوضع الراهن لقوة الطلب في سوق المنازل.
البداية مع مبيعات المنازل المُستخدمة في تشرين الأول (أكتوبر) الذي سيصدر غداً الثلاثاء ويُتوقع أن يرتفع عدد الوحدات المُباعة من 6.18 مليون وحدة إلى 6.2 مليون وحدة، يتبعها صدور بيان عن الطلب على السلع المُعمرة في تشرين الأول (أكتوبر) حيث يتوقع الاقتصاديون أن تهبط بنسبة 4.5 في المائة مقارنة بارتفاعها 8.3 في المائة في أيلول (سبتمبر).
أهم مؤشر ينتظره المُستثمرون هذه الأيام هو ثقة المُستهلك لشهر تشرين (نوفمبر) الذي يُتوقع أن يرتفع إلى 1.6 بعد أن كان 105.4 في الشهر الماضي، يليه يوم الأربعاء الإعلان عن معدل الناتج المحلي GDP بعد المراجعة الذي يُتوقع أن يصل إلى 1.8 في المائة مرتفعاً على مستواه قبل المراجعة والذي كان 1.6 في المائة، ومرة أخرى سينتقل اهتمام المُستثمرين إلى قطاع المنازل عند صدور تقرير عن مبيعات المنازل الجديدة في تشرين الأول (أكتوبر) حيث يُتوقع أن يصل إلى 1065 وحدة سكنية.
يوم الخميس سيتجه الاهتمام نحو تقرير يتحدث عن إنفاق الفرد ودخله في شهر أكتوبر ومؤشر PMI الذي قد يرتفع إلى 55.5 بعد أن 53.5 في تشرين الأول (أكتوبر)، ومن بعدهما سيُعلن عن مبيعات السيارات والشاحنات في تشرين الثاني (نوفمبر) ومن ثم حجم أعمال البناء في تشرين الأول (أكتوبر) ثم مؤشر ISM للخدمات في تشرين الثاني (نوفمبر) الذي ارتفع إلى 52.3 بعد أن كان 51.2 في تشرين الأول (أكتوبر).
التحليل الفني
ما زال "ناسداك" يقدم أداء جيداً على الرغم من أنه لم يرتفع خلال الأسبوع الماضي سوى 0.6 في المائة فقط وهي ما تُعادل أربعة عشرة نقطة فقط لكنه متماسك، من الناحية الفنية هو يسير في حركة جانبية متماسكا لم يقرر بعد إذا كان سيُكمل الصعود أو يهبط مكتفياً بما حققه من ارتفاعات خلال الفترة الماضية، "ناسداك" حالياً والمؤشرات الرئيسية الأخرى تعيش في حالة التشبع بالشراء ولكنها في بدايتها، حيث إن مؤشر RSI بالنسبة لـ "ناسداك" وصل إلى 73 نقطة.
أمام "ناسداك" مقاومة صغرى عند مستوى 2467 نقطة إذا تجاوزها فسيستمر في الصعود أي أنه تجاوز منطقة التماسك Consolidation التي كونها منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، أما إذا هبط متأثرا بالتشاؤم الذي حل على السوق بعد هبوط الدولار، وبالتالي زاد التشاؤم مع انخفاضه وزاد التفكير بقدرة الاقتصاد على النمو، فإنه عند هبوطه سيقف عند أول مستوى دعم أمامه وهو متوسط حركة عشرة أيام عند 2439 نقطة تقريباً، أما إذا هبط أكثر وأغلق تحت مستوى 2416 نقطة فهذه ستكون إشارة واضحة على الهبوط حتى مستوى 2400 نقطة حيث يوجد متوسط حركة 20 يوما ومعه يوجد المتجه الصاعد الذي بدأ يتشكل منذ منتصف آب (أغسطس) كما هو موضح على الرسم البياني.
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/MASHOOOR27.11.jpg" width="499" height="390" align="center">