ارتفاع فوائد لندن يرفع الاسترليني إلى أعلى مستوياته

ارتفاع فوائد لندن يرفع الاسترليني إلى أعلى مستوياته

بعد رفع بنك إنجلترا المركزي الفوائد فجأة في آب (أغسطس) الماضي، لم يعد لقرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي الصادر أخيرا وقع المفاجأة على أحد حيث إن جميع المحللين تقريبا في العاصمة البريطانية لندن كانوا يتوقعون قيام البنك المركزي الإنجليزي برفع الفائدة الأساسية إلى 5 في المائة، مما يعادل زيادة بنسبة 25 نقطة أساسيـة.
وتمثل هذه النتيجة أعلى قيمة فائدة سجلتها بريطانيا منذ خمسة أعوام. و في منطقة اليورو تبلغ قيمة الفائدة الرئيسة للبنك المركزي الأوروبي منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي 3.25 في المائة. ويتبع بنك الإصدار البريطاني منذ زمن يعدو زمن البنك المركزي الأوروبي سياسة رفع الفوائد على خطوات، والآن أخذ البنك ببطء يجاري مسار الماء نحو مستوى فائدة محدد نوعا ما، وهذا يعني أنه بدأ يستنزف سيولة من الاقتصاد البريطاني.
حتى ومع تأكيد ميرفين كينج محافظ البنك المركزي أن خطوة رفع الفائدة ليست بالمسألة الاعتيادية إلا أن النتائج الأخيرة للوضع الاقتصادي تلوح في الأفق ببوادر خطوة مقبلة: على الرغم من أن الاتجاه العام للفائدة في بريطانيا يسلك طريقا تصاعديا إلا أن نسبة التضخم المالي من جهة تكسر حاجز 2 في المائة والتي يسعى البنك المركزي إلى تحقيقها، وكذلك أسعار البيوت من جهة ثانية تسير طريقا دائما إلى الأعلى والأغلى.

النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث كان قويا لدرجة لم تشهدها بريطانيا منذ عامين اثنين، كما واصل الاستهلاك انتعاشه مع إقبال المستهلك على الشراء هذا على الرغم من ارتفاع قيمة تسديد الرهونات و زيادة أسعار البنزين. وفي قطاع التجارة بالتجزئة بلغت نسبة ارتفاع الأسعار أعلى مستوى لها منذ عامين. وكردة فعل على هذه التطورات حذر إيد بولس وكيل وزارة المالية المستشار السياسي لـجوردون براون من مغبة ما يفعله البنك المركزي وقال "بنك إنجلترا المركزي يجب أن يتعامل الآن بحذر ويقظة". وعلى العكس من الولايات المتحدة، حيث تتنازل الاحتياطات الفيدرالية عن انتهاج خطوة تالية لرفع نسبة الفائدة، يُتوقع أن يقوم بنك إنجلترا المركزي مع مستهل العام المقبل بخطوة أخرى لرفع الفائدة إلى 5.25 في المائة.
السبب الوحيد والذي من الممكن أن يقع ضمن دائرة النقاط السلبية فيما يتعلق باتخاذ قرارات الفوائد، هو من المحتمل سوق العمل الضعيف، حيث إن نسبة البطالة في بريطانيا آخذة في النمو. ولكن, ومع إمعان النظر, يتجلى أن نسبة البطالة العالية هي نتيجة الهجرة المتزايدة للأيدي العاملة من شرق أوروبا وبسبب الإسهام العالي للمرأة وكبار السن في مجال العمل. وهذا قد يكون أيضا السبب لماذا لم تصب مخاطر التضخم المالي الناتجة عن أسعار الطاقة المرتفعة في ما يسمى بتأثيرات المرحلة الثانية، أي بالأحرى في اتفاقية أجور أعلى؟ وقد أدت في بريطانيا الهجرة المتزايدة للأيدي العاملة الرخيصة من شرق أوروبا إلى بقاء تضخم الأجور محصورا إلى أبعد الحدود في نطاق الأجور المتدنية.
ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة المتوقع من بنك إنجلترا إلى دعم ما يسمى ( التجارة المنقولة) في الأسواق المالية. من خلال هذه الصفقات يأخذ المستثمرون قروضا مالية في الدول ذات الفوائد المتدنية من أجل تحقيق الأرباح من وراء فرق الفوائد الناتجة عن استثمار هذه الأموال في الدول ذات الفوائد العالية. وتزيد الفوائد المرتفعة نسبيا في بريطانيا إذا ما قورنت مع منطقة اليورو والولايات المتحدة، من قيمة سعر صرف الجنيه الاسترليني، فقد ارتفع سعر الجنيه الاسترليني مقابل اليورو إلى 1.49 يورو لكل جنيه إسترليني، وهذا يعتبر أكبر سعر صرف له منذ حزيران (يونيو) 2005.

الأكثر قراءة