الرياضيات .. شبح يرعب الطلاب .. كيف السبيل إلى حبها؟
الرياضيات .. مادة مخيفة وشبح يرعب الطلاب منذ الصفوف الأولية وحتى التخرج من الثانوية، يرسب فيها الطلاب وترهق المعلمين شرحا وجهدا وتصحيحا.
"الاقتصادية" أجرت دراسة مسحية ميدانية ووزعت استبانة على نحو ثلاثة آلاف طالب من مراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، حول المادة التي تكرهها، فكانت النتيجة أن 1600 طالبا يأنفون من مادة الرياضيات ويعتبرونها عقدتهم أي نحو 53 في المائة، فيما توزع الباقون بين مواد: الفيزياء، الكيمياء، الإنجليزي، والقواعد وبعض المواد الأخرى.
سليمان المحيميد المشرف التربوي في مادة الرياضيات علق على هذه الدراسة قائلا: إن التأهيل التربوي للمدرسين ضعيف، لافتا إلى أن المعلم تجده في الجانب النظري جيدا لكنه لا يستطيع تطبيق ما يقول في الواقع.
ورمى المشرف المحيميد الكرة في ملعب الآباء، مبينا: مادة الرياضيات بعبع نقله أولياء الأمور إلى نفوس طلابهم منذ الصغر، وأستغرب من الأسر عدم تواصلها مع المدارس وعدم الاهتمام إلا حين يستدعى ولي الأمر لحضور مشكلة، والحقيقة أن دور الأسرة ضعيف في تنمية حب الطالب للمادة وبمجرد خروجه من المدرسة ينسى كل ما يدور فيها.
وأردف: حينما أزور المعلمين في الميدان أطلب منهم مداعبة الطلاب في الحصة كي لا تكون المادة العلمية أكثر جفافا ومراعاة لسيكولوجية الطالب.
في السياق ذاته، أشار أحمد الزهراني معلم الرياضيات في مدرسة الأندلس الثانوية، إلى أن مادة الرياضيات تحتوي على معلومات صعبة وشاملة، مشيرا إلى أن الطالب في الثانوية يجب أن يكون ضليعا في كل نظريات الرياضيات من الصفوف الأولية إلى الثانوية لأنه يحتاج إلى معلومات سابقة ولاحقة كي تسهل عليه المادة.
وأشار الزهراني إلى أنه لا يشرح سوى 30 في المائة من المنهج الموجود في الكتاب، موضحا أن المنهج متشعب ويحتاج إلى فترات طويلة للإحاطة به.
وأرجع سبب كره الطلاب للمادة إلى أن الطالب يريد أن يرتاح ويتعبه التركيز مع المعلم في الدرس، وقال: في حالة سرحان الطالب لثوان معدودة في الدرس يصعب عليه جدا فهم الدرس.
من جانبه، عقب عبد الرحمن السلمي معلم رياضيات في مدرسة ثانوية، على ما مضى قائلا: هل هي حقيقة أم ضرب من الخيال؟ أم هي حيلة نفسية لتبرير الكسل وجمود العقل.
وتابع: أوجِّه لهؤلاء الكارهين لمادة الرياضيات أسئلة مباشرة: كم يبذل من جهد لها؟ كم يدم من وقته؟ وكم يقدم من تركيز أثناء الشرح؟
وأكد المعلم السلمي أن أسلوب بعض المعلمين في عرض المادة وتعود المجتمع على التلقي دون الاهتمام بالتفكير وطول المنهج وكثرة الحصص قد يؤدي إلى السأم الذي يتحول مع الوقت إلى كراهية.
ونبَّه السلمي إلى الحاجز النفسي الوهمي الذي بناه الطالب قبل أن يحضر إلى المدرسة من المنزل والسمعة المخيفة لمادة الرياضيات في المجتمع.
في السياق ذاته، أكد راكان الفايزي طالب في إحدى المدارس الثانوية، أن مادة الرياضيات مقياس لتميز الطالب، معللا ذلك: لأنها تحتاج إلى تفكير عميق.
وبين أن كره الطلاب لمادة الرياضيات يعود إلى صعوبة المادة أولا وازدياد صعوبتها كلما انتقل إلى مرحلة جديدة لأنها تعتمد على الدروس السابقة والسنين الماضية.
وتابع: أيضا من الأسباب تعقيد الكتاب لبعض المواضيع وصعوبة شرحها وبالتالي صعوبة الفهم والإدراك عند الطالب، مضيفا: الحقيقة أن من الأسباب بخلاف ما سبق المعلم، لأنه هو من يقرب المادة وهو من يبعدها.
واختتم الفايزي حديثه قائلا: أرجو من معلمي الرياضيات أن يحاولوا قدر المستطاع أن يجعلوا المادة أكثر سهولة وانسيابية، لأن الإنسان لن يتقدم ولن يتعلم ولن يستفيد إلا إذا أحب.