Author

شركات عائلية تتخلص من شركاتها

|
[email protected] تثيرني قصة مدير الشركة الذي أراد أن يستقطب محاسبا لديه، فسأل المدير هذا الموظف الجديد سؤالا بسيطا يجدي مع طالب ابتدائي، سأل المدير المحاسب الجديد: كم يساوي حاصل جمع 2 و2؟ فقال المحاسب الجديد: كم تريدها يا سعادة المدير خمسة أو ستة أو صفر أم ماذا؟ وهذا ما كان يبحث عنه مدير الشركة، أي أرقام يريدها لا كما تريدها الأوراق والسجلات المحاسبية، لأن مدير الشركة سيحتاج إلى الكثير من اللعب بالأرقام، سواء للبنوك أو الميزانيات والضرائب وغيرها. وهذا ما يحدث الآن من تسابق الشركات العائلية التي تنوي أو فعلا تتجه لطرح أسهمها في سوق الأسهم السعودية. أصبحت هذه الشركات تتلاعب بصورة رسمية دون أدنى خجل أو مصداقية أو أصبحت تضع الأرقام بمقاسات خاصة ومواصفات ومقاييس لكي تناسب كيفية أن يكون المكرر الربحي أقل من 20، وأن الشركة لديها حقوق مساهمين ومبيعات متنامية، وأن هذه الشركات العائلية تضع مديونياتها في شركات شقيقة مستثمرة، وتضع أصول هذه الشركة خارج المملكة حتى يصعب حصرها أو إثبات ملكيتها أو تقييمها ماليا استغلت هذه الشركات العائلية التي تعاني داخليا وتحاول التخلص من شركاتها من خلال طرحها في السوق بعلاوات إصدار ستفوق أسعارها مع الوقت أسعار شركات قيادية وبنوك فقط من خلال علاوات الإصدار، ستحصل هذه الشركات التي استغلت الخلل بتدقيق الأرقام، وكل جهة حكومية تلقي اللوم على الأخرى. لا شك أن الخلل واضح لدينا في أسلوب وسلوك طرح الشركات العائلية، ولن أدخل بلغة أرقام في هذه المساحة المتاحة لي، ولكن يجب أن تعاد صياغة وحسابات طرح الشركات العائلية. ونلاحظ أن الشركات العائلية التي طرحت لم يكن حضورها هناك إلا من خلال شركتين أو ثلاث على أكثر تقدير، وأن الأسلوب الذي يتبع الآن للموافقة على طرح الشركات العائلية، وبهذا الحجم من علاوات الإصدار، هو استغلال لوضع السوق والاقتصاد، للتخلص من هذه الشركات واقتناص أكبر قدر من السيولة لسداد الكثير من الالتزامات التي على الشركة. إن الخلل واضح من خلال هذه الأرقام الفلكية لعلاوات الإصدار لشركات عائلية لا يدقق بميزانياتها من خلال هيئة سوق المال والتدقيق وفق معايير محاسبية تحد من هذا الإقبال المتزايد للشركات العائلية الصغيرة على دخول السوق. هذا القبول للشركات وطرحها في السوق وهي الأصغر غالبا، سيشجعان الكثير من الشركات العائلية على دخول السوق، وبذلك تتزايد لدينا الشركات الهشة ماليا والتي تعاني ماليا، أيا كان نشاطها. أصبح زخم دخول السوق عاليا جدا، والتقدم لدخول السوق أكبر، والرغبة في الطرح في السوق لا يتردد معها أي صاحب شركة عائلية. أتمنى على هيئة سوق المال، ووزارة التجارة، حتى وإن كان هناك متعهد تغطية للاكتتاب، أن تعاد لوائح وأنظمة دخول الشركات العائلية للسوق، إلا وفق معايير مالية صارمة، وملاءة مالية عالية وحقيقية، وأرقام تحتاج إلى إخضاعها للجنة أو لجان محاسبية دقيقة ليس هناك مجال تصنيفها. لا نريد شركات عائلية تتضخم رؤوس أموالهما من جيوب المواطن البسيط الذي يعتقد كل ما يطرح مربح وأنه مثالي لأن الجهات المسؤولة وافقت عليه. نريد شركات أكثر قوة ماليا، وواضحة الأرقام، لا تعقيدات "ولف ودوران" في الأرقام ومشاريع كبيرة، وإظهارها بأزهى الصور، وهي في الحقيقة ليست كذلك. يجب أن تعاد صياغة أسلوب قبول الشركات العائلية أيا كانت لإدراجها في السوق، فهل وُجدت الأنظمة والقوانين التي تضبط ذلك بكل صرامة ودقة ووضوح؟ أم نستمر على هذه الوتيرة بقبول كل متقدم، وامتصاص أموال المواطنين بلا مبرر، وبموافقة الجهات المسؤولة عن السوق المالي السعودية؟ نريد وقف هذا الذي يحدث والاندفاع في طرح الشركات ولعل وعسى أن ننقذ ما يمكن إنقاذه، وأن السوق ليست وسيلة لهروب العائلات من شركاتهم المتعثرة أو بيعها بربح عال ومضاعف!!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها