عدد المتقاعدين يفوق عدد الأطفال في اليابان
لأول مرة منذ ستة عقود من الزمان ينخفض عدد سكان اليابان. فكما أعلنت حكومة طوكيو الثلاثاء الماضي رسمياً، فقد تراجع عدد السكان العام الماضي، وبالتالي أكدت الحكومة على التقديرات الحالية، بأن ثاني أكبر موطن في العام وصل في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2004 بنحو 127.8 مليون نسمة إلى ذروته من العدد السكاني، ومنذ ذلك الحين زاد عدد الوفيات على عدد المواليد. وبهذا لوحظ في عام 2005 أول تراجع منذ الحرب العالمية الثانية.
ونظراً لهذا السبب تعزز الشركات و الحكومة من جهودها للعمل على التنمية السكانية في الدولة. وفي الوقت الراهن، تقدّم مجموعة تويوتا، وتوشيبا لطلاب الكليات العليا عقود عمل ثابتة قبل انتهاء مراحلهم الأكاديمية بعام واحد، بهدف شغل المناصب الشاغرة بأيد عاملة مؤهلة. وكذلك على النساء أن يُضاعفن أدوارهن في الشركات. "لطالما كانت فرص العمل المتاحة للنساء محدودة"، حسبما ورد عن نوريكو نومورا، من مجموعة تصنيع السيارات، نيسان. وبدت الفرص بالنسبة للأمهات شبه معدومة تقريباً. ولهذا السبب قررت الحكومة العام الماضي اتخاذ حزمة من الإجراءات المتقدّمة لرفع معدل المواليد، الشيء الذي يحقق توافقاً أفضل ما بين المهنة والعائلة. واثنتان من هذه الخطط الخماسية كانتا موجودتين في الماضي، وبقيت نتائجهما متواضعة.
وتقدّر علوم السكان لمؤسسة البحث الوطنية للتنمية السكانية والأمن الاجتماعي للأعوام المقبلة تراجعاً مستمرا للسكان. وبناءً عليه، سيقل عدد السكان في اليابان حتى عام 2030 عن 120 مليون نسمة. ومن الممكن حتى عام 2050 أن يصل العدد إلى حدّ 100 مليون نسمة. وإن هذا التراجع سيلحق به نتائج على النمو الاقتصادي، والدخل الضريبي للحكومة، وكذلك على صناديق الأجور التقاعدية، والاجتماعية، حسبما ورد عن تاكشي أوشيو من مؤسسة التنمية السكانية. واليوم تُعتبر الحكومة اليابانية مدينة بما يزيد على 5.5 مليار يورو، أو ما يعادل حجم الناتج الاقتصادي مرة ونصف المرة. ونظراً للنمو السكاني يُعتبر وضع الأنظمة الاجتماعية في الدولة حرجاً. وبناءً على المعطيات الإحصائية الأخيرة، يعيش في اليابان 17.5 مليون طفل. وهذا يعني 13.7 في المائة من الحجم السكاني الإجمالي. وهذه النسبة هي الأقل منذ التعداد السكاني الموثوق الأول في بداية العشرينيات. وبالتالي يفوق عدد المتقاعدين عدد الأطفال باستمرار.
وفي الوقت الراهن يعيش في الشرق الأقصى نحو 25.67 مليون نسمة في عمر التقاعد. وبالتالي فإن واحدا من كل خمسة من المواطنين اليابانيين متقاعد. وما قبل عشرة أعوام كانت ما تزال النسبة واحدا من كل ستة، ومن الممكن أن تصل النسبة خلال العقد المقبل إلى واحد من كل أربعة. ويبلغ العمل العمري المتوقع في الجزيرة نحو 78 عاماً للرجال، و85 عاماً للنساء، وكذلك بدأ يصل الآن جيل "طفرة – المواليد" بعد الحرب العالمية الثانية إلى عمر التقاعد.
وبينما بالكاد يبلغ معدل المواليد اليوم نحو 1.25، بلغ المعدل في فترة الأربعينيات بالمعدل نحو 3.4. وعقب الحرب الخاسرة فاضت اليابان بموجة من مئات الآلاف من اللاجئين من المقاطعات المحتلة في الصين وكوريا. وفي الأعوام الخمسة الأولى ما بعد الحرب ولد نحو 12 مليون طفل. وفي عام 1949 شرّعت سلطات الاحتلال الأمريكية بالتعاون مع البيروقراطية اليابانية الإجهاض. ومنذ ذلك الحين انخفض عدد المواليد في فترة الخمسينيات. وخلال عام 1947 ولد نحو 2.6 مليون طفل، أصبحت عقب عشرة أعوام نحو 1.6 مليون طفل. ومع جيل طفرة المواليد في فترة ما بعد الحرب يصل الآن نحو سبعة ملايين شخص إلى فترة التقاعد. وهذه نحو 8 في المائة من الحجم السكاني العامل.
وتقدّر الحكومة عدد الناس في عمر القدرة على العمل والإنتاج فعلياً بنحو 84.1 مليون فرد. وهذه تعادل نحو 66 في المائة من الحجم السكاني الإجمالي. وحتى عام 2020 ، بناءً على معطيات مؤسسة البحث للتنمية السكانية سينخفض عدد اليابانيين القادرين على العمل إلى 74 مليون نسمة. وتشير هذه إلى نسبة محتملة في المستقبل تصل إلى 60 في المائة من الحجم السكاني الإجمالي. وتعادل النسبة ما لا يزيد على أربعة موظفين مقابل متقاعد واحد.
وهذا يضع صناديق الأجور التقاعدية تحت ضغط هائل. وللتخفيف من حدة الوضع الذي ترزح تحته الصناديق، قرر المشرّعون رفع قيمة المساهمة في صناديق الأجور التقاعدية من 13.6 إلى 18.3 في المائة. ومن ناحية أخرى، يتم تقليص خدمات الأجور التقاعدية من 59 إلى 50 في المائة من معدل الأجر الأخير. وكذلك على المتقاعدين مثل المرضى الذين يدفعون نحو 30 في المائة من تكاليف الطبيب أن يدفعوا من جيوبهم الخاصة.