أين نحن من رمضان؟

<a href="mailto:[email protected]">khaled@arabnews.com</a>

صادف دخول شهر رمضان المعظم هذا العام، يوم الاحتفال باليوم الوطني وهو السبت 23 أيلول (سبتمبر) 2006م مما جعل فرحتنا فرحتين.
وخص الله سبحانه وتعالى شهر رمضان الكريم بكثير من الخيرات فجعل ثواب صيامه وقيامه هو العتق من النار وقال عنه "كل عمل ابن آدم له إلاَّ الصيام فهو لي وأنا أجزي به".
وإلى جانب الطاعات، والعبادات، والصيام، والقيام، فهذا الشهر المبارك هو شهر السمو بالنفس، وطهارة اليد، وعفة اللسان، والإحساس بآلام الآخرين خاصة الفقراء والمحرومين والتصدق عليهم، والإحسان للمساكين، ولذوي القُربَى وعمل كل ما يؤكد إنسانيتنا ورفعة أخلاقنا في هذا الشهر الكريم.
وعلى كل إنسان أن يسأل نفسه ماذا فعل من الطاعات والأعمال الصالحات ما يشفع له عند الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الكريم؟ وعلى كل إنسان أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب وأن يقيم أعماله ليعرف ما إذا كان قد حقق الغرض من صومه.
ويؤلمني كثيرًا أن البعض في هذا الشهر الفضيل يبعد ويشطط في تصرفاته تحت حجة أنه صائم، فبالأمس شاهدت موقفًا آلمني كثيرًا فقبل أذان المغرب رأيت شابًا (سعوديا) وهو ينهال بالضرب على سائق ليموزين من الجنسية الآسيوية، وبعد أن انتهى من ضربه كان في منتهى السعادة، سبحان الله، هل هذا هو الخلق والتسامح الذي أمرنا به،  خصوصًا ونحن صائمون، فالصوم جنة والصوم سمو للروح.
وما هي إلاَّ بضعة أمتار ووجدت كثافة من الناس وقد اصطفت في منظر يتكرر يوميًا أمام أحد باعة الفول والأمر إلى هذا الحد عاديًا، لكن ما هو غير عادي أن البعض حاول أن يسبق آخرين في الصف،  ما أثار شجارًا أيهم أحق بالدور، وما انتهى إليه الأمر من إغلاق الطريق للسيارات أمام محل الفول، وأنا أخشى ما أخشاه أن يتحول الصراع للحصول على الفول قبيل الأذان إلى قتال بين عشاق الإفطار بالفول، وأقترح على أمانة مدينة جدة لتخفيف الزحام ودرء المشاجرات أمام محلات الفول أن يتم نقلها إلى خارج الأحياء والشوارع المزدحمة،  خصوصًا في شهر رمضان.
وما دمنا في خلق رمضان وما يجب أن يتحلى به المسلم الصائم أشير هنا إلى قضية قديمة جديدة، هي قضية احترام إشارات المرور، فللأسف في شهر رمضان يزداد كسر الإشارات وتكثر الحوادث كما تفيد إدارة المرور، والسبب حجة الخايب، كما يقولون، أنا صائم وهذا أمر يستحق الانتباه إليه جيدًا حتى لا تصبح الأعذار مبررة، فمنذ أيام وأنا واقف في إشارة تقاطع طريق المدينة مع شارع صاري فوجئت أن الإشارة حمراء وأكثر من 17 سيارة تقطع الإشارة وكأنها غير موجودة فهل هذا يعقل في شهر الواجب فيه أن نكون أكثر سموًا بنفوسنا عن أي وقت آخر ؟
كما يلاحظ أن بعض المستعجلين من الذين لا يأتون إلى المساجد إلاَّ بعد سماع الإقامة ويوقفون سياراتهم أمام بوابات المنازل،  ومنهم من يتعمد إيقاف مركباتهم وسط الطرقات الضيقة فيسدون بذلك مخارج البيوت على أصحابها ويغلقون الشوارع والطرقات على الآخرين.
السلبيات في هذا الشهر الفضيل يجب أن تنتهي من حياتنا بدل أن تزداد، ففي بعض الأماكن إذا قصدت أداء عمل تفاجأ بالموظف الذي لا يقوم بواجبه كما ينبغي بحجة أنه صائم، وهذا أمر يخالف أيضًا طبيعة الصوم والهدف منه، فالتقاعس عن أي عمل بسبب الصوم هو عذر غير مقبول، إن لم يكن قبيحًا، فرمضان هو شهر لاختبار الإرادة وامتحان قوة التحمل، حيث تسيطر على شهوات النفس الرخيصة وتتغلب عليها، كما أنه شهر لتقييم أعمالنا وإصلاح حالتنا وليس شهرًا للجوع نهارًا والتهام أطيب أنواع الأطعمة ليلاً، وأنا شاهدت في عزائم ودعوات إفطار وسحور حجم الأطعمة الزائدة عن الحد التي تقذف في صناديق القمامة.
وصادف رمضان في جدة هذا العام الانقطاع المتواصل للمياه التي هي مصدر الحياة ما يزيد معاناة الصائمين ويزيد في أجرهم إن هم صبروا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي