مؤسسات مالية ماليزية توجّه خدماتها الإسلامية إلى دول الخليج
بدأت بوادر ظهور مرحلة جديدة استثمارية تلوح في الأفق تجاه شركات الخدمات الإسلامية الماليزية وبنوكها عقب أن بدأت هذه المؤسسات أخيرا بتصويب أنظارها نحو منطقة الخليج ولا سيما عقب إدراكهم أنهم تجاوزوا منافسيهم بعدة أشواط (بعد مرحلة تأسيس دامت عقدين) وأصبحوا الوحيدين الجاهزين في الساحة العالمية لتقديم مثل هذه الخدمات, مما ينبئ بظهور موجة استثمارية مشتركة مع المستثمرين الخليجيين نظرا لخصوبة قطاع المالية الإسلامية الذي لم يستغل بعد كما أجمع مراقبون ماليزيون التقت بهم "الاقتصادية". والذين كان من ضمنهم المدير التنفيذي ميرلين كاسيمير من MATRADE وهي الذراع الترويجي للتجارة الخارجية الماليزية، وأكد ذلك بقوله "يبدو أن هناك فجوة استثمارية في تقديم الخدمات المالية المتواكبة مع الشريعة في منطقة الخليج لم تستغل بعد من قبل الشركات الماليزية".
وتتجلى رغبة تشجيع الاستثمارات مع الدول الخليج بقيام الحكومة الماليزية بافتتاح مكاتب MATRADE في جدة ودبي. ويعكف المكتب على تقديم أنواع الخدمات والمعلومات للمستثمرين الخليجيين والماليزيين كافة على حد سواء.
البداية
ولعله من المفارقات أن أولى هذه المبادرات قد جاءت من مؤسستين ماليتين سعوديتين عندما تقدمتا لبنكRHB بعرض الدخول في مشروع مشترك لتأسيس بنك استثماري إسلامي في السعودية قبل نحو ثلاثة أشهر.
تقنية المعلومات
ولا تقتصر تلك الخدمات على المالية فقط بل تمتد أيضا إلى تقنية المعلومات. وكشف لـ "الاقتصادية" رئيس شركة skali تينجكو فاريث (وهي متخصصة في تقديم حلول تقنية المعلومات لشبكات ومواقع المؤسسات المالية والحكومية) عن نيتهم في دخول سوق المصرفية السعودية ولا سيما الإسلامية منها نظرا لأن skali قد سبق لها أن قامت بهذه التجربة نفسها مع بنك CIMB الماليزي وبيت التمويل الكويتي. وساهم نجاحها في تقليل كمية لا يستهان بها من التكلفة على هذين البنكين الإسلاميين. وعن الوقت المحدد للدخول يقول"على الأغلب سيكون ذلك في النصف الثاني من 2007".
الموجة الأولى
ذكر المدير العام التنفيذي لشركة الخدمات المالية الإسلامية Aseambankers، سوراتشيت تشيباتاما، أنهم بصدد توسيع نطاق خدماته المالية الإسلامية إلى الأسواق الشرق أوسطية.
وأخبر صحيفة "ستاربيز" أخيرا أنهم ينوون تصدير خبرتهم إلى الأسواق المناسبة، كالخليج وإندونيسيا.
وقال أيضاً إن هذا التركيز يأتي في الوقت المناسب، لأن ماليزيا هي السوق الأكثر تطوراً من حيث رأس المال المخصص للإقراض، ويمكن أن يكون للتمويل الإسلامي تأثير على عمق السوق.
وأضاف أن أكثر من 92 في المائة من السندات الإسلامية الصادرة حتى نهاية حزيران (يونيو) يتم بموجب عقود الإجارة، والاستصناع، والمشاركة، والمضاربة، وتندرج خدمات المالية الإسلامية التي تقدمها الشركة على تحويل الأسهم لتكون متداولة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية في بورصة ماليزيا، هذا إلى جانب وجود ودائع إسلامية للاستثمار العقاريREIT، وصناديق إسلامية للتطوير العقاري.
ومن الأدوات الأخرى الموجودة، طلبيات الشراء لغرض معين وفقاً للشريعة الإسلامية، والضمانات الإسلامية، وswap الإسلامية (نسبة الربح والفرق في أسعار العملات)، وخيارات الأسهم الإسلامية، وعقود شراء العملات وتسديدها لاحقاً بالسعر الحالي.
ولاحظ سوراشيت أيضاً أن منتجات الدخل الثابت التقليدية أخذت تتحول بصورة متزايدة لتكون متمشية مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا يعني بالنسبة للجهات التي تصدرها إمكانية الوصول إلى سوق أوسع، في ضوء مصادر التمويل الإسلامية المتنامية.
البحث عن السيولة الخليجية
ويسعى بنك Affin الماليزي لتكرار تجربة شركة "خزانة" الماليزية التي استحوذ الخليجيون على 27 في المائة من صكوكها التي أصدرتها قبل شهرين.
فوفقا لوكالة بيرناما، فقد قامت الجهة المسؤولة عن مشروع Suncity في مدينة لاهور بتعيين بنك BHD الاستثماري كوكيل مشارك لتدبير الممولين للمشروع. وهذا المشروع عبارة عن مشروع تطويري مختلط بقيمة 250 مليون دولار أمريكي.
وسيتم جمع التمويل اللازم لهذا المشروع الذي يعرف بمشروع موقع قناة Suncity في أسواق المال العالمية عبر أوراق صكوك المشاركة وسيباشر البنك عما قريب بحملة دعائية لاستقطاب المستثمرين الخليجيين، والمؤسسات المالية العالمية الأخرى.
ومنذ فترة وجيزة، قال الدكتور أواب شيخ أبود، رئيس بنك أفين الاستثماري: "لدينا دلائل قوية على اهتمام المستثمرين بهذا المشروع، وإننا واثقون من جذب المزيد من الأموال والاهتمام الشرق أوسطي إلى منطقة آسيا.
التنافس مع الخليج
وفي أحد المؤتمرات الصحافية، طُلب من خالد بهيميا، الرئيس التنفيذي لبنك RHB الإسلامي، أن يعلق على المركز المالي الإسلامي الماليزي الذي تقترح الحكومة إقامته، فأجاب أن هناك حاجة إلى المزيد من اللاعبين الأجانب لجعل ماليزيا مركزاً عالمياً بصورة حقيقية.
وأضاف قائلاً:"إن الحكومة وبنك نيجارا المركزي يركزان جهودهما لتقديم هذه الفرص الرائعة للمصارف الأجنبية لكي تأتي إلى البلد وتؤسس عمليات إسلامية من أجل القيام بتعاملات خارجية.
وأضاف قوله: "عندها فقط، تستطيع هذه البنوك أن تتنافس مع دبي، والبحرين، والآن سنغافورة.
وأبدى بهيميا تفاؤله بشأن قطاع التمويل الإسلامي والتكافل في ماليزيا، ولكنه حث اللاعبين المحليين على أن يتسموا بالقدرة على التنافس والتكيف لمواجهة المنافسة الخارجية.
وأضاف: "هناك تنافس الآن على أجزاء معينة من المنتجات مع البلدان الخليجية. إننا نحاول أن نكون في ملعب مستو معها. فالضريبة لديهم صفر، وعلينا أن ننافس ذلك".
وتنتشر البنوك الإسلامية على نطاق واسع في ماليزيا في ضوء الطلب القوي على الخدمات المالية الإسلامية، وفي ضوء الحوافز التي تقدمها لها الدولة بهدف تحويل البلد إلى مركز عالمي للتعاملات المالية الإسلامية.
ويعتبر هذا القطاع الأسرع نمواً بين القطاعات المالية في ماليزيا ذات الأكثرية المسلمة، وهو يتوسع بنسبة 19 في المائة سنوياً.
وتريد ماليزيا أن توسع موجودات البنوك الإسلامية إلى 20 في المائة من إجمالي الموجودات المصرفية بحلول عام 2010، وذلك من 12 في المائة حالياً. وتوجد في ماليزيا أيضاً أكبر سوق للسندات الإسلامية في العالم، وقامت بتطوير إطار تشريعي شامل للتمويل الإسلامي.