الأنظمة المحاسبية والتصنيف .. لا مبرر للقلق
أصبح موضوع أنظمة المحاسبة الدولية ما بين عشية وضحاها مادة للجدل في العديد من الشركات ذات الحجوم المتوسطة. ويسود ثمة نوع من الخشية بأن تواجه هذه الشركات صعوبات جمة في الحصول على قروض بنكية بسبب تلك الأنظمة. إن القلق كبير ولكنه في الحقيقة لا مبرر له، لأنه عند اتخاذ القرار بمنح أو عدم منح القرض, وفي ظل أية شروط, لا يعتبر النظام المحاسبي المعتمد في إعداد الحسابات السنوية الختامية هو العامل الحاسم.
إن العديد من الشركات متوسطة الحجم تخشى من أن نظام التصنيف الذي اعتمدته قرارات " بازل 2 " يرغم هذه الشركات على التحول ذاتيا من النظم المحاسبية التي تعتمدها الآن إلى نظام المعايير الدولية للإفصاح المالي. ولكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. حيث إن المكانة الاقتصادية الفعلية، وبالتالي الجدارة(IFRS) الائتمانية للشركة, تعتمد في النهاية على نجاحات الشركة وعوامل المخاطرة, وهو ما لا تحكمه ولا تؤثر فيه المعايير الدولية للإفصاح المالي. كما أنه لا معنى، من الناحية الاقتصادية، لنتيجة التصنيف التي تتغير وفقا للنظام المحاسبي المتبع. ذلك لأن هذا يمكن أن يؤدي إلى إعطاء صورة مهزوزة عن الوضع الاقتصادي للشركة, ومن ثم إلى أخطاء في عملية منح القروض. ومن أجل الحيلولة دون ذلك, على وجه الدقة, لم يوص " بازل 2 " لا من بعيد ولا من قريب بتبني معايير محاسبية محددة, كما أن المشرع ليست لديه النية بإلزام المشروعات المتوسطة الحجم على تبني أنظمة محاسبية محددة.
وبعد جلاء الصورة بالنسبة لموضوع التصنيف, فإن ثمة، على أية حال، حوافز اقتصادية مالية أخرى تستدعي التحول إلى نظام محاسبي يستند إلى المعايير الدولية. ومما لا شك فيه أن المؤسسات المصرفية على أتم استعداد لتبني مثل هذه المعايير كنوع من أنواع التحضير لعملية التصنيف. ففي إطار عملية التصنيف يمكن تحليل الموازنات وفقا للمعايير الدولية للإفصاح المالي, ولكن أيضا وفقا للمعايير التي حددها القانون التجاري الألماني. أما فيما يتعلق بنتيجة التصنيف فإن تعديلات مختلفة يجري إدماجها بمنهجية التقويم والتوزين للتمييز بين الرأس المال الداخلي و الرأسمال الخارجي وفقا لمعايير المحاسبة الدولية رقم 32. ومن المعروف أن هذه المعايير تسبب الكثير من الإشكالات للمشروعات المتوسطة الحجم بشكل خاص عندما تأخذ الشكل القانوني لشركات الأشخاص. ومن المعروف أن تعديل قانون الشركات الألماني عرف الرأسمال الداخلي لشركات الأشخاص التجارية بموجب معايير المحاسبة الدولية رقم 32 بطريق مختلفة عن تعريفها الوارد في القانون التجاري الألماني بحيث لم يعد ثمة تمييز واضح بين الرأسمال الداخلي والخارجي, وإن كانت البنوك في وضع يمكنها من تمييز ذلك. ولهذا ففي أثناء القيام بعمليات التصنيف يجري في الغالب تصحيح التشوهات التي علقت بصورة المركز المالي. أما الخشية من أن تراجع حصة الرأسمال الداخلي كما يظهر في الحسابات المعدة وفقا للمعايير الدولية للإفصاح المالي سيحرم الشركة مستقبلا من إمكانية الحصول على تسهيلات ائتمانية أو يمكن الحصول عليها ولكن بشروط قاسية, هي خشية لا أساس لها. حيث إن مجلسا لمعايير المحاسبية الدولي (IASB) تفاعل مع الانتقادات التي وجهت لمعايير المحاسبة الدولية رقم 32 وقدم, نتيجة لذلك, مسودة معدلة لتلك المعايير. ومن المنتظر أن تؤدي تلك التعديلات مستقبلا إلى تحسين عملية التمييز بين الرأسمال الداخلي والخارجي خصوصا بالنسبة إلى شركات الأشخاص.
إن تقارير الحسابات السنوية الختامية، بغض النظر عن النظام الذي أعدت بموجبه, هي كيانات معقدة, وثمة خشية من أن تظل تحتوي على تباينات رغم ما يدخل عليها من تعديلات وتصويبات آلية ويدوية وذلك بسبب اختلاف المعايير التي تعتمدها الشركات. إن الاختلافات في إعداد الموازنات ومبادئ التصنيف يمكن أن تؤدي على سبيل المثال إلى إظهار رأسمال الشركة الذاتي بأكثر مما هو حقيقة إذا اتبعت معايير الإفصاح الدولية، وهنا يمكن الافتراض بأن الشركات التي تعتمد معايير الإشهار الدولية قد تحظى بتصنيف أفضل من الشركات التي تعتمد المعايير التي يتطلبها القانون التجاري الألماني.
وهذا بالطبع ليس دقيقا، حيث إن عملية التقويم التي تقوم بها البنوك بصورة منتظمة لنماذج التصنيف التي تتبعها تكشف عن الكثير من الأخطاء ما يدفعها لتصحيح أنظمة التصنيف تلك. ولهذا فإن من المؤكد أن الشركة التي تسعى للحصول على تسهيلات ائتمانية لا تحظى بامتياز خاص، ولا يلحق بها ضرر فقط نتيجة لاختيارها نظاما محاسبيا معينا دون غيره.