النظم المعلوماتية الهندية تغزو السوق الأوروبية وتتفوق
عندما تعرض الشركة الهندية "انفوسيس تيكنولوجيس - Infosys Technologies" المتخصصة في قطاع خدمات النظم المعلوماتية (IT) نتائجها السنوية، حينها تبدو التغيرات الإيجابية والوزنية التي يعيشها القطاع في الوقت الحالي واضحا بلا شك. فخلال الربع الماضي أعلنت الشركة "أنفوسيس"، عن تحقيقها ارتفاعا في الأرباح بنسبة 53 في المائة، وتعيينها في هذا الوقت لما يقارب ثمانية آلاف موظف جديد ليصبح بذلك عدد العاملين في الشركة نحو 66 ألف شخص.
وللمقارنة من باب التوضيح : الشركة الأمريكية المنافسة "إلكترونيك داتا سيستيم - Electronic Data System" (EDS) تشغّل نحو 117 ألف موظف، لكن وعلى الرغم من ذلك فإن نمو الطاقم الوظيفي لديها يتم بالدرجة الأولى في الهند. وأما بالنسبة للوصول إلى نفس السرعة والديناميكية التي تنمو فيها أرباح "أنفوسيس" الهندية، فهي بالنسبة للشركات المنافسة الضخمة مثل "آي بي إم - IBM" و"إي دي إي - EDS" والعديد من الشركات الأخرى غاية لا تدرك.
الضغط على هوامش الشركات المنافسة الغربية ملموس في كل مكان، فليس كل طلبية يتم اعتمادها أو قبولها. وهنا تتساءل تلك الشركات، كما يقول رئيس الشركة الفرعية لـ EDS في ألمانيا "راينهارد كليمينس" : "لماذا يلجأ حقيقة زبائننا إلى الهنود ؟". في الواقع لأنهم أثبتوا جدارتهم وأسسوا لهم مكانا في كل مكان - حتى في ألمانيا. وهذه الحقيقة يؤيدها ارتفاع نصيب الشركة "انفوسيس" في السوق الأوروبية من 24 في المائة إلى 26 في المائة خلال عام واحد، ويدعم ذلك أن قيمة أسهم الشركة ارتفعت خلال الـ 12 شهرا الماضية بنسبة 48 في المائة. وبالمقارنة مع الشركة EDS خلال الفترة نفسها، فقد ارتفعت قيمة أسهم الشركة بنسبة 10 في المائة تقريبا، على الرغم من انتعاش أسهم الشركة في الوقت الحالي مقارنة بالأعوام الماضية.
إضافة إلى ذلك أعلنت "انفوسيس" عن رفعها لأهدافها الموضوعة للسنة المالية 2006 / 2007 والتي ستنتهي في 31 آذار (مارس). فالهنود يتوقعون حاليا تسجيل حجم تعاملات بقيمة 138,5 مليار روبية (أي ما يعادل 2.4 مليار يورو) كحد أدنى. هذا وكانت أرباح "انفوسيس" الصافية قد ازدادت خلال الربع الثاني بنسبة 53 في المائة لتصل بذلك إلى 9.3 مليار روبية هندية، مقارنة بالعام الماضي حيث لم تتجاوز 6,1 مليار روبية. وخلال الربع نفسه ارتفع أيضا حجم تعامل الشركة بنسبة 50 في المائة ليصل إلى 34.5 مليار روبية، مقارنة بـ 22.9 مليار في العام الماضي. هذا الارتفاع جاء مدعوما من خلال 49 زبونا جديدا للشركة. والآن يتبين الجواب عن السؤال السابق، وهو لماذا يقرر الزبائن اللجوء إلى الهند أكثر منها إلى الدول الغربية، فحسبما يراه "كليمينس"، فإن هذه المسألة لا تتعلق بالدرجة الأولى بانخفاض الأسعار أكثر ما تتعلق بتوافر الكفاءات المتدربة من الطاقم الوظيفي.
هذا الوضع مع حيثياته يدفع بالعاملين في قطاع خدمات النظم المعلوماتية في ألمانيا إلى العمل الدؤوب والتعاون الجاد مع الزملاء الحاليين من أجل إيجاد حلول للمشكلات التي تتطلب كفاءة وخبرة علمية متخصصة عالية مثل العمل على حل مشكلات منتجات شركة SAP "نيت ويفر - Netweaver"، أو شركة مايكروسوفت مع منتجها "دوت نيت - Dot.Net". في هذه النقطة بالذات يرى كليمينس بأنه متقدم على منافسته الشركة الهندية، فالعقود المبرمة أخيرا مع شركة الاتصالات المتنقلة البريطانية "فودافون - Vodafone" تمهد الطريق أمام EDS للوصول إلى هذا الهدف. فكما يقول "كليمينس" "الشركة يجب أن تصبح في قطاع تطوير الاستخدامات أقوى من ذلك". من جانبه يعتبر "كليمينس" صغر طاقمه الوظيفي والبالغ 4500 موظف نقطة إيجابية لصالح الشركة، حيث تمكنه هذه النقطة من الصمود في سباق الفوز بزبائن وعقود جدد وذلك من خلال تنوع جنسيات طاقم قطاع الخدمات من ألماني إلى أجنبي. كما يرى كليمينس كذلك أن الشركات الضخمة ذات طاقم ألماني بحت مثل "سيمنس بزنس سيرفس - Siemens Business Services" (إس بي إس - SBS) التي توظف ما نحو 15 ألف موظف الماني الجنسية و"تي-سيستمز - T-Systems"، لا تلائم سياسة شركته الإستراتيجية على الإطلاق.
من جانب آخر تسعى شركات هندية أخرى غير معروفة نسبيا مثل "ساتيام - Satyam"، رابع أكبر شركة خدمات في قطاع النظم المعلوماتية في الهند، لإيجاد شركات تستحوذ عليها في ألمانيا. فيقول المدير المسؤول عن قطاع الأعمال لـ "ساتيام" في ألمانيا والنمسا وسويسرا، "الوكي بالسيكار"، إن "أعلى نمو في حجم التعامل للشركة يوجد في أوروبا". هذا وتسعى ساتيام خلال الأعوام الثلاثة المقبلة إلى أن تصبح واحدة من أكبر عشر شركات متخصصة في قطاع خدمات النظم المعلوماتية في المنطقة الأوروبية. لغاية الآن استطاعت الشركة أن تثبت اسمها وتنمو في ألمانيا بمجهودها الذاتي، إلا أنها تعتزم في المستقبل القريب شراء شركات صغيرة ومتوسطة متخصصة في مجالات معينة في هذا القطاع، وذلك من أجل توفير مجالات الشركة الناقصة، وحول ذلك يقول "بالسيكار" "في حقيبتنا يوجد عدة ثغرات علينا أن نغلقها من خلال صفقات استحواذ لشركات معينة". وعلى أثر هذا التصريح يتوقع الخبراء صفقات استحواذ جادة للشركة "ساتيام" ستقوم بها خلال الأشهر الستة المقبلة.