أوروبا تقضي أوقاتاً صعبة مع التجارة الحرة في جنوب آسيا
يحثّ الاتحاد الأوروبي على إنجاز ميثاق تجاري لاحقاً فقط مع بعض الدول المختارة لاتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان – Asean). "سنبدأ مع تلك الدول، والتي نشهد لديها وُجهة لليبرالية"، حسب ما ورد عن ممثلة المفوضية الخارجية للاتحاد الأوروبي، بنيتا فيريرو فالدنر، في سنغافورة. وهنا تحتل ماليزيا الطليعة، والتي ينوي الأوروبيون عقد ميثاق شامل معها للشراكة الاستراتيجية والعمل التعاوني المشترك. "وهذا من الممكن أن يشكل قاعدة لانطلاق ميثاق التجارة الحرة"، حسبما ورد عن فيريرو فالدنر.
وفي الوقت ذاته، يحثّ الاتحاد الأوروبي على المشاركة ضمن مجريات الاتفاق الآسيوي، والذي تحويه قمة شرق آسيا - EAS . وانعقدت قمة EAS للدول الآسيوية "آسيان"، تحت رئاسة ماليزيا لأول مرة في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وهي تتألف حتى الآن من 16 دولة، بما فيها اليابان، الصين، أستراليا، والهند. "نحن نريد أن نكون جزءا من هذه المجريات"، حسبما ورد عن فيريرو فالدنر. وققدّمت روسيا مباشرةً طلباً ليتم قبولها ضمن قمة EAS. وفي الوقت ذاته، تحثّ فيريرو فالدنر، أن تسهم الدول الناشئة في آسيا بقوة أكبر في تطوير التكاليف للدول الفقيرة الواقعة في جوارها. "إن آسيان في حاجة إلى المزيد من التكافل فيما بينها. ومساعدات التنمية ضمن دول آسيان لا تزال متدنية، بالمقارنة مع بعض القيم، التي يخصصها الاتحاد الأوروبي في فيتنام، ولاوس، وكمبوديا".
وأشارت ممثلة المفوضية الخارجية إلى الأهمية المتزايدة للتجارة الثنائية بين آسيا وأوروبا. وبناءً على المعطيات التي جاءت عن الدائرة الإحصائية التابعة للاتحاد الأوروبي، بلغ حجم التداول التجاري للاتحاد الأوروبي مع دول آسيان العام الماضي نحو 115 مليار يورو. وللمقارنة: فقد بلغ هذا الحجم مع أمريكا نحو 414 يورو. وعلى أية حال, فإن تعزيز التجارة الحرة مع دول آسيان العشرة لا يزال تصوراً ليس أكثر: حيث لا يرى الأوروبيون أية فرصة للعمل المشترك مع ديكتاتور عسكري في بورما. ولكن من جهة دول آسيان، فإنه لن يتم استثناء بورما، وعلى ما يبدو أن الجنرال العسكري هناك غير فاقد لسلطته. ونظراً لهجوم التجارة الحرة للأمريكيين واليابانيين في جنوب شرق آسيا، لا يبقى للاتحاد الأوروبي سوى البحث عن الدول الرائدة في المنطقة.
ولكن حتى هذا سيكون صعباً، حيث إن تايلاند، والتي بدت حتى فترة طويلة كشريك جذّاب، يمكن أن تُهمَل وخاصةً عقب الانقلاب العسكري. "نحن ندين الانقلاب، وعلينا الآن لأول مرة أن ننتظر، ما ستقوم به الحكومة الجديدة. وبالتأكيد، فإن المفاوضات لن تتقدّم جرّاء هذا الحدث"، حسب ما ورد عن ممثلة المفوضية في الاتحاد الأوروبي. وفي سنغافورة، العاصمة المتطوّرة، على الاتحاد الأوروبي أن يأخذ عقبتين كبيرتين في الوقت ذاته بعين الاعتبار: الأولى، إن الاتحاد الأوروبي يرفض ممارسات عقوبات القتل، والتعذيب الجسدي هناك بسبب الحيازة على بعض الكميات القليلة من المخدرات. ولكن إضافة إلى هذا، فإن الأوروبيين لا يتفهمون الرقابة الصارمة هناك أيضاً. قد اعترض سفيران من سفراء الاتحاد الأوروبي لدى المؤتمر السنوي لصندوق النقد الدولي قبل أسبوعين ضد حظر السفر، الذي تشير به سنغافورة ضد ممثلي المبادرين الشعبيين. ومن ناحية أخرى، تعاني الدول الأوروبية بصورة متزايدة من هجرة رأس المال إلى جنة الضرائب في جنوب شرق آسيا، والتي تعِد المستثمرين، بعدم الكشف عن أية معطيات خاصة. "ويمكن القول إن تشريعات المالية السنغافورية على الأغلب هي العقبة الأكبر، والتي يجب تقبّلها"، كما ورد عن دوائر الاتحاد الأوروبي. وتبقى ماليزيا المسلمة الشريك الأكثر ملاءمة حتى الآن من بين الدول الأعضاء العشرة الأخرى في آسيان.