سعودي من المريخ

سعودي من المريخ

<a href="mailto:[email protected]">t0505484430@yahoo.com</a>

هل أنت متأكد أن السعودي مختلف عن بقية أهل الأرض ؟ وأن أي مسكن يقام على هذه الأرض غير مناسب للسعودي؟ وأن للسعودي متطلبات تختلف اختلافاً كبيراً عن غيره من البشر، فلا منزل الياباني يناسبنا ولا منزل الأمريكي أو منزل الصيني أو منزل الهندي يصلح لنا، بل لا يمكن تعديلها لتناسبنا. هل السبب أننا نختلف عن بقية بني البشر الذين يعيشون على هذه الأرض؟ هل صحيح أننا في كفه وبقية بني آدم في كفة أخرى؟ كانت هذه الأسئلة ترد في ذهني بينما كنت أتصفح مجلة للتصاميم المعمارية العالمية عندما خطفها أحد العملاء ليطلع عليها. وعندما انتهى من تصفحها وتقليبها نحاها جانبا ثم سألته: ما رأيك في هذه التصاميم؟ كان الجواب قاطعا وجازما أنها لا تناسبنا ولا تصلح لنا. سألته مرة أخرى: ما ينقصها لتناسبنا؟ أعاد الرجل الاطلاع على المجلة ثم أعاد رأيه القاطع مرة أخرى: نعم لا تناسبنا، ولا يمكن تعديلها. تكررت مواقف مشابهه إذ كنت أعرض لتصاميم عالمية مختلفة على العديد من العملاء. وجدت أن هناك نظرة راسخة أكثر مما هو متوقع (هو أن لدينا تميزاً مبالغاً في". أن فكرة التميز التي تحتوينا هي إحدى مشاكلنا العضال، والتي صنعت من الإنسان السعودي تميزا مثيرا للدهشة والاستغراب، وخلقت لديه القناعة والاعتقاد بأن مقاييس الآخريين لا تنطبق عليه. طبعا علينا ألاّ نهون من شأن هذا الوهم المترسب في قيعان أدمغتنا ولا نظن أنه أمر يمكن أن يمر بسهوله وينتهي يوما ما. (هكذا) لا بد أن نفهم أنه لا يمكن أن مشكلتنا ولدينا هذه الأوهام والأساطير التي تعشش في أذهاننا والتي تصورنا أننا من كوكب غير كوكب آخر، وأن لدينا من العادات والنواحي الاجتماعية التي تجعل الاستفادة من تجربة الشعوب الأخرى غير صالحة أو غير مناسبة لنا.
فإذا كانت سيارتهم قد صممت لهم وقدو سعتنا، وإذا كانت طائراتهم قد صممت لهم قدو سعتنا، وإذا كنا نستعمل ما قد صنعوا فلماذا هذا الاعتقاد القاطع أن مساكنهم لا تناسبناً.
لا بد أن يقول قائل إن لنا خصوصيتنا الاجتماعية، وهذا أمر صحيح لكن ذلك الاختلاف ليس بالحجم الذي نعتقد بأننا نختلف عن الجميع إلى درجة أن تجربة أهل الأرض لا تصلح لنا.
أيها السادة، السعودي لم يأت من المريخ بل إنه بشر ممن خلق يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ويشبه بني ادم الآخرين. صدقوني عندما نصل إلى هذه القناعة نكون قد قطعنا شوطا لا بأس به في إزالة كتلة جامدة من ترسبات التخلف التي تقف في طريقنا، أما إن اصررنا على التميز والاختلاف، فسنلبث في كهفنا سنين عديدة.

الأكثر قراءة