الإضاءة في مساكننا عنصر حيوي تفتقر للعناية.. الجهل السبب؟
الإنارة عنصر مهم ويعد في مقدمة العناصر التي تحقق نجاحا في تصميم الوحدة السكنية. الإنارة في مساكننا هل هي متناسبة مع المعايير الفنية الصحيحة؟ هناك معايير تصميمية يلتزم بها المصممون فما مدى التزام المصممون والمنفذون بتلك المعايير؟ كانت هذه الأسئلة التي وجهتها "الاقتصادية" لبعض المختصين لتقييم هذا الجانب في المسكن السعودي.
في البداية التقينا المهندس عبد الكريم سالم وهو مهندس متخصص في الأعمال الكهربائية والذي أكد أن المكاتب الهندسية لا تقدم تصاميم تعنى بتوزيع الإنارة وإنما تقدم مخططات بأحمال الكهرباء، أما التصاميم الخاصة بالإضاءة فهي مفقودة تماما والمواطن لا يهتم بهذا الأمر مطلقا، حيث يتم اختيارها في المراحل النهائية في أثناء التأثيث ولا يوجد أي اهتمام بهذا الجانب، مضيفا "هذا الأمر يعتبر أمرا مجهولاً لدى المواطن, كذلك الجهات الرسمية كالبلديات فهي أيضا لا تهتم بهذا الأمر ولا تعتبره أمرا يحتاج إلى تدقيق أو مراجعة, فيتم توزيع وحدات إضاءة دون أي توضيح لذلك، وهذا الجانب يعتبر من جوانب القصور الواضحة في المخططات التي تقوم بإعدادها المكاتب الهندسية".
لكن المهندس سالم القحطاني يعترض على هذا الرأي ويقول "يفترض أن المخططات التي تقوم بإعدادها المكاتب الهندسية تعتمد على أفكار أولية ولا يمكن أن تقوم المكاتب الهندسية بإعداد مخططات الإضاءة لارتباط هذا العمل بأعمال التصميم والديكور الداخلي والتي تكون أعمالا إضافية ولو ألزمنا المكاتب الهندسية بهذه الأعمال لوجب أن يلتزم المكتب الهندسي بأعمال التصميم الداخلي"، مضيفا "وفي الأغلب فإن المواطن لا يهتم بهذا الجانب في المراحل المبكرة فكل ما ينشده المواطن المخططات الأولية التي تكفيه للقيام بتنفيذ مسكنه أما التفاصيل المتخصصة كحسابات التكييف أو الإضاءة أو الحدائق ونحوها فتلك تكون للمشاريع الكبيرة, ولو ألزم المواطن بمخططات تفصيلية متكاملة لارتفعت التكلفة عليه وربما لن يستفيد منها وسوف يعيد القيام بتلك المخططات، وبالتالي فهي تكاليف إضافية سوف ترفع التكلفة عليه".
من جهته يعارض المهندس يوسف التويم هذا المبدأ ويعتقد أن رفع جودة الأعمال الهندسية هو الطريق الوحيد لتحقيق مستوى تصميمي أفضل، وأن تلك التكاليف هي تكاليف قليلة مقارنة بما يتكلفه المواطن كما أن إشراك المختصين في تلك الجوانب يساعد المواطن على التعرف من وقت مبكر على كثير من الجوانب.
وأكد المهندس التويم أن مستويات المخططات التي يحصل عليها المواطنون من قبل المكاتب الهندسية تساهم في إضعاف جودة المنتج وأن كثيرا من جوانب القصور الفني ناتج عن ضعف تلك المخططات فالعناية والتركيز ورفع جودة تلك المخططات عوامل عامل مؤثرة في رفع جودة المبنى نفسه من وقت مبكر وهو من أهم العوامل الأساسية، وأن هناك مواطنين لا يستطيعون أن يقيموا وأن يتعرفوا على هذا الجانب ومن ثم يدفع المواطن تكاليف كبيرة ناتجة عن ضعف المستوى الفني لتلك المخططات.
ويرى المهندس التويم أن المخططات التي يحصل عليها المواطن يجب أن تفي بمخططات إضاءة متكاملة، وهي التي ستؤثر بالتأكيد في جودة المبنى.
أما المهندس طارق مرسي فيقول "علينا أن ندرس الإضاءة بطريقة علمية وفنية، فالمطبخ تختلف كلية عن إنارة غرفة النوم، كما أن إنارة غرفة الجلوس تختلف عن الإنارة المخصصة لاماكن اللعب أو الإنارة الخارجية وهكذا, فإنارة المطبخ تستخدم فيه الإنارة الفلوريسنت، ولكن إنارة الفلوريسنت بالتأكيد لا تناسب غرف النوم وتجد أن بعض المواطنين يضعون إضاءة الفلوريسنت في غرف النوم، وهذه بالتأكيد غير مريحة كما أن الإنارة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأثاث على مخطط المنزل ثم يتم بناء على ذلك توزيع الإنارة ففي صالون الجلوس عند توزيع مكان الجلوس يجب الاهتمام وتحديد الإنارة في أركان الجلسة، التي تستخدم فيها الأبوجوارات أما إذا كانت الصالة واسعة فيفضل استخدام السبوت لايت Spot light ويفضل استخدام جهاز التحكم في قوة الإضاءة في غرف النوم حيث يحتاج أحيانا إلى أن تخفف تلك الإضاءة أو أن ترفع قوتها تبعا للفراغ الموجود وفي دورات المياه تكون الإنارة مركزة تحت المرايا حتى تسهل عملية الحلاقة أو غسل الوجه مثلا, فيفضل أن تكون الإنارة في دورة المياه لمبة واحدة أو لمبتين فقط وأحيانا يكتفى بلمبة واحدة تكون ممتدة فوق مرآة الحمام أما إذا كان هناك ممرات فيفضل استخدام السبوت لايت Spot light.
وأضاف "ويفضل استخدام أنواع أخرى من الإضاءة وهي الإنارة المنعكسة، وذلك على اللوحات الفنية أو على واجهة المنزل أو الإنارة على أحواض الزراعة أو العناصر التي تحتاج إلى إبراز كالمداخل والمخارج مثلا, وهناك أنواع كثيرة من الإنارة لا يسع الحديث عنها ولكنها تعتمد على الطريقة التي تتعلق باستخدام الفراغ والحاجة إلى تلك الإنارة فزيادة وهج الإنارة تؤدي إلى عدم الارتياح وتؤثر في نفسية الساكن, ويقول المهندس طارق إن هذا الجانب الحيوي المهم أصبح مطلبا أساسيا يجب الاهتمام به، ومن المهم أن نؤكد أن الإنارة تؤثر سلبا أو إيجابا في نفسية الساكن. "الاقتصادية" خلصت من هذه اللقاءات إلى قضية تصاميم الإضاءة في مساكننا ما زالت قضية متأخرة، ومازالت لا تحظى بالاهتمام والمراعاة الكافية لها من قبل المهندس السعودي وهو جانب سلبي بحاجة للعلاج".