(ما يذُبح الضَّب إلاَّ عِمرانْ)

<a href="mailto:[email protected]">abubeid@binzagr.com.sa</a>
بعد الصبر ما طال، توافقت الأحوال، وتحقق إجماع قبول الاحتفال رسمياً باليوم الوطني على جميع المستويات، بالحمد والثناء لتوافر العطاء، وإشغال المال والحال لتقوية مسيرة التنمية المستدامة، وحركة البناء والتشييد الدائم، بتوافق وحْدة القرار، لحدث تاريخي مجيد ننتقل به من تفكير أحادي هامس الهدف والغيرة، إلى نقاش مجتمعي صحي جهوري لتنظيم حضاري وطني. تجسيد الاهتمامات الشخصية، يوفر معرفة جماعية للمنجزات والمتطلبات لبلوغ الطموحات للأفضل. الحفاظ على نعمة الثروات وتنمية القدرات ومواجهة التحديات وتحسين الأخلاقيات وتلاحم العزائم الفردية والجماعية، تزيد ثروة الثرى وتـُكسب محدودي الدخل والفقراء مكاسب نعمة تعظيم المهارات والخبرات المتناسبة مع الاحتياجات وفرص العمل التي لا تمطر بها السماء، ولكن توفَرها بعون من الله، التخطيط السليم والعلم النافع المنتج، وتحسن مفاهيم الوضع الأسري السعودي الحديث، خاصة فيما يتعلق بحالة الفرقة بين الرجل والمرأة بطرق وأساليب مضارها الاجتماعية والمجتمعية حديث المجتمع ومعاناة الأسرة.
التغيرات الاجتماعية الجديدة والمستجدة في مجتمعنا تحتاج إلى موائمة حانية لعشوائية تقليدية وتوجهات حديثة أسرية. الأفكار والمستجدات العصرية مطلوب تفاعلها مع واقع التقاليد الأسرية وأعراف المجتمع بحكمة واعية لمتطلبات المستقبل وانصهار الاحتياجات الأسرية والمتطلبات المصيرية المتطورة في تنظيمات قانونية بما يحتضنه الشرع في أوسع مفاهيمه دون تقليل ولا تمييع لحقوق المرأة الاجتماعية ولا معوقات معارضة مسالك عمل المرأة وصيانة مكانتها وحمايتها عن اختراق طرق ليست محببة لها، وقبول تعاطيات تعود بالضرر الأسري والفرقة الاجتماعية.
اهتمام الدولة القومي بتحسين المهارات البشرية متزايد في توسيع نشاط التدريب المهني وانتشار معاهده خارج المدن الرئيسية وداخل مجتمعات تفتقد أولوياته وتحتاجه بحثاً عن فرص العمل ومجالات التوظيف، ويعطيها بوادر درجات الرقي لمستقبل أكثر ازدهارا. الاستثمارات في الموارد البشرية متزايدة في مراحل التعليم الجامعي وما قبله، والابتعاث لما بعده. خطوات الرقي الصحي تشق طريقاً صعباً، لكن مجتمع المرضى يتلمس بصيص النور لمستقبل صحي واعد. التوسع الكمي والتحسن النوعي في الخدمات الإنسانية وتوافر فرص العمل، يملأ الوطن والمواطن فرحة عظيمة لاستقبال اليوم الوطني بالسعادة، لاستمرار تحسن أوضاعه المالية وحياته المعيشية، ويرتاح لاطمئنانه الأسري مادياً. النظرة للحياة العامة ما زالت استهلاكية والتطلعات متكاثرة لتوفير الدولة مزيداً من الخدمات المتطورة والمتقدمة. الاقتصاد الوطني لا يعطي كامل ما نطلبه مجتمعياً، والسماء لا تمطر ذهباًَ ولا فضة، ولا يمكن اتكالنا على بعضنا. المفروض أن نعمل بالتواصل، لمعيشة مالية فردية ومتبادلة لمصلحة مشتركة في العمل والمرح على مرور الأيام ويتقاسمها بحلاوتها ومرارتها الرجال والنساء وفقاً للأعمار والأعمال والعطاء.
اليوم الوطني أصبح أكثر من محطة راحة سنوية من روتينية الأعمال والمسؤوليات والالتزامات الاجتماعية والعلاقات الأسرية.. إلخ، وأهم من أن نضيعه في النوم والاسترخاء، وبهللة الفضائيات، الأفضل لمستقبلنا أن نستثمره في مراجعة وإحصاء سنوي لصالح الأعمال والمنجزات، وحصر السلبيات والفرص الضائعة، لوضع رؤية لبرنامج عمل لسنوات مقبلة. مشاركة المواطن في بناء الاقتصاد الوطني (حجة وحاجة)، ودونها تكون النتائج مضروبة والفوائد ناقصة وتضيع الغاية وتتبعثر الوسيلة. التقدم الاقتصادي الاجتماعي نتائجه مقننة ضمن الخطط والبرامج التي يضعها مسؤولون من رأس الهرم، ويتفرَج على مخرجاتها ملايين البشر تتعب رقابهم من كثرة النظر إلى (العلو التخطيطي)، و(تنقصع) ظهورهم من طول انتظار حصاد الثمار. إصلاح المسيرة التنموية يتطلب من المسؤول قبول توافر المؤسساتية المنتجة والابتعاد عن السلطوية، ويقبل المواطن المشاركة في الأفعال والأعمال بجانب التمنيات، ويحمل (كدف) في العملية بقدر كبير من المساواة والتساوي في تقاسم الأدوار، بين الرجال والنساء وفقاً للقدرات العلمية والمهارات العملية والمسؤوليات التنظيمية.
التزام الدولة بنجاح برامج التنمية الاقتصادية الاجتماعية واضح ولا يقبل المزايدة، والطريق له وطنية المواطن في أن (يعطي العيش لخبازه)، بزيادة المهارة والمعرفة والمسؤولية.. إلخ، لكل مواطن في التخصصات المختلفة التي يوفر يدايتها المعاهد الفنية والتعليم المتوسط والعالي.. إلخ، الباقي من المعادلة، توفيق الله لصقل مكتسبات المهارة والتزاحم المسؤول لترجمتها في كسب زيادة المعيشة. المواطن طالب رزق حلال من مجهود معرفي وفرصة عمل مناسبة، وأقل قدر من المحسوبية، ليكون مستهلكا وراغبا في مستويات معيشية متحسنة وبأخلاق حسنة وخلق طيب. نصف قرن مضت بالفكر الحديث، غيَّرت فكرنا وقيمنا من مواطن (يعيش ليأكل) لنصبح في غالبيتنا نرغب وبشراهة أن (نأكل لنعيش). تقدُّمنا اقتصادياً واجتماعيا يتطلب منا تنمية قيم تعظيم المعرفة لزيادة منافع العمل والاستمتاع الاستهلاكي المنضبط مع الأسرة.
المجتمع السعودي تتوافر له حديثاً وسائل الترفيه البريئة العامة لتجمع الأسرة (بفرقة) عشوائية تعترض طريق سعادة الانتماء والأداء. قيامها صحيحة سليمة وفقاً لمفهوم إسلامي واحد وتقاليد صادقة مهم. لكن الأهداف المعلنة اختلطت مع الوسائل العشوائية، والتغيرات الهوجاء المرتجلة، الدافعة لتحامل بعضنا على بعض، ليعلو صوت العراك على أبسط طرق ووسائل التفاهم الإنساني. الاستفادة من اليوم الوطني في عمل نافع قد نجده في عقد اجتماعات وندوات شللية لدراسة الأمور الكثيرة التي تدور في خلدنا جهراً وبين بعضنا همساً من السلبيات والإيجابيات، وصولاً إلى خلاصات وأفكار ربما تمثل إضافات فكرية يمكن تقديمها، لمنابر مجتمعية قائمة في بلادنا من النوادي الأدبية المنشغلة في نظامية انتخاب مواطنين معينين أصلاً من قبل الجهة الرسمية إلى غرف تجارية صناعية تقارب العشرين ولا تعترف ثلاثة منها بالست عشرة الباقية، و(يُنصِّب) مجلسهم الأعلى حق أخذ صلاحيات التفكير وإعطاء قرارات التدبير. اليوم الوطني ليس يوما نفرح بمقدمه لذاته ولا مناسبة دينية تتطلب التفرغ للرعاية، ولا عطلة من الدولة لضياع الوقت. اليوم الوطني فرصة ذهبية لترضي طموحنا وتفريغ فكرنا وجهدنا لنعرف حقيقة طريقنا، والتعرف على أحسن الوسائل لتقدمنا والمسالك لفك مخانق الاختلافات. المؤسساتية مطلبنا من الآخرين بينما يتقيد كل منا بحرفية فردية متسلطة لأحوالنا، مثل القادة الدوليين الذين يدافعون عن السلام بقوة السلاح والديمقراطية بأسوأ وسائل الامتهان.
العلم والمعرفة والتقانة والاطلاع.. إلخ، مكتسبات تتوافر للمجتهد مع توافر الاقتدار العلمي والإنفاق السخي المنتظم. الخلق والأخلاق والتعاون والمهنية والخبرة الواسعة والاستعداد الوظيفي وفقاً للمستويات العالمية مطلب أساسي للعمل وليس وفقاً لفكر كُتـَّاب الأعمدة المحلية. تكوين الإنسان العصري العامل المسؤول يجب أن تتوافر له عناصر مهنية مسؤولة مهمة إضافية لاهتماماتنا التربوية والتعليمية. النتائج الملموسة لتركيبة المهارات وأخلاقيات العمل تجعلنا من منظور أداء العالم الحديث في واد غير أوديتهم. الاختلاف واسع وضار بالمزاحمة النسبية لاقتصادنا الوطني. خلاصة القول أننا أكثر (تدليعاً) منهم، وحان الوقت لربط أحزمة الانطلاق التزاحمي عالمياً. التنمية الاقتصادية الاجتماعية حركة إنسانية من العمل بنور الله، وجني الثمار المعيشية قبل أن تكون مبالغ مرصودة من الأموال في ميزانيات ندوِّرها لسنوات مستقبلية مقبلة. الأموال وحدها لا تبني الاقتصاد الوطني. الاهتمام بالإنفاق على العلوم والأحكام الإنسانية ترقى بالأموال عن كونها تركيبات أسمنتية وحجرية إلى إدارات إنسانية فاعلة تنوع مصادر الأعمال والثراء. اليوم الوطني (فكر) يحتاج أن يعطيه المفكرون والمفكرات قلوبهم لينشغل بشجونه فكرهم واهتماماتهم بشفافية (مبوَّبة) بحيث يمكن تقصي متوفرات العلم والمعرفة. المتوافر من إضافات المشاريع العلمية والاجتماعية والصحية والمهنية.. إلخ، سيل جرار نطالعه في الصحافة المحلية بالبلايين، يسأم المواطن قراءته ويفقد مصداقيته، ويعتبر بدايته إعلانية ونهايته إعلامية. الأمر يحتاج إلى نظر لخطورته.
مهمة التنمية الاقتصادية الاجتماعية تتشابه مع المهمات التي نجاحها يتأثر بالضبط والربط. الاقتصاد الوطني التنموي واجهه إنسانية حقيقية ومرجعية حاكمة لتقديم الاستثمارات في الخدمات المطلوبة، ويعطيها الأولوية لصقل خلقيات الإنسان وتقوية لدوره في البناء والتشيد. مسيرة نصف قرن مضت تولـَّي الوافد مهمة توفير الاحتياجات البشرية المطلوبة مقابل مكاسب مادية وخبرات فنية مكتسبة ومهارات معرفية مضافة. دور المواطن اقتصر على تطوير الأساليب التقليدية وتلقي العلوم بطرق ووسائل تزيد من الرغبات والتطلعات مصاحبا لتزايد الثراء النقدي. أنماط ومعيشة الآباء في الربع الأخير من العام الماضي غير مقبولة من الأبناء في عصر الاقتصاد الجديد. توفير البديل للأحفاد يتطلب أن تتغير كثير من الأفكار الخدمية والأعمال المجتمعية، والنظرة لجمع المال واكتنازه وإنفاقه بما يجعله يتقارب ويتماثل مع حق تقارب أجر وراتب المواطن للخدمة المقدمة وبأنماط وموازين معروفة ومتساوية التطبيق.
ازدواج التقييم الشخصي من أهم عوائق التنمية عندما يتعذر على المسؤول تقديم الخدمة الكاملة الجودة الشاملة الفائدة لطالبها وتوقع أحسن المستويات من غيره من المواطنين حينما يطلبها. تعطيل تنفيذ النظم والقوانين مضر للسائل والمسؤول وفي نهاية المطاف يلحق الضرر الاقتصاد الوطني. المرأة جزء مهم في الأسرة العائلية والاجتماعية. بالقدر الذي يُطلب من المرأة انضباطا اجتماعيا إسلامياً وأسرياً عالياً، على الرجل المواطن أن يعي حقوقها وواجباتها دون معارضة الشريعة، وما شرعته الدولة. تعطيل عطاء المرأة وخاصة في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.. إلخ تزامناً مع عطاء الرجل ضار بالمصلحة التنموية الاجتماعية الاقتصادية وإنقاص في العدالة السماوية وتشريع الدولة. تعطيل تطبيق النظم والقوانين عامة من أهم المواضيع التي تحتاج إلى تفكير والوطن يحتفل بيومه.
اليوم الوطني أكثر من عطلة يوم، وأكثر من إجازة عمر. اليوم الوطني فرصة للاتفاق والتوافق لمسيرة اجتماعية قومية للأسرة السعودية ضمن أخلاقيات وخلق عقيدتنا والعالم الكبير الذي اخترنا أن نكون جزءا مهما منه. سلوكياتنا الترفيهية والاجتماعية والاقتصادية داخل وخارج بلادنا تختلف كثيراً عما عليه العالم، وبشخصيات متفاوتة للفرد الواحد بين الدخول والخروج من الطائرة. التحدي الذي يجب أن نأخذه على أنفسنا تقريب التفاوت الفكري السعودي المزدوج الشخصية وتقارب التطلعات النظرية بالعملي التطبيقي حتمي، لنتفاخر حقيقة بقيمنا وأعمالنا أمام العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي