تراجع ألعاب الأطفال التقليدية أمام الكمبيوتر وألعاب الجوال
تصل سوق ألعاب الأطفال ذروتها مع حلل فترة الأعياد الغربية والسنة الميلادية الجديدة حيث تحقق تجارة ألعاب الأطفال خلال شهور تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) وحتى كانون الثاني (يناير) نحو 40 في المائة من إجمالي حجم المبيعات السنوي في قطاع الألعاب.
وبالنسبة للألعاب الإلكترونية في عام 2006 يمكن القول إن مظاهر الرواج لا تبدو سيئة حتى الآن فقد وصل حجم المبيعات مقابل الألعاب التقليدية حتى العام الجاري نحو 2.3 مليار يورو وهو معدل العام الماضي نفسه. وإضافة إلى هذا، يمكن القول إن ألعاب الفيديو مثل نينتيندو وسوني، أو مايكروسوفت تفوق معدل العام الماضي بصورة واضحة، والذي بلغ نحو 3.2 مليار يورو.
وفي الميزان التجاري يمكن أن تحقق تجارة الألعاب زيادة طفيفة في عام 2006 عن العام الماضي رغم بعض العراقيل التي تواجهها كبريات شركات ألعاب الأطفال، فمن ناحية تعاني شركة ليجو الدنماركية من مشاكل وصعوبات في التزويد، ومن ناحية أخرى أجّلت شركة سوني اليابانية للإلكترونيات إصدار جهاز تشغيل ألعاب الفيديو الرقمية (بلاي ستيشن 3) إلى شهر آذار (مارس) المقبل.
على الرغم من أن الكثير من المتاجر تلقت طلبات شراء مسبقة، ولكنهم الآن عملوا على إلغاء الكثير من الإعلانات التي خصصوها في هذا الشأن لفترة موسم الأعياد الغربية. ولكن حتى وإن كانت شركة نينتيندو ستعمل على طرح جهاز تشغيل ألعاب الفيديو الرقمية "فيي – Wii" في كانون الأول (ديسمبر) المقبل إلى الأسواق، إلا أنها لن تطرح سوى أعداد قليلة وهو ما يصب بكل تأكيد في مصلحة منتجي ألعاب الأطفال التقليدية.
نعود لنذكر مرة أخرى بالصعوبات التي واجهتها شركات الألعاب التقليدية فشركة، روكو المنتجة لألعاب القطارات واجهت صعوبات اقتصادية بالغة وكذلك الحال مع مجموعة (ميركلين) لإنتاج ألعاب القطارات لكنها تمكنت من إنقاذ نفسها بصعوبة و هو ما لم تتمكن شركة إرنست باول ليمان، وهي ثالث أكبر شركة لتصنيع القطارات التجسيمية من فعله وأعلنت وجود عجز مالي في ميزانيتها. وهو الأمر نفسه الذي طال أيضا شركة نيتشي لتصنيع الحيوانات والعرائس المحشوة، بينما استقرت شركة زابف عقب عامين من أزمة مستمرة في تدني حجم المبيعات إلى أدنى معدل. وتحارب الشركة المصنّعة للحيوانات المحشوّة باستمرار ضد المنافسة الآسيوية. وإجمالاً يستنتج فيرنير لينزنير الخبير في مؤسسة بحث السوق (يوروتويز) ومقرها مدينة نورينبيرج أن سوق الألعاب التقليدية ستستقر على المدى المتوسط لدى 2.3 مليار يورو.
وتشير المقارنة الدولية إلى حجم السوق، ففي بريطانيا وفرنسا ينفق الآباء على كل طفل في السنة ما يزيد على 200 يورو مقابل الألعاب التقليدية، وفي ألمانيا نحو 145 يورو فقط، وبرغم هذا فإن النفقات المرتفعة على الأطفال حتى هذا العام ستزداد أكثر في مجال الألعاب من جديد. والفائز من هذه السباق هو الكمبيوتر الشخصي الذي يعتبر منافسا قويا حتى في وجه أجهزة ألعاب الفيديو الرقمية. وبالكاد يتواصل الكثير من الأطفال اليوم مع الألعاب التقليدية مثل السكك الحديدية النموذجية، والحيوانات المحشوّة، والدُمى، والكتب المصوّرة، أو السيارات حيث بات الأطفال اعتبارا من سن الخامسة يستخدمون الجوالات وفي السادسة من عمرهم يمتلكون أجهزة تشغيل ألعاب الفيديو الرقمية. وعندما يبلغون الثامنة من العمر يبدأون في شراء ألعاب الكمبيوتر.
ولكن حتى بدون الإلكترونيات ما كانت الألعاب التقليدية تحظى بوجود مميز لها اليوم. فلم تحقق شركة بلاي موبيل لتصنيع ألعاب الأطفال نجاحها الباهر الأول إلا حينما أدخلت الإلكترونيات إلى ألعابها التقليدية. وتعتبر "بلاي موبيل" إلى جانب "رافنزبورج" و"ميركلين" واحدة من الشركات المصنّعة، التي تؤكّد على أن المرء قادر على تصنيع الألعاب محلياً ببراعة وكفاءة. ويوجد في ألمانيا نحو ألف شركة أخرى متخصصة في تصنيع ألعاب الأطفال. ولكن ليست سوى قلة منها قادرة على لعب دور حقيقي مهم. وتستحوذ أكبر ست شركات على نسبة تصل إلى 41 في المائة من حجم السوق وهذه الشركات هي:
شركة ماتال و تقوم بتصنيع دُمى باربي الشهيرة، شركة ليجو لتصنيع قطع البناء، شركة رافينزبورجير لتصنيع لوحات الألعاب والألغاز، شركة بلاي موبيل لتصنيع الشخصيات، شركة سيمبا ديكي لتصنيع ألعاب التكنولوجيا و الدمى وأخيرا شركة هاسبرو لتصنيع ألعاب المونوبولي.
وإضافة إلى هذه الشركات الست الكبرى توجد شركات أخرى شهيرة مثل شركات: شتايف وميركلين وبرودر وشميت شبيليه. ولا يبقى سوى جزء بسيط فقط من هذه الكعكة لما يزيد على 900 شركة مصنّعة للألعاب. ويتوقع المراقبون، ألا يكون أغلب تلك الشركات المصنّعة الصغيرة قادرة على الصمود على المدى البعيد.
إن الضغط والمنافسة في تزايد ليس فقط بفعل ارتفاع عدد المنافسين، ولكن أيضا بسبب زيادة الاستيراد من الصين. واليوم تصدر الصين ما يقدر بنحو ثلاثة أرباع سوق الألعاب العالمية والرقم في تزايد. والكثير من المنتجات يرد من المصانع الموجودة في الشرق الأقصى، سواء كانت تملك اسماً أمريكياً (ماتال أو هاسبرو) أو ألمانياً (تسابف، سيمبا، أو ديكي). وبهدف رفع حصة الاستيراد الخاص من الشرق الأقصى، أسست قبل أسابيع قليلة رابطتا الترويج الكبيرتان في مجال تجارة الألعاب الألمانية شركة فيديس من ناحية وشركة إيدي + شبيل من ناحية أخرى منظمة شراء مشتركة أطلق عليها اسم ( توي أليانس) ويُحزم لها لدى حجم الشراء مبلغ من المال قدره 500 مليون يورو.
وبرغم أنه من الممكن أن ترتفع على هذا النحو حصة السلع الآسيوية في ألمانيا أكثر، إلا أن هذا النوع من التعاون التجاري يُرحّب به المصنّعون الألمان. والكثير منهم يرون في هذا التعاون الفرصة الوحيدة، للإمساك بتجارة الألعاب الألمانية، والذي يُعد إعادة إحيائها بالنسبة لكثير من المصنعين أمراً ضرورياً للبقاء على قيد الحياة، حيث إن مع كل إغلاق لأحد المتاجر المتخصصة في هذا المجال ينخفض التنوّع في هذه التجارة، وكذلك الفرصة للمصنّعين الصغار في إيجاد الطريق إلى المستهلكين. ويمكن القول إن نمو حجم المبيعات لدى مجموعة ميركلين هذا العام جاء فقط عن التجارة المتخصصة لمجموعة إيدي + شبيل.
وعلى أية حال فإن على التجارة المتخصصة أن تكرّس نفسها أكثر باستمرار على أكبر محققات المال. وهنا تدور المنافسة بأقوى صورة لها. وتعمل التجارة المتخصصة لإلكترونيات التسلية، وتجارة الاتصالات، على الاستيلاء على حجم المبيعات من تجارة الألعاب التقليدية، ولأن الزبائن يقبلون على شراء ألعاب الكمبيوتر، والهواتف النقالة.
ومن الناحية الأخرى، ترزح الأسواق والمتاجر تحت ضغط كبير دوماً لتخصيص نفسها بقوة في مجال الألعاب التقليدية كعروض جذّابة، وهذا بالطبع في الخريف بالأخص، أي قبل فترة الأعياد الغربية عندما تحقق تجارة بيع التجزئة المتخصصة حجم المبيعات الرئيسي لديها. ولأن القطاعات تشتري عرضا صغيرا وجذّابا بأحجام كبيرة، يمكن أن تبيع بأسعار تقلّ جزئياً عن أسعار الشراء للتجّار المتخصصين. وترى التجارة المتخصصة أن قوة الشراء ضمن حزم ومجموعات قوية، الفرصة الوحيدة للتمكن من البقاء على قيد الحياة.
وبما أنه لا توجد أفلام مذهلة ورائجة مثل حرب النجوم وكتب مثل هاري بوتر التي كانت شخصياتها فرصة لصنع قطع جديدة مربحة من الألعاب، فإن سوق الأعياد الغربية سيكون عادياًَ جداً مع نمو طفيف في حجم المبيعات دون نسيان الإشارة إلى أن الزيادة الكبيرة في حجم المبيعات ستتحقق عن طريق متاجر أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة.