إنشاء منطقة حرة على جانبي الأطلنطي من العقبات التجارية
هل ترى أن فكرة إقامة منطقة تجارية حرة عبر ضفتي الأطلنطي فكرة جيدة؟
لا إن مثل هذه الأمور يجب أن تناقش خلال دورة الدوحة للتجارة الحرة. إن التجارة بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تتعلق بالسلع الصناعية وتحريرها أكثر مع استثناء القطاع الزراعي ويرى الاتحاد الأوروبي أنه لن تكون هناك خطة إعادة هيكلة للسياسة الزراعة ما قبل عام 2014. ويمكن القول إن المنطقة التجارية الحرة على ضفتي المحيط لن تحقق شيئاً على المدى البعيد. ولا تزال المناظرة والحوار قائمين، حيث يمكن للمرء أن يعمل على تناغم المعايير والمقاييس، ولكن لا يوجد هنا أخذ جاد للعقبات التجارية بعين الاعتبار. ويبقى التأكيد على الخطر، وهو أن نمضي من جديد في اتجاه الثنائية، وخلق العقبات التجارية. وهذا الأمر ليس جيداً.
ولماذا؟ ألا تكرس الكثير من العقود التجارية الثنائية أخيرا مبدأ التجارة العالمية الحرة؟
إن الأمر ليس على هذا النحو. فعندما تضمن كل من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التجارة الحرة فقط، ولم تبن أية عقبات جديدة أمام دول العالم الثالث، عندها يمكن القول بأن هذا تمييز أوتوماتيكي ضد الدول الأخرى كافة, ومن الممكن أن يؤدي إلى التقليد في مكان آخر. إن العقود التجارية الثنائية تؤثر دوماً على نحوٍ تقسيمي للأسواق مقابل دول العالم الثالث: وهذا ما ندفع ثمنه نحن بتحقيق انتعاش أقل. نحن اعتمدنا بالأخص على مبادئ التعددية وعدم التمييز في التجارة الدولية. كان على أوروبا وأمريكا أن تحققا وزنيهما، وبالتالي أن تستمرا في دورة الدوحة.
البعض يطالب بإقامة منطقة تجارة حرة عبر الأطلنطي لمواجهة الهند و الصين وفرض المعايير والمقاييس الاجتماعية والبيئية هناك.
إن الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، لاعبا الوسط في العلاقات الاقتصادية الدولية. وكل منها يملك القوة والوزن الكافيين، ليحمل تصوراته إلى الدول الأخرى. والمشكلة هي، أن الأشياء الحسنة تبشّر بحماية البيئة، وحماية المستهلك، وحماية الموظفين، ولكن لا توجد أية أمثلة حسنة في بعض الأمور الأخرى، باختصار حيال فتح الأسواق الزراعية، أو المدخل إلى أسواق الخدمات الإنتاجية. ونحن في الاتحاد الأوروبي ما نزال غير مستعدين لفتح أسواق الخدمات الإنتاجية بين بعضنا البعض.
هل يفترض أن يتم ربط التسهيلات التجارية للدول ذات الأجور المتدنية بالالتزام بالقواعد الاجتماعية والبيئية؟
إن هذا الاقتراح الذي يجب أن يوجه للهند و الصين يُعتبر نوعا من أنواع الحماية التجارية و تلتزم الجدول بهذه المعايير إذا حققت تقدما اقتصاديا ملموسا . وعندما تكون الدولة صناعية متقدّمة، عندها يجب وضع مثل هذه المعايير بنفسها. وإلى أي درجة تتقدّم هذه اقتصادياً، سينشأ في المجتمع آجلاً أم عاجلاً طلب على تطوير تأمين الدخل الإجمالي، والمعايير الاجتماعية. لكن ما يقال حتى الآن، إنه كان يُفترض بالهنود أن يدفعوا أفضل الأجور للألمان، حيث إن هذه أفضل وسيلة، لوقف المنافسة، وتصدير مشاكل سوق العمل والسياسة الاجتماعية لدينا إلى تلك الدول، أرى أن هذا ليس سليماً.
هل يمكن للغرب أن يتحمّل منافسة الأجور المتدنية؟
لا بد أن نكون مهتمين بهذا، حيث إن هذه الدول تطوّر نفسها، وتتقدّم، فهي تستخدم المميزات المقارنة لديها، وأولها عن طريق المنتجات المكثّفة بالجهد. وعلينا أن نؤقلم أنفسنا مع هذا التحوّل الهيكلي، ولهذا علينا أن نواصل تطورنا ضمن مميزاتنا المقارنة الخاصة بنا ولكن في مجالات أخرى تمتد حتى السياسة الإنشائية. إن المرء بحاجة إلى المزيد من المؤهلات، ورأس المال البشري، إن مع السعر وحده لا يمكن للمرء أن ينافس تلك الدول. إن القصة تكرر نفسها بصورة جذرية من جديد، تلك التي عشناها عندما ظهرت اليابان، وعندما ظهرت هنا ما تُسمى بدول النمور؛ كوريا، وتايوان، وهونج كونج، وسنغافورة. حينها شهدنا المناظرة ذاتها. يمكن للخوف أن يسيطر علينا إلى أن نتأكّد، ونقرّ في أنفسنا، بأن الأشجار المتنامية لدى تلك الدول لن تخرق السماء.