"ندوة القرآن" تختتم جلساتها بمناقشة جهود علماء المسلمين في الرد على المستشرقين

"ندوة القرآن" تختتم جلساتها بمناقشة جهود علماء المسلمين في الرد على المستشرقين

اختتمت أمس فعاليات الندوة الدولية " القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية" نشاطاتها بعقد ثلاث جلسات.
وبدأت الجلسة السابعة في مناقشة البحث الأول للدكتور محمد علي بعنوان "دراسات القرآن الكريم الاستشراقية.. مسح تاريخي"، حيث بين الباحث أن دراسات المستشرقين في القرآن الكريم تمتد عبر ثلاث حقب غير متساوية، وأن الحقبة الأولى بدأت بترجمة معاني القرآن الكريم على اللغة اللاتينية عام 1143م، بينما بدأت الثانية في القرن الـ19 الميلادي، عندما مد الأوربيون نفوذهم في عدد من الدول الإسلامية، أما الحقبة الثالثة فبدأت من الربع الأخير من القرن الـ20.
ثم ناقشت الجلسة البحث المقدم من الدكتور علي النملة بعنوان "جهود علماء المسلمين في دراسة الكتابات الاستشراقية حول القرآن الكريم" وأشار إلى أن المستشرق الفرنسي المعاصر جاك بيرك يعترف أن محاولته ترجمة معاني القرآن الكريم ليست غير محاولة لتفسير معاني القرآن الكريم، لأن الترجمة الحقيقية للنص القرآني مستحيلة، فألفاظ وعبارات القرآن الكريم لها مدلولات ومؤشرات عميقة، ولا تستطيع اللغة القابلة أن تنقلها بكل ما تحتويه من معان ظاهرة وخافية.
وأبان الدكتور النملة أن هذه المحاولات حول ترجمة معاني القرآن الكريم لا تكاد تخلو من الخلل المتعمد في مجمله، وغير المقصود في قليل منه، ولفت الباحث إلى أن الدارسين يعيدون ترجمة معاني القرآن الكريم المتقدمة تاريخيا إلى دوافع تنصيرية بالدرجة الأولى، وهذا مبني على القول إن الاستشراق قد انطلق من الدافع التنصيري ، والديني بصورة أعم.
أما البحث الثالث في هذه الجلسة، فقدمه الدكتور سيف الإسلام الهلالي بعنوان "ثبتُ مراجع حول ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة من إسبانيا.. حصيلة ستة قرون"، أوضح فيه أن المتتبع لتاريخ ترجمات معاني القرآن إلى اللغات الأوروبية سيجد نفسه أمام الاستثناء الإسباني، فإسبانيا التي كانت مسلمة في القرون الماضية وجدت نفسها مجبرة أمام ضغوط الكنيسة والحكام المسيحيين على أن تطوي صفحات من تاريخها، ففرضت المسيحية على كل السكان الذين كانوا يعيشون في شبه الجزيرة الأيبيرية.
عقب ذلك ناقشت الجلسة البحث الرابع للدكتور شتيفان فيلد بعنوان "ملاحظات على مساهمات المستشرقين في الدراسة القرآنية"، أوضح فيه أن الاستشراق أصبح يتعرض لوصفه بأنه إشكالي، كما يتعرض المستشرقون أيضاً لذلك، ففي العالم العربي كثيراً ما عد كل من يتسمى بالمستشرق جاسوسا، أو قائماً بالتبشير أو كليهما معاً، كما أن إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق" الذي يرى أن الاستشراق تابع من توابع الاستعمار الأوروبي، بيد أن ذلك كله لا يمثل السبب الوحيد في قلة من يتسمون اليوم في أوروبا بالمستشرقين، إذ حتى قبل ظهور كتاب إدوارد سعيد كان من الواضح أنه لا يمكن أن يكون "الشرق" مجالاً لتخصص أحد من الباحثين.
وأشار الدكتور شتيفان فيلد إلى أن اشتغال الباحثين الأوروبيين غير المسلمين بالقرآن الكريم له تاريخه الطويل، مقتصراً في الحديث على مساهمة الناطقين منهم باللغة الألمانية في الأبحاث المتعلقة بالقرآن.
ولاحظ الباحث أن مناهج أبحاث غير المسلمين ونتائجهم المتعلقة بالقرآن قوبلت بارتياب شديد، ورفض عريض من قبل المسلمين، وعلى الأخص من قبل العرب منهم، عندما بلغتهم أخبار تلك الدراسات، وأحد الأدلة على ذلك الذي يعد أيضاً من عواقب هذه العوامل التاريخية، أنه لا يوجد إلى اليوم إلا بدايات متواضعة للتعاون بين المسلمين وغير المسلمين في مجال الدراسات العلمية حول القرآن ، كما أن التعاون في هذا المجال بدأ بالفعل ، ولكن بقدر محدود.
كما عقدت الجلسة الثامنة برئاسة الدكتور علي النملة، وقرر لها الدكتور مازن مطبقاني.
وقدم البحث الأول الدكتور عبد الحكيم فرحات بعنوان "إشكالية تأثر القرآن الكريم بالأناجيل في الفكر الاستشراقي الحديث"، بين فيه أنه تبلورت في الآونة الأخيرة دراسات متعددة في المدارس الاستشراقية والكليات النصرانية تنحو منحى مقارنة الأديان في دراسة الخطاب القرآني لمقارنة موضوعاته ومفاهيمه بمختلف مصادر الأديان التي كانت مزامنة لنزوله للبحث في قضايا التناص والتأثير والتأثر ومسائل التكوين والتكون، توظف لذلك العديد من منهاج النقد الأدبي، وطرق النقد التاريخي، وتستعين بنماذج نقد مختلفة، فأنتجت العديد من النظريات حول خطاب القرآن الكريم ومصادره وتاريخية خطابه، وهذا ما أعطى الدرس القرآني آفاقاً جديدة، وفتح خطابه على علوم عديدة وأسئلة جديدة.
كما ناقشت الجلسة البحث المقدم من الدكتور محمد السرحاني بعنوان "الأثر الاستشراقي في موقف محمد أركون من القرآن الكريم" قال فيه: "تجاوز محمد أركون المستشرقين في موقفه الطاعن في كتاب الله تعالى، وقد تكون البحث من تمهيد وأربعة فصول ، حيث عرف الباحث في البداية بالاستشراق ومحمد أركون، ثم تناول الاهتمامات الاستشراقية بالدراسات القرآنية، وموقف أركون من القرآن الكريم، والموقف الاستشراقي المشابه لموقف أركون من القرآن الكريم، ونقد منهج أركون في موقفه من القرآن الكريم".
وقال الباحث محمد السرحاني : إنه إذا كان عداء المستشرقين واضحاً وجلياً في مواقفهم من الإسلام ، فإن خطورة من سار على نهجهم من تلامذتهم ممن ينتسبون للإسلام كـ "محمد أركون" أشد خطراً وأكثر أثراً ، كما تبين من خلال البحث الأثر الجلي لمناهج المستشرقين في تكوين الخلفية الفكرية لمحمد أركون مع كونه ينقم عليهم قدم منهجياتهم في دراستهم للإسلام، مؤكداً فقدان أركون للمنهج العلمي ، وتخبطه وتشتته في المنهجيات التي يزعم استخدامها ويمتدح نفسه دائماً بسردها ، مع فشل تلك المناهج في مجالها الذي ينطبق فيه مسار العلوم الاجتماعية واللغوية والإنسانية .
أما البحث الثالث في هذه الجلسة فكان للدكتور محمد خليفة حسن بعنوان "دراسة القرآن الكريم في ضوء علم نقد الكتاب المقدس"، أشار فيه إلى أن من مجالات الدراسات القرآنية عند المستشرقين الاهتمام بالموضوعات اللغوية والأسلوبية، ومن أهمها البلاغة، والإعجاز القرآني، ولغة القرآن الكريم، والأسلوب القرآني، وغريب القرآن.
أما البحث الرابع في هذه الجلسة، فقدمه الدكتور أحمد معاذ علوان حقي، بعنوان "نقض دعوى المستشرقين بتحريف القرآن الكريم" حيث خلص الباحث إلى أن الله لم يتكفل بحفظ الكتب السابقة، ولذلك لم يقيض لها عوامل البقاء، مؤكدا أن شبهات المستشرقين متهافتة، لأنهم انطلقوا من منطلقات البعد عن الحياد العلمي النزيه، فكانت شبهاتهم تقوم على إغفال جانب الحفظ، أو إلقاء التهم جزافاً بغير دليل، أو إساءة فهم النص عمداً، أو جهلهم بقواعد قبول الخبر، أو تحريف النصوص والكذب حتى توافق هواهم.
كما عقدت الجلسة التاسعة والأخيرة برئاسة الدكتور أحمد مباركي، فيما قرر لها الدكتور عبد الله العتيبي.
وقدم البحث الأول الدكتور محمد أبو غدير بعنوان "ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم بالعبرية"، حيث عالج الباحث في بحثه تاريخ الترجمات العبرية السابقة لمعاني القرآن الكريم وسماتها، دوافع الترجمة الجديدة وشبهاتها، سمات الترجمة الجديدة، ودراسة نقدية لنماذج من الترجمة الجديدة.
وأشار الباحث إلى أن كثيرا من اليهود في العصور الوسطى حرصوا على الاحتفاظ في منازلهم بنسخ من القرآن الكريم برسمه العربي، أو بتحويل الرسم العربي للقرآن الكريم إلى رسم عبري دون ترجمة معانيه إلى العبرية، وفعلوا ذلك.
كما ناقشت الجلسة التاسعة البحث الثاني المقدم من الدكتور عامر الزناتي الجابري بعنوان "سورة طه في الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم"،
قال فيه يتأكد لنا من خلال الدراسة أن الهدف من ترجمة معاني القرآن الكريم إلى العبرية لم يكن مجرد سد الفراغ الموجود في اللغة العبرية فيما يتصل بمعرفة وفهم نص القرآن الكريم، بل كان الهدف من الترجمة (خصوصا عند ركندورف وبن شمش بشكل مباشر، وعند ريفلين بشكل غير مباشر) هو تأكيد القول بوجود تأثيرات مقرائية ويهودية في نص القرآن الكريم حاشاه، فالزعم بوجود هدف علمي وراء هذا العمل هو هدف ظاهري فقط؛ لأن الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو هدف استشراقي في المقام الأول.
بعد ذلك ناقشت الجلسة التاسعة البحث الثالث للدكتور عبد الغني أكوريدي بعنوان"المستشرق القسيس إيليجاكولا أكنلادي ومنهجه في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اليُوربا"، خلص إلى أن المستشرقين اقتنعوا بأنه لا سبيل إلى محاربة المسلمين بقوة السلاح وإنما بحرب قوة الكلمة عبر التشكيك في صحة القرآن والطعن في شخصية الرسول وأنشأوا الجمعيات والمجلات، ونظموا المؤتمرات، وألفوا ما فاق على سبعين ألف كتاب، فأغلبهم متعصبون ولا ينفك منصفوهم عن تأثير ثقافتهم وعقائدهم، وأن فضل السبق لعلماء المشرقيات من الألمان على غيرهم من المستشرقين في خدمة القرآن الكريم، مشيراً إلى أنه بغرض التنصير وغرس الشكوك في قلوب الضعفاء من المسلمين، قام المستشرقون بترجمة القرآن الكريم إلى لغات متعددة من اللاتينية والإنجليزية والفرنسية، وغيرها مشتملة على أخطاء فاحشة نتيجة جهلهم بالعربية لقلة علمهم بمدلول العربية، وحدوث التداخل اللغوي، وأن الترجمة الشفهية لمعاني القرآن الكريم بلغة اليوربا تمكنت وبفترة طويلة وسبقت الترجمة المكتوبة التي شاعت وتطورت اليوم وبلغت اثنتي عشرة ترجمة.

الأكثر قراءة