"أرامكو": نمو الطلب العالمي ونقص الاستثمارات محركان لتقلب أسواق النفط
كشفت شركة أرامكو السعودية أن مسألة التقلب في أسواق النفط ليست بالشيء الجديد، إلا أن هذه المسألة احتلت على مدى السنوات القليلة الماضية العناوين الرئيسة حول العالم ويعود ذلك بشكل كبير إلى ارتفاع أسعار الزيت والنمو السريع في الطلب العالمي على الزيت إضافة إلى الجدل الذي صاحب ظهور عدد كبير من الكتب التي تعزز المفهوم الخاطئ والمضلل" لذروة الزيت ". وأشار عبد العزيز الخيال النائب الأعلى لرئيس شركة أرامكو السعودية للتكرير والتسويق والأعمال الدولية، في كلمته أمام المنتدى الكوري للتطوير أمس إلى أن الارتفاع الحالي في أسعار الزيت ما هو في الواقع إلا نتيجة لانحسار الطاقات على امتداد سلسلة إمداد النفط والطلب المتزايد وتشديد مواصفات المنتجات وقلة الاستثمارات في البنية الأساسية وغيرها من العوامل.
وأوضح أن أسعار الزيت الخام في الأشهر الأخيرة انخفضت بمقدار الربع تقريباً، على الرغم من عدم انخفاض إنتاج الزيت العالمي بمقدار الربع، كما أنه لم يطرأ توسع مفاجئ في طاقة التكرير حول العالم ولم ينخفض الطلب بنسبة الربع. وأضاف أن التغير في الأسعار الحالية لا يعتمد على الأساسيات وأنه يجب علينا النظر ما وراء الأساسيات للتوصل إلى الأسباب التي تؤدي إلى صياغة استراتيجيات فاعلة لضمان أمن الطاقة.
وذكر أن أحد العوامل الرئيسة المؤثرة في صناعة الزيت هي الاستثمارات والنظم والمناخ السياسي الذي تعمل فيه هذه الاستثمارات. وهذه العوامل لا تحدد جدوى الاستثمار لزيادة إنتاج الطاقة فحسب، بل يمكن أيضاً أن تؤثر بشكل كبير في المستخدمين النهائيين. وأضاف أن تحليلات وسياسات واضعي الأنظمة والمشرعين الحكوميين والهيئات الدولية تخضع في بعض الأحيان للاعتبارات السياسية أكثر منها للمبادئ الاقتصادية، ما يؤدي إلى إيجاد بيئة غير عادلة للمنافسة لمصادر الطاقة وتشويه أسواق الطاقة بشكل كبير.
وأوضح الخيال أن هذا الوضع على المدى البعيد لن يؤدي إلى إلحاق الضرر بصناعة الزيت فحسب، بل أيضاً بالمستهلكين الذين سيتضررون بسبب انحسار إمدادات الطاقة والتأخر في الاستثمارات وأخيراً تقلب السوق. وأشار النائب الأعلى لرئيس" أرامكو" إلى أن من بين العناصر الأخرى في السياق السياسي المؤثرة في صناعة الزيت هي الرغبة المعلنة لبعض مستوردي الزيت في تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، منوهاً بأن ذلك يعبر عن نظرة قاصرة في التعرف على حقائق أسواق الطاقة وأهمية الزيت والغاز كسلع. وذكر أيضاً أن "الاعتماد المشترك في مجال الطاقة" هو الأساس في استمرار الرفاهية، مشيراً إلى المثال المأساوي لكوريا الشمالية لتوضيح فشل العزلة الاقتصادية ومقارنتها بانفتاح كوريا الجنوبية على الاقتصاد العالمي مع المهارات والمواهب التي يتمتع بها الناس والأعمال فيها مما أدى إلى تحقيق رفاهية منقطعة النظير.
وأشار الخيال إلى أهمية الإدراك بأن الأسواق الحرة هي عنصر أساسي في أمن الطاقة، حيث تعطي إشارات دقيقة بالطلب وتشجع على الاستثمار في المرافق في الوقت المناسب إضافة إلى تشجيع الفعالية والتطور التقني.
وأضاف أن هناك عنصراً آخر لأمن الطاقة وهو الإقرار بمحدودية تنوع مصادر الإمداد حيث يأتي في الوقت الحاضر نحو 88 في المائة تقريباً من الطاقة العالمية من مصادر الوقود الأحفوري، مشيراً إلى أنه على الرغم من الحاجة الأكيدة لأنواع الوقود البديل للمساعدة في تلبية الطلب، إلا أن هذه الأنواع من الوقود تواجه العديد من المعوقات الفنية والاقتصادية.
وأكد أنه عندما يتعلق الأمر بمسألة تنوع موردي النفط مع وجود نحو ثلثي الاحتياطيات الثابتة من الزيت الخام في العالم في الشرق الأوسط، فإن احتمال مثل هذا التنوع سيكون حتماً محدوداً. فجيولوجيا ما تحت الأرض ليست شيئاً قابلاً للنقل، وبالتالي فإن فكرة تنوع مصادر إمداد النفط تبدأ بالانحسار عندما ينظر لها كمرادف لتقليل الاعتماد على الزيت القادم من الشرق الأوسط. وأضاف أن الإقرار بهذه الحقيقة سيقودنا إلى الاستنتاج أن أفضل ضمان لأمن الطاقة هو وجود شرق أوسط مستقر وينعم بالسلام.
وأشار أيضاً إلى وجود عامل ثالث يسهم في أمن الطاقة وهو إقامة علاقات قوية ومتبادلة بين المنتجين والمستهلكين، منوهاً بالعلاقات القوية التي تربط أرامكو السعودية وشركات كورية كمثال لهذا النوع من العلاقات.
وقال "في الواقع إن أول دخول لنا في شرق آسيا كان في كوريا، حيث أصبحنا في عام 1991 شريكاً في شركة سانق أويل ريفايننق، التي تعرف حالياً بشركة إس- أويل". وأوضح أن الأمثلة الأخرى على العلاقات القوية تشمل شراء شركة السفن التابعة لأرامكو السعودية، شركة فيلا البحرية العالمية، العديد من ناقلات النفط من مصانع السفن الكورية، إضافة إلى الأدوار المهمة لشركات الهندسة والإنشاء والتموين الكورية في مشاريع الزيت والغاز العملاقة التي تقوم بها "أرامكو" السعودية.