أكل الطعام وقت الصلاة
<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة" رواه البخاري ومسلم. وهذا لا يختص بصلاة المغرب ووجبة العشاء فحسب، بل يعم كل وجبة وصلاة، لذلك ينبغي حمل الأحاديث السابقة على العموم، نظرا إلى توافر العلة وهي اشتغال البال بالطعام، سواء كان غداء أو عشاء لما يؤدي من تشويش يفضي إلى ترك الخشوع. قال ابن عباس حين دعي إلى الصلاة لا حتى نأكل لا يعرض لنا في صلاتنا". وقال أبو الدرداء من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ". ولما ورد من إطلاق في حديث عائشة رضي الله عنها "لا صلاة بحضره طعام"، فيعم كل طعام محتاج إليه، بل بالغ ابن حزم – رحمه الله – فرأى بطلان من صلى بحضرة طعام محتاج إليه لظاهر الأدلة، وإذا لم يغلبه الجوع والحاجة إلى الطعام فيبدأ بالصلاة، فالنبي صلى الله عليه وسلم حين دعي إلى الصلاة وهو يجتز من كتف شاة يأكل منها قام وطرح السكين وصلى". رواه البخاري ومسلم. قال الشافعي وإذا حضر عشاء الصائم أو المفطر أو طعامه وبه إليه حاجة أرخصت له في ترك الجماعة، وأن يبدأ بطعامه إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه، وإن لم تكن نفسه شديدة التوقان إليه ترك العشاء وإتيان الصلاة أحب إلي". أ. هـ.
ويأكل من الطعام ما يطفئ لهب جوعه ويسكن توقان نفسه، وإذا تعلق قلبه بالطعام فله أن يأكل حتى يشبع ويفرغ منه، قال الحسن بن علي "العشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوّامة". وكان ابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهما يأكلان طعاما من التنور سويا فأخذ المؤذن يقيم فقال ابن عباس لأبي هريرة: "لا تعجل بالإقامة لا نقوم إلى الصلاة وفي أنفسنا منه شيء". ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: "ولا يعجلن حتى يفرغ منه". قال النووي: دليل على أنه يأكل حاجته من الأكل بكماله وتعشى ابن عمر وهو يسمع قراءة الإمام ولم يترك طعامه، وهو راوي الحديث فسره بفعله وهو أعلم بما روى.
إن كلا من السابق عن تقديم الطعام على الصلاة إذا كان في الوقت سعة، أما إن ضاق عليه الوقت وخشي خروجه فإنه يصلي محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز التأخير، وإذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمها ضررا بارتكاب أخفها، وخروج الوقت أشد من ترك الخشوع بدليل صلاة الخوف في حال المسايفة، قال الحافظ ابن حجر وإذا صلى لمحافظة الوقت صحت مع الكراهة وتستحب الإعادة. وعلق عليه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقاته النفيسة على فتح الباري بقوله: الأولى عدم استحباب الإعادة لأن من صلى كما أمر فليس عليه إعادة، فقد قال الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم". وقال الطحاوي: لا يختلفون أنه لو شغل قلبه بشيء من الدنيا أنه لا يستحب له الإعادة".