النعيمي: أسعار النفط المخفضة تحبط استثمارات المنتجين في إمدادات الطاقة
النعيمي: أسعار النفط المخفضة تحبط استثمارات المنتجين في إمدادات الطاقة
قال علي النعيمي وزير النفط السعودي أمس، أن أسعار النفط المنخفضة جدا لا يمكن أن تستمر وربما تؤدي الى تقلبات سعرية.
وأضاف النعيمي أن أسعار النفط المنخفضة قد تحبط استثمارات المنتجين في إمدادات جديدة للطاقة وأن السعر يجب أن يكون مرتفعا بما يكفي لتحقيق عائد للمنتجين دون الإضرار بالمستهلكين.
وتابع أن السوق شهدت أن هناك علاقة عكسية قوية بين الأسعار المنخفضة وقدرة المنتجين على الاستمرار في إمداد الطاقة للاقتصاديات النامية وأن أسعار النفط المنخفضة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي لم توفر حوافز تذكر للاستثمار في مجال الطاقة.
ومضى الوزير السعودي يقول إن بعض الأفراد يعتقدون خطأ أن النمو الاقتصادي تربطه علاقة عكسية بالأسعار أو بكم ما تستورده دولة ما من النفط لكن الخبرات المكتسبة في الفترة الأخيرة تثبت أن ذلك غير صحيح، فلا الأسعار المرتفعة ولا درجة الاعتماد على واردات النفط كانت معطلة لاقتصاديات الدول المستهلكة.
وأكد النعيمي مجددا التزام السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم بإمداد
السوق بكميات إضافية في أوقات الحاجة إلى تحقيق استقرار الأسعار في الأجل القصير.
وشدد وزير البترول في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي الإسلامي الدولي الثاني المنعقد في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، على وجوب عدم الانزعاج من جرّاء الزيادة المطّردة في الطلب على الطاقة، "فالزيادة في الطلب على الطاقة تسير جنباً إلى جنب مع النمو الاقتصادي ورخاء الشعوب، وهي مؤشر إيجابي لنجاحاتنا وليس لإخفاقنا"، مضيفا "أن مصادر الطاقة التقليدية، المتمثلة في البترول والغاز والفحم، وافرة وتكفي لتزويد العالم بما يحتاج إليه من الطاقة في المستقبل المنظور، وهناك كميات هائلة من المصادر غير التقليدية، والتي يمكن الاعتماد عليها خلال ما تبقى من هذا القرن، مثل البترول الثقيل جداً والموجود في أنحاء عديدة من العالم".
وقال الوزير النعيمي "إن تلبية تطلعات شعوب العالم لمزيد من الرفاهية لن يتحقق إلا من خلال جهود مشتركة بين الدول المستهلكة والمنتجة للطاقة. ولابد أن تتضافر الجهود الدولية للبحث عن كميات أكبر من الطاقة، وأن يتم تطوير وإنتاج هذه الكميات على نطاق غير مسبوق.
وأردف الوزير يقول: إن السعودية هي إحدى الدول النامية المشاركة في هذا المنتدى. ولدى شعوب الدول النامية الكثير مما يشتركون فيه، كما أن لهم نفس الطموحات التي يتطلب تحقيقها إلى تأسيس اقتصاديات حيوية توفر فرص العمل للشباب وتحقق لهم الأمن الاقتصادي.
وتابع يقول: لقد خطونا في السعودية خطوات مهمة على طريق الإصلاح الاقتصادي وقمنا بتنفيذ المبادرات الرامية إلى الاستفادة من مواردنا البترولية لبناء اقتصاد أكثر قوة، ذي قاعدة اقتصادية واسعة. وقال لقد دخلنا في شراكات مع شركات عالمية لبناء مصاف جديدة داخل المملكة فيما نعمل في الوقت نفسه على زيادة طاقة معاملنا داخل المملكة وفي المشاريع المشتركة في الخارج. كما نعمل على التوسع في صناعتنا البتروكيميائية وزيادة طاقتها. وهدفنا الرئيس من وراء هذه المشاريع هو الاستفادة من القيمة المضافة لمواردنا من البترول والغاز الطبيعي بتحويل هذه الموارد إلى منتجات نهائية.
وبين "كما نعمل أيضًا على إيجاد فرص جديدة لتنمية اقتصادنا وتنويعه من خلال تطوير صناعات الخدمات المساندة التي تؤمن المساندة الحيوية لصناعة البترول في جميع مراحلها من التنقيب إلى الإنتاج والتكرير والتصدير. كما أننا حاليا نركز على الصناعات الثقيلة المعتمدة على الطاقة مثل مصاهر الصلب والألمنيوم، كما نقوم بعمل استكشافات لمواردنا التعدينية من أجل تنوبع قاعدة الاقتصاد الوطني لدينا".
ولفت الوزير النظر إلى ما يقوله البعض من أن الهدف الرئيس لسياسة البترول ينبغي أن يركز على إبقاء الأسعار عند أقل مستوى ممكن، وهو قول مبني على اعتقاد خاطئ بأن انخفاض أسعار البترول شرط أساس لاستقرار واستمرار التنمية الاقتصادية، فيما أثبتت التجارب أن العكس هو الصحيح.
وقال النعيمي لقد رأينا أن هناك علاقة سلبية جداً بين انخفاض أسعار البترول وقدرة المنتجين على مواصلة تزويد الاقتصادات المتنامية بالطاقة، فأسعار البترول المنخفضة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي لم تكن توفر الكثير من حوافز الاستثمار في صناعة الطاقة، ولذلك انسحب رأس المال إلى الصناعات الأخرى التي وفرت عوائد أكبر. ومع انخفاض تدفق رؤوس الأموال إلى صناعة البترول، عجزت هذه الصناعة عن زيادة طاقتها في توفير الطاقة للمستهلكين، بل انخفضت هذه الطاقة في بعض الحالات. ومما زاد الأمر سوءاً هو أن انخفاض الأسعار أفرز زيادة كبيرة في استهلاك الطاقة. وعندما نعود بالذاكرة الآن إلى هذه الفترة ندرك أن هذه الأوضاع ما كان لها أن تستمر، وأن أسعار البترول المرتفعة التي نشهدها اليوم ما هي إلا نتيجة مباشرة لنقص الاستثمارات خلال العقدين السابقين.
ويعتقد البعض أن هناك علاقة عكسية بين النمو الاقتصادي وأسعار البترول أو درجة الاعتماد على البترول المستورد، وهو اعتقاد أثبتت التجارب عدم صحته، فقد رأينا أخيرا العديد من الأمثلة البارزة على تحقيق دول نامية لمعدلات مذهلة من النمو الاقتصادي رغم كونها دولاً مستوردة للبترول، بل وفي ظل ارتفاع أسعار البترول.
ففي هذه الحالات لم تكن الأسعار المرتفعة ولا الاعتماد بدرجة كبيرة على البترول المستورد عوائق كبيرة في طريق النمو الاقتصادي المستمر، ولذا فإن علينا ألا نعتبر مستويات واردات الطاقة مؤشرات سلبية، ولا علامات فشل، بل هي مؤشرات نجاح. فكلما نمت اقتصادات تلك الدول زادت احتياجاتها من الطاقة، وكلما زاد استهلاكها من الطاقة زاد نموها الاقتصادي.
والواقع أنه ليس بالإمكان الإبقاء على أسعار البترول منخفضة للأسباب التي ذكرتها. فالنمو الاقتصادي المستمر يحتاج إلى إمدادات طاقة موثوقة وأسعار مستقرة، وهذان شرطان لا يمكن تحقيقهما إلا عندما تتم تلبية احتياجات كل من المنتجين والمستهلكين. فالأسعار يجب أن تكون مرتفعة بما يكفي لتوفير عوائد مناسبة للمنتجين دون الإضرار بالمستهلكين، وهذه هي الحالة الوحيدة التي تتوافر فيها الشروط الضرورية لتواصل النمو الاقتصادي واستمراره. والإمدادات الموثوقة والأسعار المستقرة هما المقياسان اللذان نستخدمهما في سياسة المملكة البترولية لأنهما أمران يخدمان الاقتصاد العالمي كما يفيدان الاقتصاد السعودي على المدى البعيد.