موقع الأصدقاء المفتوح يوفر فرصا للعمل عبر الإنترنت

كانت أمنية لارس هاينركس دائما جمع وربط الناس مع بعضهم البعض. وقبل ثلاثة أعوام كان لدى لارس جدول عناوين الأشخاص في برنامج البريد الإلكتروني Outlook ما يقرب من ألفين وخمسمائة شخص، ولكنه كان يعلم بأن هذا ليس هو ما يريده, فهو لا يستطيع بهذه الطريقة أن يربط بين الناس بعضهم ببعض. وفي نظر لارس أن الناس المثيرين للاهتمام فعلا ليسوا هم الناس الذين يعرفهم المرء مسبقا بل الناس الذين يعرفهم المرء عن طريق أناس آخرين أي تعارف من الدرجة الثانيـة وذلك تبعا للمبدأ الجاري في الحياة اليومية ( أنا أعرف شخصا هذا الشخص يعرف شخصا آخر) وقد أراد لارس أن يبرز بذلك منظورا، بالتحديد من خلال الإنترنت.
وبهذا ولدت فكرة ظفرت بالنجاح الكبير والسريع أيضا. بداية مشوار لارس تعود إلى شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2003 حيث عرض موقعه الإلكتروني OpenBC (نادي الأعمال المفتوح Open Business Club) على شبكة الإنترنت .في ذلك الوقت كان لارس هو الموظف الوحيد، وأول أعضاء قائمة التعارف في موقعه كانوا أصدقاءه ومعارفه وأقاربه، الذين رجاهم بأن يسجلوا أنفسهم. ومنذ ذلك الحين بات الموقع يضم ما يقارب 1.5 مليون عضو من 226 دولة، وهذا كله تم من دون أي نوع من أنواع الدعاية والإعلان، بل فقط من خلال تناقل الكلام بما يشبه حركة دوران كرة الثلج التي تتضخم كلما تدحرجت.
ميشائيل هارتمان أحد أعضاء الموقع الإلكتروني منذ كانون الثاني (يناير) 2005 أشار إلى أنه على صفحة التعارف التي سجلها يستطيع المتصفح أن يجد تحت اسمه صورته الشخصية، ومكان وظيفته الحالي، ومنصبه الوظيفي وبعض الشيء عن سيرته الذاتية وهواياته. ولكن أفضل ما في الصفحة هو عمود ( التعارف ) حيث توجد هناك أسماء الأعضاء الذين أضافهم ميشائيل كأصدقاء للتعارف. وبهذه الطريقة يستطيع أن يخاطب المعارف وأصدقاء العمل إلكترونيا ليرجوهم بأن يصبحوا أصدقاء تعارف. وحالما يوافق هؤلاء على رغبة ميشائيل يظهرون على صفحته الإلكترونية. هذه الأسماء مربوطة بصفحات خاصة لكل اسم، فعندما يضغط المتصفح على الاسم الذي يريده، يستطيع حينها أن يقرأ ماذا يفعل الشخص وأين يعمل وما هي اهتماماته. ولأن كل شخص يستطيع أن يضيف أسماء أصدقائه ومعارفه كأصدقاء للتعارف، تنشأ بذلك شبكة يعرف فيها -تقريبا- كل شخص الشخص الآخر.
وأجمل ما يمكن الاستمتاع به عند تصفح السير الذاتية للأشخاص الآخرين ليست هي نشوة التطلع والفضول على أخبار الآخرين، بل هي تلك القائمة الصغيرة الموجودة فوق تعريف المشترك. فهذه القائمة توضح عدد الزوايا التي من خلالها تم التعرف على الشخص الذي يقرأ المتصفح صفحته في هذا الوقت. للتوضيح: نقول إن كلاوس يعرف بيتر وهذا الأخير يعرف جوزيف الذي يعرفني أنا .. وهكذا . وبهذا أعرف أنا كلاوس من خلال شخصين هما بيتر وجوزيف. هذه العملية أشبه بلعبة يمكن الانتفاع بها لغايات العمل والتجارة.
ميشائيل هارتمان استطاع من خلال الموقع OpenBC أن يجد وظيفته الجديدة، حيث إن وظيفته القديمة كمبرمج اقتصادي لم تعد تعجبه كما الوظيفة الجديدة كمخطط ومنفذ معلومات. ففي صفحة نظام البحث الموجودة في الموقع OpenBC وجد في مطلع 2005 شخصاً متعاطفاً معه ومع ميوله وبناء على ذلك تواصلا وتبادل الطرفان الرسائل الإلكترونية أربع أو خمس مرات. وبعد عام تقريبا اتصلت الشركة بـميشائيل وأخبرته بأنها قد سمعت بأنه يبحث عن وظيفة كمخطط ومنفذ معلومات، وأن لديها حاليا وظيفة شاغرة. الواقع أن ما حدث هو أن صديقه الذي تعرف عليه في OpenBC كان قد نصح به لتلك الشركة.
لكن ميشائيل يرى أن البحث عن الوظائف - بالتحديد- في الموقع OpenBC أمر غير مستساغ، فمديرو شؤون الموظفين لا يرغبون في السؤال يوميا "هل لديكم وظيفـة ؟". حقيقة يمكن القول إن الموقع OpenBC يعمل كأسلوب الواسطة بطريقة إلكترونية من خلال شخص ما يعرف شخصا آخر وهكذا . كما تكمن هناك فائدة أخرى من وراء هذا الموقع، ألا وهي أن الشخص نفسه يمكن أن يكون هو الشخص الذي يبحث الآخرون عنه.
حتى هذه اللحظة يدفع جزء بسيط من الأعضاء مبلغ الاشتراك وهو 95.5 يورو وتتجنب الشركة حتى الآن ذكر أي أرقام حجم تداولاتها. لكن وعلى الرغم من ذلك تحقق OpenBC أرباحا كبيره, وتتوقع لهذا العام حجم تعاملات يبلغ عشرة ملايين يورو. أساس الشركة التي أنشأها "لارس هاينركس" في مدينة هامبورج شمال ألمانيا هم الأعضاء الناطقون باللغة الألمانيـة، ولكن المؤسس تجذبه الأعمال في شرق آسيـا، وبالتحديد الصيـن، حيث تحتل OpenBC هناك المرتبة الثانيـة. التطور السريع الذي مرت به الشركة في الصين أثار إعجاب واستغراب لارس نفسه حيث قال :" إن سوق العمل في الصين تتوسع بسرعة مهولة ويكفيني القول إن حجم التعامل الذي توقعته للربع الأول بكامله نجنيه حاليـا في غضون أسبوعين فقط ".