شتاء قارص على الأبواب .. وارتفاع أسعار الغاز للمرة الخامسة
بسبب الذبول التدريجي للمخزون في بحر الشمال، تحوّلت بريطانيا من مصدّرة خالصة إلى مستوردة خالصة. ومنذ ذلك الحين أصبح الغاز سلعة شحيحة في الجزيرة.
لقد بدا وكأنه حلم يمكن أن يصبح حقيقة بالنسبة للبريطانيين حتى فترة وجيزة عن طريق مخزون النفط والغاز في بحر الشمال المحلي. وبالفعل شهدت الجزيرة انتعاشاً وبهجة حيال الثروة الأحفورية تحت قاع البحر. ومنذ بضعة أعوام أصبح الغاز الموجود في الجزيرة شحيحاً. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية وحدها ارتفعت مؤشرات الغاز بالوحدة خمس مرات. وبرغم هذا انخفض سعر الغاز الأسبوع الماضي في وُجهة السوق إلى الناقص. وأُغرقت السوق فجأة بالغاز، حيث دفع التجّار أموالاً ليأخذ المرء منهم المواد الخام. ولكن حتى هذه السعادة استمرت لفترة وجيزة. وتتوقّع سلطات التشريع "أوفجيم"، شتاءً قارصاً للبريطانيين. وبغض النظر عن العرض المرتفع في السوق، لا يمكنها أن تتوقّع تقديرات غاز متدنية قبل ربيع العام المقبل.
إن بريطانيا تحظى بأكثر أسواق الطاقة تحرراً في العالم. ولم يعمل هذا على فرض الضغط على الأسعار. ولكن نظراً لتدني مستوى المخزون في بحر الشمال، تحوّلت الدولة قبل عامين من مصدّرة خالصة إلى مستوردة خالصة. ومنذ ذلك الحين، أصبح الغاز سلعة شحيحة. ويدفع المنزل الواحد في بريطانيا اليوم نحو 90 في المائة أكثر مقابل الغاز ونحو 60 في المائة أكثر مقابل الطاقة مقارنة بعام 2003. وإن التقدير السنوي للطاقة والغاز يسجّل بالوحدة الواحدة لدى ما يقارب 1500 يورو سنوياً. وتتهم الحكومة البريطانية الحكومات في القارة الأوروبية بأنها مسؤولة عن هذا الأمر، ذلك لأن أسواق الغاز فيها غير متحررة من القواعد الصارمة إلى حدٍ كاف، ولأنه يتم ترويج الغاز في الغالب لزبائن دول المصدر، إضافة إلى بعض الأمور الأخرى. وقد بدا تزويد الغاز من روسيا غير موثوق. وتشير الانتقادات في المقابل إلى الفشل الحالي للبريطانيين لدى بناء وتعزيز البنية التحتية.
ومن المفترض أن يحقق أنبوبان جديدان إلى جانب مشاريع أخرى مساعدات في هذا الأمر. ويعتبر أنبوب الغاز الذي يبلغ 1200 كيلومتر "لينجليد" بين النرويج وبريطانيا، أطول أنبوب في العالم، والذي تم استخدامه الأسبوع الماضي لأول مرة كتجربة. وأنبوب ثان بين هولندا وبريطانيا، سيبدأ العمل في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ومن المفترض أن يعمل أنبوب "لينجليد" على تزويد حتى 20 مليار متر مكعب من الغاز في السنة. وهذا من المفترض أن يكفي لتغطية نحو خمس حجم الطلب البريطاني خلال الأعوام الـ 40 المقبلة. وتدفق الأسبوع الماضي نحو 41 مليون متر مكعب من الغاز في اليوم عن طريق الأنبوب. وبهذا الحجم يمكن تغذية محطات الطاقة العاملة على الغاز، والبالغ عددها نحو 12 محطة. ونظراً لدرجات حرارة الخريف الجيدة، كان لا يزال الطلب على الغاز، لدى خزانات ممتلئة، ضئيلاً، وهبط سعر التداول التجاري الكبير للغاز القابل للتزويد مباشرة إلى السالب. وعقب فترة وجيزة ثبت السعر من جديد.
ولن يستفيد المستهلك البريطاني هذا الشتاء من الأنابيب الجديدة. فقد أعلنت وكالة سكوتيش ساوثرن للطاقة مع نهاية شهر أيلول (سبتمبر) عن ارتفاع آخر على أسعار الغاز والطاقة مع بداية العام المقبل، وتُعد هذه الوكالة من أكبر شركات تزويد الغاز في الدولة، وتضم نحو 70 مليون زبون. "سوف تشهد أسعار الجملة، التي دفعنا نحن ثمنها قبل بضعة أشهر مقابل الغاز المزوّد اليوم، ارتفاعاً آخر"، حسب توضيحات جاءت عن متحدّث من وكالة سكوتيش ساوثرن للطاقة.
وحسب ما جاء عن سلطات المراقبة "أوفجم" Ofgem فإنه يلزم من ستة إلى اثني عشر شهراً، حتى تنعكس أسعار الجملة المتدنية في أسعار استهلاكية متدنية أيضاً. وبالطبع فإن "أوفجم" متيقّظة، حيث لدى تأجيل نحو ستة أشهر، على المزودين أن يعلنوا عن انخفاض في الأسعار لشهري شباط (فبراير) وآذار (مارس)، الشيء الذي لم يحدث حتى الآن. "عندما نتأكد من هبوط واضح في أسعار الجملة، الشيء الذي لا يؤثّر بعد على حسبة المستهلك، علينا أن ننظر بدقة في الأمر"، حسب ما ورد عن متحدث "أوفجيم". ويعبّر مراقبو السوق عن شكوكهم، فيما إذا كانت السلطات ذات تأثير قوي بصورة كافية. "سيجيء وقت، تنجذب فيه منافسة حادة إلى هذه السوق"، يحذّر مدير منظمة الاستهلاك، إنيرجي ووتش، "نحن بحاجة إلى حرب أسعار، كما تعمل سلاسل المتاجر الكبرى".