(يا سـُبْحانَ اللَّه!!)

<a href="mailto:[email protected]">abubeid@binzagr.com.sa</a>

حصول الاقتصاد الوطني السعودي على تصنيفات، لمرحلْيَات نتائجه الاقتصادية تمثـِّل حصيلة جيدة لإجمالي الأحكام المعلنة والآراء المتخصصة من مؤسسات دولية بحثية لنشاطات اقتصادية مالية ونقدية، ليس بدعة تستهدفنا، ولا خدمة تميزنا عن غيرنا، ولا فك عتق لانطلاقة تقدمنا، بقدر ما هي خيار للمؤسسات البحثية لمجموعة من دول العالم الرائدة في التجارة الدولية والانتساب الفاعل لكثير من المؤسسات الاقتصادية العالمية، لاقتصاديات دول تداول أهميتها الدولية على مستوى صندوق النقد الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة الإنمائية والتجارة العالمية، امتداداً إلى المؤسسات التجارية والبحثية الدولية الخاصة.
ترحيبنا الفائق بالتقيمات المتميزة من هذه المؤسسات لاقتصادنا الوطني محبب للنفس ومساند للعلم والفهم طالما نعرضه بالمنهجية العلمية نفسها التي تتأسس عليها التقارير، ونحسن الاستخدام بقدر قدرتنا على طرحه بمصداقية، ضمن المجهودات العلمية التي تحيط به. التعليق الأهم الذي صدر عن المسؤول النقدي الحكومي المتخصص على تقرير (مؤسسة فيتش ريتنجر للتصنيفات الإئتمانية) من (أنَّ هذا الإنجاز الكبير للمملكة يدعم سمعة المملكة كجهة جاذبة للاستثمار، تنعم بالاستقرار والقوة المالية والسياسة الاقتصادية الحكيمة)، منتقلاً إلى صلب اختصاصه والبعد عن العموميات التي لا تسمن علمياً ولا تغني ثراء من جوع قوله إنَّ التقرير (مؤشر على قوة الاقتصاد وقدرته على تمويل المشاريع من المصارف ومصادر التمويل الأخرى.. وإنَّ رفع التقييم مؤشر على قدرة الاقتصاد على جذب التمويل). أهمية تركيز التفحيص والتحليل لتقرير دولي، علمياً تساعد على استيعاب محتوياته ومتابعة خفاياه، وتكثر الاستفادة منه، ونقده من منطلقات نقدية، لماض عسير تخطته سياسات حكومية نقدية واعية نقلته إلى مسيرة نقدية أفضل، ليجني الاقتصاد الوطني السعودي ثمارها ويسير على خطاها. التقارير الدولية كلما تناسق الترحيب، وتطابقت النمطية في قبولها، استفاد الاقتصاد الوطني السعودي من العمل بها، وللتصحيح لما يجب تعديله وزيادة الاهتمام بالمسارات الجيدة. الإفصاح لكل ما يصدر عن هذه المؤسسات والمنظمات الدولية يوفر عين الشفافية وجسارة تضحيات التنمية. سمعت عن تقرير دولي تزامن توقيت صدوره لتقرير فلتش، يفاضل الاستثمار في أسواق أسهم البحرين وعمان والقاهرة على سوق الأسهم السعودية. الجهة المسؤولة عن الأسهم لم تشير له، وغاب ذكره عن الصحافة الاقتصادية المحلية، وعجزت اقتفاء أثره.
متانة الاقتصاد الوطني السعودي مطمع المستثمر الأجنبي، وجنة الله في أرضه للمستثمر السعودي، والتطوير في المناهج التعليمية متقدم، والاهتمامات بالتعليم العالي العلمي التطبيقي متزايدة، والتوسع في التعليم المهني والتدريب الفني يتسابق مع الرغبات والتطلعات في المناطق النائية مفاضلة على كبريات المدن، والتوسع في الابتعاث للدراسات العالية المتخصصة يعيد عقارب الساعة لما عهدناه في نهاية القرن الماضي، وكثرة إصدارات القوانين والنظم التجارية والإنمائية تمثل إضافات للفراغ القانوني الذي أوجده قبول كثير من التطلعات الاستثمارية الدولية والانضمام لاتفاقيات دولية. التوجهات الإنمائية التي تدفع بها الدولة اليوم، تختلف عما كانت عليه في الربع الأخير من القرن المنصرم، حيث إنها تمثلت في الآليات اللازمة لتحريك أصحاب الأعمال للاستثمار والعمل مثل صندوق التنمية الصناعي والبنك الزراعي والبنك العقاري .. الخ، واليوم ليس البارحة، حيث تأخذ طابع تحسين مناخ الاستثمار بما يتماشى مع متطلبات التنمية الحديثة، والتوازنات الاجتماعية والمستويات العالمية، والمزاحمة النسبية للنشاطات الاقتصادية التي يتميز بها الاقتصاد الوطني السعودي وما يمكن له أن يوفرها بتدوير المكونات وتحوير الخيرات ضمن حرية السوق بقوة الأسواق العالمية التي يتعامل ضمنها.
مناخ الاستثمار المحلي مفهوم مطاط مثل الزئبق، ومن مصلحة الاقتصاد الوطني السعودي العمل لتوفير مناخ ضمن المفهوم العالمي ومحدداته المحلية ضمن النسبة التزاحمية للنشاطات الإنمائية المختارة، وتفعيل القدرات الطبيعية المتوافرة، وصقل المهارات بالقدر المكتوب لنا والاجتهادات التي نقدمها من أنفسنا ولأنفسنا.
الوفرة النقدية في الربع الأخير من القرن المنصرم قفزت بسياسات مالية حكومية وهيكليات مصرفية وجامعات ومستشفيات ومدارس ومدن صناعية وخدمات اجتماعية لتعطي الوطن والمواطن فرصاً لحياة اجتماعية افتقدها الآباء ويسعد بها الأبناء، وطرق ووسائل للدخول في نشاطات خدمية وتجارية وصناعية وزراعية متقدمة ومتطورة وتعطي عوائد ربحية لكل من يوفقه المولى حسن التدبير ويوازن بين التقتير والتبذير، ليحيا ليعش ويكون نبراس العمل كأنه يعيش أبداً وفهمه للحياة أن يموت غداً. حصيلة الماضي من المنظور الإنمائي الاجتماعي غير متوازنة، وندير ظهورنا لسلبياتها، ونكثر الغوغائية حولها في تجمعاتنا. تركها على علاَّتها مضروبة، مضرة بأساسيات الجهود التنموية الاقتصادية الاجتماعية، ومواجهتها علمياً يوفر فرصاً طيبة للإنفاق الحكومي والاستثمار الخاص والأهلي والأجنبي: السلبيات الاجتماعية رافد مهم للاستثمار وعمل وطني مسؤول ويحتاج إلى اهتمام رموز المجتمع بتعاون هادف مدروس مع المؤسسة الحكومية. الغرف التجارية الصناعية أحسن الهيكليات المتوافرة في الاقتصاد الوطني السعودي لتتعاون على نطاق الاقتصاد بفكر مبتكر يخرجها من دوامة الفراغ الذي يجعلها تدور حول نفسها ويوفر لها منطلقات تفك عقدة (مجلسها) الذي أدخل وجوده في مركزية متسلطة على الغرف من ثلاثة أعضاء والنقيب يقودون ما لا يقل عن 300 عضو منشغلين مع كثرة من المنتسبين، في لجان ما أنزل الله بها من سلطان، وبحرية فائقة في متابعة متكررة لمواضيع على أجنداتهم لسنوات مضت مديرين ظهورهم لتحديات مناخ الاستثمار المستقبلية، والمعاناة المجتمعية من البطالة إلى نقص الحاجة ولا يفهمون سمفونية التنمية الحكومية.
التوجيه الحكومي الرسمي المقروء جيد وفقاً للمطلـِّع على القرارات الصادرة، والتغيرات المستحدثة في مجالات التعليم العالي والمهني ومتابعة العمالة الوطنية وحماية حقوق العمالة الأجنبية والتوفيق بين الاحتياجات والمهارات والقدرات الفنية والتنظيمات الموضوعة والقوانين المعتمدة .. الخ. النشاطات الاقتصادية التقليدية مزدهرة وواضحة للعيان والبطون الجائعة يقرأونها في نتائج ربحية البنوك والشركات المساهمة والتوسع العمراني والمراكز التجارية والصناعات النفطية .. الخ. استفادة الاقتصاد الوطني السعودي من استثمارات الدولة في توفير (النواقص) في الكفاءات والقدرات والطاقات، يحتاج إلى وقت طويل وجهد أكبر، حتى يرى الاقتصاد نتائجه على الطاقات الوطنية البشرية، لأنَّ الابتعاث للخارج والجامعات الجديدة ومعاهد التدريب نتائجها تظهر في الغد المرتقب. معرفة نتائج التوقعات نافعة إذا توافرت معالمها أو سهلت متابعتها. الموائمة بين ترتيب المعطيات والاحتياجات للأفراد والمواطنين والأعمال مهمة. التدريب لتعديل التطبُّع القائم المنقوص لفهم المسؤولية الأسرية وخلق التعامل والواجب والخدمية المؤسساتية مفتقدة ومفقودة. الاهتمام بإصلاحها وتحسينها مهمة كبيرة في حد ذاتها وفرصة للاستثمار النافع مع التوافق للمسؤول الحكومي والمواطن المسؤول، من منظور مصلحة (الوطن)، في طريقهم إلى النهوض بإصلاح أحواله الاجتماعية وسلوكياته الأخلاقية. القاسم المشترك الأعظم لالتقائهم، خارج المساحة الضيقة لاتباع النظام والعقاب للمخالفة، يتوافر على قدر أهل العزم في التفاني لتحسين الخلق والرقي بالمسلكيات.
النظم الموضوعة والقوانين المشرَّعة لا توفر العطاء لتحسين مناخ الاستثمار لمجرد إصدارها. الأمر يتطلب توافر القناعة في الهدف من قيامها، والتدريب على التنفيذ الحكومي، وامتثال المتعامل لمعرفة فوائدها. معطيات الدولة في ربع القرن المنصرم كانت بمثابة نوافذ مشرقة للمشاريع وتسهيلات للتوسع في الأعمال الاستهلاكية. اليوم نراها عبارة عن بوابات لآليات ونظم تسهـِّل للمكونات المتوافرة، يفتحها العلم الصادق وليس "افتح يا سمسم" لأعمال ونشاطات تنموية مخرجاتها استيعاب عمالة وطنية ومنتجات تعطي دخول مضافة إلى عوائد النفط وتتزايد مع الزمن بعد أن يوفقنا المولى عزَّ وجل للتوافق لمعرفة أحسن الطرق والمسالك لتحسين المناخ الاستثماري من تذكـُّر الإيجابيات المتوافرة دون أن نتناسى السلبيات العالقة في مجتمعاتنا، وتتعلق بنا لكونها طرق من العوائق، راسخة في طريق النماء وتوفر إضافات واسعة لمسالك الاستثمار.
التوجهات الرسمية والخاصة يتولى إنفاذها مواطنون وتؤثر في منهجياتها أفكارهم وقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم التي تضيق وتتسع بمقدار الهجرة الداخلية النشطة والتناغم بين التعليم والمفاهيم. صهر هذه الإنسانيات أمور حيوية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية واستمرار الفراغ الذي نعيشه يترتب عليه كثير من المعطلات والمعوقات لتحقيق التنمية.
الأكثر قبولاً لأفئدتنا في أمور التنمية استمرار الحديث من أجل الحديث عن مناخ الاستثمار والاهتمام بالتقارير الدولية أكثر من العناية بهندسة أفضل لمخرجات التعليم .. الخ ، وقافلة (العمل) الخاص والأهلي تسير في أكثر المجالات بالمفاهيم نفسها التي عهدناها، ولكن بالبلايين الاستثمارية والربحية ، دون معرفة واتفاق عن مدى مطابقتها للنتائج المخطط لها من أهداف برنامج تنموي موضوع للوصول إلى اقتصاد مستقبلي متوازن للعمالة والدخول القومية المضافة ومراكز النسبة المزاحمة ، وأمور مختلف ومتفق عليها . لا خلاف على وجود مخططات تنموية. الحاجة قائمة إلى الربط بين المعطيات الجديدة والمتجددة وأهداف التنمية وبرامج التنفيذ والمتحصل لتوفير المعرفة لدى من يمكن أن يهتم لأخذ دور الفائدة والاستفادة.
المواطن العادي المتابع لمقدرات الوطن، يعرف أنَّ الاقتصاد السعودي قوي، والزيت الخام مصدر متوافر للدخل لسنوات طويلة مقبلة، وأنَّ كثرة من المواطنين تنعم بالعيش والعلم، وبقية باقية ينقصها الكثير، وأنَّ التوسعات النوعية والكمية في التعليم جيدة، والصحة بعد عسر إلى يسر مهما طال الزمن، والقوانين الجديدة كثيرة، و أصحاب الأعمال مرتاحين وريضين فيما هم عليه، ودعواتهم أنَّ الله لا يغير ما هم عليه، وتحرك الأعمال متفاعل ضمن النشاطات التقليدية وتعامل المصالح الرسمية الخدمية مع المواطن ببيروقراطية وأحوالهم ثابتة وتكلفة المعيشة مرتفعة والمساكن المتوافرة مرتفعة الأجور وأمورهم المعيشية صعبة والالتحاق بالمؤسسات العلمية ما زال متعثرا والتعليم الموازي موضة بلا طعم لتكلفته العالية على أصحاب الدخول المحدودة والمشاكل الاجتماعية متكاثرة والعناية الأسرية مجتمعياً وحكومياً مفقودة، والطلاق منطلق يفتك نسيج قوى المرأة الأم التي تحت أقدامها الجنة (حديث ضعيف) والذرية ومن دون قوانين وتنظيمات حامية ومتابعة رادعة تمشياً مع شريعة الخالق لأنانية الرجل المخلوق.. الخ.
التلاقي الوطني والتقاء المواطنين حتمي لمعرفة حقيقة المصاعب الاجتماعية لتجنب مخاطرها واعتبارها فرصاً للاستثمار. المقتدرون وأصحاب الأعمال الكبيرة مثلهم مثل صغار المواطنين، لا يعرفون بعد حقيقة جادة الطريق لمستقبل وطنهم. الأول متهالك على جمع المال ـ الآية ـ والثاني لا يعرف إذا طاح أو رماه الجمل.
المفكر المرحوم زكي محمود قال: (إننا في حياتنا العقلية ما زلنا في مرحلة السحر التي تعالج الأمور بغير أسبابها الطبيعية، وأننا لولا علم الغرب وعلمائه لا نتعرَف على حياتنا الفكرية على حقيقتها. هي حياة لا تختلف كثيراً عن حياة الإنسان البدائي في بعض مراحلها الأولى).
النية مطية. حرام أن نتناساها بعد أن عقدنا العزم لرفعة بلادنا، وازدهار اقتصادنا ليتمتع كل مواطن بقدرته وكفاءته وخبراته، ليكون عاملاً منتجاً مربحاً في عمله أو عمل لحساب غيره. بلقنة التوجهات الرسمية التنموية المسؤولة ليست أقصر طريق للنجاح، والعمل ضمن دوائر تنموية مسؤولة ومتصلة ببعضها البعض يخرج الاقتصاد الوطني السعودي من البيروقراطية الأحادية، ويبعده عن السلطوية، ويجعل كل مواطن حارساً لأمن البلاد وازدهار الاقتصاد. والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي