هل يمكن لعلم الاقتصاد أن يكون أكثر إنسانية؟
علم الاقتصاد هو أحد العلوم الاجتماعية يعمل على تحليل ووصف توابع الاختيارات التي تتخذ بخصوص الموارد الإنتاجية النادرة. يدرس علم الاقتصاد اختيار الأفراد والمجتمعات كيفية توظيف هذه الموارد: ما السلع والخدمات التي سيتم إنتاجها؟ وكيف سيتم إنتاجها وتوزيعها بين أفراد المجتمع؟ ينقسم الاقتصاد عادة إلى الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي. يهتم الاقتصاد الكلي بمعدلات النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم ومعدلات البطالة.
تهتم النظم الاقتصادية في جوهرها بتقديم السلع والخدمات اللازمة لرفاهية الإنسان، إلا أن العديد من الاقتصاديين والنقاد يرون أن الاقتصاد بعيد عن هذا تماما، فالاقتصاد من وجهة نظرهم هو نظام بارد لا قلب له ولا سيطرة للإنسان عليه.
يوجه هذا الكتاب سؤالا مهما، هو: إذا ما كان عالمنا الاقتصادي من صنعنا نحن البشر، أوليست الأخلاقات والعلاقات الإنسانية جزءاً جوهريا من الصورة الكاملة؟ وهل يمكن لعلم الاقتصاد أن يكون أكثر إنسانية؟ ينتقد الكتاب الفكرة السائدة عن أن الاقتصاد لا علاقة له بالقيم الأخلاقية وأنه بعيد كل البعد عن العلاقات الإنسانية.
فهل من الكثير أن نطلب من الشركات أن تكون مسؤولة اجتماعيا وبيئيا؟ وعندما يتم توفير رعاية الأطفال ورعاية المسنين وتسويقها تجاريا، فهل معنى هذا أن الرعاية تحولت إلى مجرد سلعة أخرى؟
يحدد الكتاب بعض العوائق التي تحول دون وجود عالم اقتصادي أكثر مراعاة لشعور البشر من خلال رؤية يشترك فيها الليبراليون الجدد واليسار السياسي. فعلى الرغم من التفاوت الكبير والاختلافات الشاسعة بين هاتين الطائفتين السياسيتين، فقد لاحظ مؤلف الكتاب أن كلتيهما تستخدمان الاستعارة اللغوية نفسها التي استخدمها آدم سميث لأول مرة والتي تقول بإن الاقتصاد آلة بمعنى أنه لا مشاعر له.
يؤكد الكتاب أن هذه الفكرة السائدة هي التي أعمت البشر عن الأسباب التي تدفعهم إلى العمل والاهتمام بالآخرين، وهي ذاتها الأسباب التي تجعل المشاريع تزدهر والأسواق تنمو.
تبعا لما يقوله الكتاب، فإنه يمكن لنا أن ندمج اهتمامنا بجمع المال مع اهتماماتنا الوجيهة بالأخلاق والرخاء الاجتماعي. ويمكن لنا أن نفعل هذا إذا ما أدركنا أن الاقتصاد ليس مجرد آلة وإنما هو وسيلة للحياة فهو كالقلب الذي يضخ الدم في جميع أجزاء الجسم، بينما في الوقت ذاته يعد رمزا للمشاعر والعاطفة. وهكذا يحث الكتاب القراء ويدفعهم لإعادة النظر في الطريقة التي ينظرون بها إلى الاقتصاد وإمكانياته ومكانهم بداخله.
يركز الكتاب على التأثير الكبير الذي لا يمكن تجاهله للأخلاق في المخرجات الاقتصادية، حيث يتحدى التيارين اليميني واليساري ويتبنى وجهة نظر مبتكرة للعلاقة بين المشاعر الإنسانية والمال.