اليوم .. أسعار النفط تدخل أسبوع الاختبار الحقيقي لقرارات "أوبك"
ما بين أساسيات السوق، كيفية تطبيق منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) لاتفاقها القاضي بخفض الإمدادات بنحو 1.2 مليون برميل يوميا والتطلع إلى موسم الشتاء حيث يزيد الطلب على بعض المنتجات خاصة زيت التدفئة، فإن الأنظار ستتجه إلى متابعة هذه العوامل وتأثيرها على الأسعار.
أواخر الأسبوع الماضي شهد حدوث ارتفاع في الأسعار يعود إلى سببين: التراجع في حجم المخزونات الأمريكية بصورة تجاوزت التوقعات، وكذلك تجدد الحديث عن استهداف تنظيم القاعدة منشآت نفطية في منطقة الخليج. ورغم أن هذه التهديدات قديمة، إلا أن تسرب بعض الأخبار عن إجراءات احترازية اتخذتها الدول الخليجية أسهمت في التأكيد على البعد الأمني في تحركات الأسعار بعد أن غاب لفترة طويلة. وأدى إلى حدوث ارتفاع في سعر البرميل في حدود تزيد قليلا على 30 سنتا للبرميل. ومثل هذه الأخبار والتسريبات كانت تسهم قبل بضعة أشهر في دفع الأسعار إلى أعلى بنحو دولار ونصف الدولار في البرميل، الأمر الذي يشير إلى نوع النفسية والمناخ الذي يحكم السوق في الوقت الراهن.
إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أعلنت الأسبوع الماضي عن حدوث تراجعات عديدة في حجم مختلف الأنواع من النفوط والمنتجات المكررة. فالخام مثلا تراجع مخزونه بنحو 3.3 مليون برميل إلى 332.3 مليون وذلك في الأسبوع المنتهي في العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وشهدت ذات الفترة تراجعا في حجم الواردات النفطية الأمريكية بحجم كبير قارب المليون برميل يوميا، تحديدا 936 ألفا إلى 9.5 مليون برميل يوميا. كما تراجع مخزون البنزين 2.8 مليون إلى 207.4 مليون برميل والمشتقات الوسيطة 1.4 مليون إلى 144 مليون برميل، وهو أكبر تراجع تشهده السوق منذ إعصار كاترينا في صيف العام الماضي.
ومن الناحية الأخرى فإن الإمدادات من المصافي شهدت تحسنا وحققت زيادة بلغت 58 ألف برميل يوميا ليصل إنتاجها اليومي إلى 14.9 مليون مع نسبة إشغال للمصافي العاملة بلغت 86.2 في المائة.
على أن وضع الطقس خاصة مع اقتراب موسم الشتاء سيشكل عاملا وقتيا في التأثير على الأسعار خاصة في ظل التأرجح الأسبوعي لوضع المخزون. التوقعات الخاصة بالطقس حتى الآن لا تشير إلى أنه يمكن أن يكون قارسا للدرجة التي تترك تأثيرا مباشرا على الطلب، لكن كل ما يدور في هذا الشأن من باب التقديرات الخاضعة للتغير من أسبوع لآخر.
أحد مجالات المتابعة الرئيسية التي ستركز عليها الأسواق معرفة المدى والكيفية التي ستنفذ بها أوبك قرارها خفض الإنتاج للدول الأعضاء، ومع صدور بعض البيانات عن اتخاذ العديد من الدول خطوات عملية مثل أخطار زبائنها إنها بصدد تقليص إمداداتها لهم، إلا أن الأسواق المتشككة في قرار المنظمة ستمحص بدقة نوع الخفض وحجمه وإذا كان سيصل فعلا إلى 1.2 مليون برميل التي أعلن عنها، أم أنه سيقل عن ذلك وبأي حجم.
وهذه المتابعة لن تقتصر فقط على إثبات مصداقية أوبك من عدمها وإنما لتأثيرات ما يتم تنفيذه فعلا على أرض الواقع. فحجم الخفض في الإنتاج سيسهم من ناحية في زيادة الطاقة الإنتاجية الفائضة. وسيكون لهذه تأثيرها على مسيرة الأسعار من جانبين: الأول أنها ستزيد من طمأنة الأسواق بتوافر قدر كاف من الإمدادات يمكنه التعويض عن أي انقطاع في الإنتاج أو التصدير من دول منتجة. وهذا التطمين للأسواق يسهم في حد ذاته في دفع الأسعار إلى أسفل، وهو ما يدفع المنظمة إلى دائرة مفرغة من الأسعار المتراجعة التي تدفعها إلى القيام بخطوات تسهم هي بدورها في دفع الأسعار إلى أسفل.
ولهذا فإن هذا الأسبوع سيعتبر بداية الاختبار الحقيقي لمناخات جديدة تدخلها أوبك ومؤشرها الأساسي ما سيكون عليه وضع سعر البرميل ورد فعل المنظمة على ذلك.