فائض إنتاج الحديد والصلب يهدد الأسعار

فائض إنتاج الحديد والصلب يهدد الأسعار

إن صناعة الحديد و الصلب تسجّل بالفعل أنجح أعوامها منذ تأسيس الاتحاد الدولي للحديد والحديد و الصلبIISI عام 1966. ولكن برز الكثير من التحذيرات في المؤتمر العالمي للفولاذ في بيونس أيريس حول تهديد فائض الإنتاج للأسعار التي يتوقع أن ترزح تحت ضغط كبير. وستكون أعراض هذه الأزمة أكثر وضوحاً في آسيا. وبينما بعث ميزان التجارة الخارجية لمنتجي الحديد و الصلب الصينيين على شيء من القلق لأول مرة في عام 2005، يشير الميزان هذا العام إلى قيم مذكورة من فائض حصص التصدير لدى الصفائح الفولاذية. ومنذ الصيف تُعتبر الشركات الإنتاجية الرائدة في الشرق الأقصى؛ مجموعات الحديد و الصلب اليابانية الثلاثة الكبرى، ومجموعة كوريا الجنوبية (بوسكو) والتي عليها العمل على تراجع الأسعار لدى الجودة البسيطة من صفائح الفولاذ، ومن بين كبرى الشركات المنتجة في الصين، (باو ستيل) في شنغهاي والتي تحاول معادلة حجم المبيعات المحلي المنخفض عن طريق تعزيز حجم تصدير.
وصرّح كارل أولريش كولير، مدير الحديد و الصلب في مجموعة (تيسين كروب) إن الصين تتواجد منذ أيار (مايو) على طريق التصدير الخالص للصفائح الفولاذية. وتوقّع ديتر أميلينج رئيس الاتحاد الاقتصادي للحديد و الصلب في بيونس أيريس للعام الجاري بفائض من التصدير الصيني بنحو 20 مليون طن. وبرغم أن الشحنات الأولى وصلت إلى ألمانيا في الصيف، بناء على معطيات مدير مجموعة سالزجيتر فولفجانج لييسي، فإن أميلينج لا يرى أية مخاطر على السوق الألمانية بفعل تدني جودة هذا التصدير.
ولكن ليس في الشرق الأقصى وحده يُلاحظ وجود سعات فائضة تزيد على حجم الاستهلاك المتوافر هناك فقط. وأشار رئيس اتحاد اللوبي الدولي للحديد والصلب ورئيس يو إس ستيل – US Steel، جون سورما، إلى مصانع الحديد والصلب المخطط لها في البرازيل وشرق أوروبا. وتحثّ الدول المنتجة للفولاذ الخام نفسها وقبل كل شيء على تحسين القيمة المُضافة عن طريق بناء وتعزيز صناعة الحديد والصلب لديها. وأشار الأمين العام للاتحاد الدولي للحديد والحديد و الصلب إيان كريسماس إلى فائض السعات الحالي على أنه نتيجة طبيعية لنمو السوق المُسطّح بالكامل في فترة التسعينيات. ومنذ تحوّل الألفية حفّزت مشاريع البناء الجديدة استهلاك الحديد و الصلب المتسارع بقوة، وبالتالي ارتفاع الأسعار المرتبطة بهذا التسارع، وكذلك عملت على ارتفاع العوائد.
وبينما انقطع المناخ النشط في صناعة الحديد و الصلب مع بداية السبعينيات على نحو مفاجئ، وذلك عندما أدت أزمة النفط الأولى إلى حدوث خرق في نمو الاقتصاد العالمي، وأدى هذا إلى أزمة في قطاع الحديد و الصلب استمرت حتى عقدين من الزمان، لم تبد النخبة في صناعة الحديد و الصلب العالمية في بيونس أيريس مذعورة أو يعتريها الخوف. ولكن من وجهة نظر كولير، فإن هذا يعبّر عن الكثير، حيث من المحتمل أن يكون الحديد و الصلب في عام 2010 مكبلا. ومن ناحية أخرى، فإنه لن يتم تنفيذ جميع مشاريع مصانع الحديد و الصلب المخطط لها في العام المقبل. إضافة إلى أنه يعزو هذا إلى أن الحكومة الصينية سوف تخلق المزيد من الضغط.
وبالفعل أثبتت الموازين الدولية غير المتعادلة من العرض والطلب الدورة الدائمة في صناعة هذه المواد الأساسية، حسب ما ورد عن سورما. ولكن من الممكن أن تكون عمليات تغيّر الموازين ضمن مجريات الاندماج المتزايدة أقل حدة من السابق. ويعتمد ليسي على نظام أقوى للسعات وبالأخص لمجموعة الحديد و الصلب الرائدة عالمياً أرسيلور – ميتال. وفي عام 2005، عندما كانت هاتان المجموعتان تزالان رائدتين متنافستين، ردتا على حجم الطلب الضئيل بإنتاج متقلّص بوضوح، وبالتالي حافظتا على نفسيهما ضمن الحدود بصورة مبكرة قبل حدوث انهيار حاد في الأسعار.
ولكن انتعش القطاع في عام 2006 بصورة واضحة من هذه المعضلة، حيث سيرتفع هذا العام حجم الطلب على الدواليب الفولاذية بنحو 91 مليون طن إلى 1.121 مليار، وبالتالي سيرتفع بصورة أقوى من العام الاستثنائي حتى الآن؛ 2004. وبالإضافة إلى هذا، يتحدث المشاركون في القطاع عن تحسّن كبير في وضع الإيرادات. وبناءً على هذا، من المفترض أن تشكّل عوائد رأس المال الخاص، أو الهامش التجاري، والذي يتم قياس محصلته ما قبل الضرائب والفوائد، أقل من 15 في المائة، الاستثناء للوقت الحالي.

وبناءً على تصوير أميلينج، سوف يرتفع حجم الإنتاج الألماني من الحديد و الصلب الخام لعام 2006 بقوة أكثر من التوقعات حتى الآن بنحو 4.3 في المائة إلى 46.5 مليون، وسيشهد هذا القطاع اندماجات على مستوى مرتفع خلال العام اللاحق. ويعزو هذا إلى وُجهات الوضع الاقتصادي المتحسن في أهم القطاعات المُقبلة على هذه الصناعة، منها تصنيع القنوات والأنابيب، والآلات، والمعدات، وكذلك الطلب الحديث والجذّاب من اقتصاد الإنشاءات.
وحتى اتحاد اللوبي الدولي للحديد والحديد و الصلب قدّر بصورة وجيزة أيضاً حجماً من النمو في الطلب على الحديد والصلب لعام 2006 بنحو 5 في المائة. وفي الحقيقة من الممكن أن يستنفذ الطلب الحجم الإجمالي من العرض بما يعادل 1.8 مليار طن، وهو أعلى من العام الماضي بنحو 9 في المائة.
ويشير ارتفاع الاستهلاك للصين وحدها بنحو 14 في المائة. برغم أن الحجم الإنتاجي المتنامي هناك بنسبة 18 في المائة إلى 420 مليون طن من المحتمل أن يزيد على الاستهلاك بنسبة 10 مليون طن. بينما من الممكن أن تبلغ هذه نحو 374 مليون طن فقط لهذا العام. ولكن ما بين إنتاج الحديد و الصلب الخام، واستهلاك الفولاذ، يوجد في العادة فرق يعادل نحو 10 في المائة بسبب فضلات التدوير.
وتشير توقعات الاتحاد الدولي للحديد والحديد و الصلب متوسطة المدى، إلى أن معدلات النمو بنحو 4.2 في المائة حتى عام 2010 و 4.2 في المائة خلال الأعوام الخمسة اللاحقة، مرتفعة بصورة لا بأس بها. وهنا من المفترض أن يرتفع حجم الاستهلاك في الصين حتى عام 2010 بنحو 8.4 في المائة سنوياً ضعف بقية أرجاء العالم بسرعة أكبر.

الأكثر قراءة