دور النشر والطلب على الكتب الاقتصادية المتخصصة
في السوق التي يتجاذبها الإقبال على شراء كتب الاقتصاد يجري التأكيد أكثر فأكثر على الأصالة، ليس فقط من حيث اختيار الموضوعات للنشر، وإنما أيضا من حيث التوزيع . وينطبق هذا على سوق كتب الممارسات الاقتصادية كما ينطبق تماماً على السوق المتضائلة باستمرار لما ينشر من كتب علم الاقتصاد .
ومن اللافت في معرض فرانكفورت للكتاب أن دار شبرينجر (Springer ) للنشر تعرض لأول مرة ومنذ اندماجها مع دار النشر الهولندية كلوفر إنترناسيونال وهي ثاني أكبر دار لنشر الكتب العلمية والتكنولوجية والطبية – تعرض كتبا إلكترونية ضمن برنامج استراتيجي متعدد التخصصات . وبموجب هذه الاستراتيجية يتم وضع رزم متكاملة من الكتب جاهزة تحت تصرف الراغبين ، وهم غالبا من ممثلي المكتبات أو الشركات مثلها في ذلك مثل المجلات الإلكترونية .
إن رزمة الكتب الاقتصادية الإلكترونية باللغة الإنجليزية، على سبيل المثال ، تكلف مؤسسة متوسطة الحجم ، حسب تقديرات مارتينا بين، المسؤولة عن قسم نشر الكتب الاقتصادية لدى مؤسسة شبرينجر تباع بنحو 12 ألف يورو في المتوسط . وبالإجمالي ستضع دار النشر في السنة المقبلة 12 ألف كتاب إلكتروني تحت تصرف القراء، على أن يزداد العدد بثلاثة آلاف كتاب سنويا .، علما بأن المتاح الآن من كتب الاقتصاد الإلكترونية يراوح بين 400 و 500 كتاب.
وهناك دور نشر أخرى لا تزال تبذل جهودا ، بالطريقة التقليدية ، لابتكار أساليب جديدة في توزيع ما تصدره من كتب : حيث يقول فرانك كاتسنماير، مسؤول برنامج نشر كتب النظرية الاقتصادية ، في دار نشر " شيفر – بويشيل " ، على سبيل المثال ، بأن عددا متزايدا من اتفاقيات الإنتاج المشترك يجري إبرامها مع مؤسسات خارجية ، مما يضمن توزيع جزء على الأقل من النسخ المصدرة .
لقد تبين ، مبدئيا ، أن تحقيق ثروة من كتب الاقتصاد يصبح أكثر صعوبة كلما ازدادت توقعات المكتبات من هذه الكتب . ويصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأطروحات الجامعية وللكتب التي يشارك في تأليفها عدد من المؤلفين ، حيث يقول هوبرت هوفمان ، من دار ميتروبوليس للنشر بأن " أرقام المبيعات تتراجع بصورة مستمرة منذ منتصف التسعينيات ." أما الكتب التدريسية المقررة فتلقى رواجا عندما تكون موجهة لكامل السوق الوطنية أو حتى للسوق العالمية ، وهو ما زال في ألمانيا نادر الحدوث نسبيا . ويعلق كاتسنماير من دار نشر شيفر – بويشيل على ذلك بقوله : " لكننا نسير في هذا الاتجاه ." ومع ذلك فإن عدد الكتب التدريسية التي تنطبق عليها هذه المواصفات ، حتى الآن ، ما زال في حالة تراجع ., حيث إن الشباب من أعضاء الهيئات التدريسية لا يجدون اليوم ما يحفزهم لتأليف كتب تدريسية خاصة بهم ليفرضوها على طلابهم ، فهم يفضلون أن ينشروا بحوثهم في الدوريات العلمية . أما بالنسبة لمحاضراتهم فهم يعتمدون على كتب تدريسية مجربة مثل كتاب " علم الاقتصاد " لجريجوري مانكيو مستغلين أيضا المرفقات التي تجيء مع الكتاب كمواد تعليمية مساعدة . ومن المعروف أن دار شيفر – بويشيل للنشر هي التي تبيع هذا الكتاب في طبعته الثالثة الآن . وقد بلغ عدد النسخ المباعة من هذا الكتاب منذ عام 1998 نحو 150 ألف نسخة.
ومن الواضح أن الطلب على كتب الموضوعات غير الروائية ما زال مستقرا . فدور نشر مثل كامبوس ، و هانزر، ومورمان ، وإيكون تشير بالإجماع إلى أن الكتب المثيرة حول " القضايا الكبرى " في الاقتصاد والمجتمع تتوافر لها فرص جيدة للرواج في السوق ، وكلما كان الكتاب يتمتع بالأصالة والبعد عن الشكليات كلما كان ذلك أفضل . و من الواضح أن توافر عنصر الإثارة في الكتاب يزيد من درجة الإقبال عليه.
كما أن الكتب المتخصصة تتمتع بوضع جيد في السوق، ووجدت كل دار من دور النشر لنفسها مجالا من مجالات كتب التخصص تعمل فيه ، ولعل من أكثر الموضوعات المرغوب فيها موضوعات صناعة السيارات ، والتسويق ، والاتجار مع الصين ، ودائما موضوعات إدارة الأعمال . ومن الأسواق التي تشتد فيها المنافسة سوق كتب الاستشارات، وقد اضطر العديد من دور النشر إلى الانسحاب من هذه السوق ، بينما استطاعت دور نشر أخرى ، مثل دار كامبوس للنشر، أن تثبت أقدامها ، بل وأن تزيد من حصتها في هذه السوق . كما أن قصص حياة كبار رجال الأعمال لا تزال تلقى شعبية كبيرة.