تصاعد النمو الاقتصادي للدول الأسيوية ليس على حساب الدول الغربية

تصاعد النمو الاقتصادي للدول الأسيوية ليس على حساب الدول الغربية

تصاعد النمو الاقتصادي للدول الأسيوية ليس على حساب الدول الغربية

بين الوقت والآخر تطلق عليهم الدول الصناعية الغربية مصطلح "الدول العدوانية"...
إنها الدول الآسيوية مثل الصين والهند والدول النامية الأخرى التي تزاحم الغرب في الاقتصاد العالمي باندفاع. هذه الصورة اللغوية تعطي التعبير والإدراك بأنه إذا حاول الهنود والصينيون تحسين مستوى معيشتهم من خلال التجارة الخارجية، حينها ستضيع الدول الغربية الصناعيـة. ولكن الحقائق تتكلم بعكس ذلك.
في جميع الأحوال، لم تتأثر الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي حتى الآن من التزحزح الواقع في كفة ميزان الاقتصاد العالمي، حيث يتأرجح نصيب تلك الدول الغربية الصناعية في الاقتصاد العالمي، رمزيا مقاسا بالدولار الأمريكي، منذ ثمانينيات القرن الماضي ما بين 25 إلى 30 في المائة. ولم يتمكن نمو الصين المتسارع باستمرار والتي استطاعت تحقيق اسم لها في الاقتصاد العالمي بنسبـة 6 في المائة، زعزعة وزن تلك القوى الاقتصادية العظمى.

إن الإمعان في التغييرات الإقليمية في العالم يوضح أن كعكة التقسيم تكبر مع الزمن شيئا فشيئا، للمصلحة المتبادلة لجميع الأطراف. ففي الصين ارتفع دخل الدولة الإجمالي للفرد الواحد من عام 1980 وحتى عام 2005 بما يزيد عن عشرين ضعفا، مع الأخذ بعين الاعتبار تكاليف المعيشة في الصين. هذا النمو الرهيب لمستوى المعيشة لم يبن على حساب الغرب: فدخل الدولة الإجمالي للفرد الواحد في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفع خلال الفترة نفسها إلى أربعة أضعاف تقريبا، وفي ألمانيا ثلاثة أضعاف.

وبسبب العرض والطلب الناجم عن الدول المنافسة الجديدة أخذ نمو الاقتصاد العالمي يزداد من غير توقف. ففي الأعوام الماضية بلغت نسب نمو دخل الدولة الإجمالي على مستوى العالم بنحو 5 في المائة أعلى نسبة لها منذ فترة السبعينيات. ومن الطلب المتزايد حققت الدول الصناعية وألمانيا كأحد أكبر البلاد المصدرة في تجارة البضائع نفعا كبيرا، ومن دون هذه القوة الدافعة وبالأخص في مجال تصنيع الماكينات والتي تعتبر الصناعة الألمانية من الرواد فيه، لكسد الاقتصاد الحالي في الأعوام الماضية، بل بالأحرى لكاد يضمحل.

المقارنة ما بين ألمانيا والولايات المتحدة تبين أن تراجع النمو في الدول الصناعية الغربية ليس بسبب انخفاض الأجور في الدول الآسيوية. فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة متأثرة من تنافس الهند والصين في مجال التوريد للعالم الغربي، مثلها مثل أوروبـا، إلا أن الاقتصاد فيها ينمو منذ أعوام بسرعة أكبر بكثير من سرعته في ألمانيا، كما أن نسبة البطالة فيها أقل.

ومن أهم الفوائد والامتيازات التي قدمتها العولمة هي انخفاض الأسعار بالمقارنة، ما يسعد المستهلك في الدول الصناعية الغربية. فوفق دراسة تحليلية قام بها المعهد الألماني للاقتصاد ارتفعت الأسعار الاستهلاكية في ألمانيا خلال الفترة ما بين 1990 وحتى 2005 ما يزيد على 30 في المائة، ولكن الأسعار الاستيرادية لم تتغير بالكاد. وهذا التنافس في أسعار البضائع المستوردة يعود مباشرة لمصلحة المستهلك: فقميص تي- شيرت من إنتاج شركة ألمانية لصناعة الملابس تواظب وتحافظ على استمرارية خط الإنتاج في ألمانيا، يكلف 17 يورو. بينما بهذا الثمن يمكن شراء ستة قمصان تي- شيرت على الأقل ذات ماركة وجودة عالية من إنتاج شركات آسيوية.

الأكثر قراءة