النتائج المالية .. تستوجب قراءة ما بين السطور

النتائج المالية .. تستوجب قراءة ما بين السطور

Read The Fine Print Before You Buy

الواقع أنه من خلال متابعتي للنتائج المالية لشركات السوق للربع الثالث من هذا العام قد لاحظت أن معظم النتائج المالية أتت في المجمل جيدة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي باستثناء نتائج شركات قطاعي البنوك والأسمنت التي جاءت دون المتوقع. حيث أظهرت معظم ناتج شركات قطاع البنوك وجود تراجع ملموس في نمو الأرباح الربعية وبخاصة نتائج أرباح الربع الثالث لهذا العام, باستثناء مجموعة سامبا المالية التي حققت ارتفاعا في أرباح الربع الثالث مقارنة بالربع الثاني بما نسبته 2.7 بالمائة. حيث تراجعت أرباح بنوك العربي وساب والجزيرة والفرنسي والاستثمار والراجحي والرياض للربع الثالث من هذا العام بالنسب التالية: 20, 22, 45, 8, 4.4, 4.8, 4.6 في المائة، على التوالي.
أما فيما يتعلق بشركات الأسمنت، فقد أظهرت نتائجها المالية للربع الثالث أيضا تراجعاً في أرباح الربع الثالث وبنسب متفاوتة، حيث تراجعت أرباح شركات أسمنت اليمامة وأسمنت ينبع وأسمنت العربية بنسبة 21, 15, 20 في المائة، على التوالي. ولذا فإنه من المتوقع أن تمثل تلك النتائج المالية لشركات القطاع البنكي وقطاع الأسمنت عوامل ضغط على قيم المؤشر وسيكون لها تأثيرات سلبية على بقية أسهم شركات السوق. وعلى الرغم من أننا لم نكن نتوقع الأداء السلبي لشركات قطاع الأسمنت حيث كانت معظم المؤشرات الأساسية والاقتصادية المؤثرة في قطاع الأسمنت إيجابية، إلا أننا نستطيع أن نتفهم الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الانخفاضات الكبيرة في أرباح شركات القطاع البنكي والتي من أهمها انخفاض إيرادات القروض وإيرادات عمولات تداولات الأسهم اللذان يمثلان أهم مصادر الدخل لدى شركات البنوك وذلك كنتيجة طبيعية لتبعات الانخفاض الكبير الذي حدث في نهاية شهر فبراير الماضي. إلا أن الذي لا يمكن أن نتفهمه ولا نقبله هو تفشي ظاهرة تسريب معلومات داخلية مهمة مرتبطة بالنتائج المالية لشركات القطاع البنكي قبل إعلانها بشكل رسمي. إذ إنه على الرغم من أنه ليس لدينا دليل مادي وملموس لإثبات تسرب تلك المعلومات الداخلية المهمة، إلا أنه يمكن اعتبار الانخفاضات الكبيرة في أسعار أسهم شركات القطاع البنكي طيلة الأسابيع القليلة الماضية قبل ظهور النتائج المالية للربع الثالث كقرينة تستحق البحث والتقصي عن حدوث تسريب معلومات داخلية مهمة إلى شريحة معينة من المتعاملين المتنفعين. كما أنه قد تمت ملاحظة أن هناك بعض الشركات ومن القطاع البنكي نفسه تمارس بعض الإعلانات التي قد يبدو ظاهرها إيجابيا وحقيقتها مضللة حول نتائجها المالية الربعية فمثلا إذا كانت أرباح بعض الشركات للربع الثاني أقل من أرباح الربع الأول من العام نفسه فإن الشركة تلجأ إلى دمج أرباح الربع الأول مع الربع الثاني وإعلان أرباح نصف سنوية بدلا من ربعية وذلك محاولة من تلك الشركات لإيهام المتعاملين أن هناك نموا في الأرباح بينما في حقيقة الأمر هناك انخفاض في نسبة نمو الأرباح الربعية. أما عندما تكون أرباح الربع الثالث أقل من أرباح الربع الثاني فإنه قد تمت ملاحظة أن بعض الشركات تلجأ إلى إخفاء نتائج الربع الثالث منفردا وذلك من خلال دمج أرباح الأرباع الثلاثة الأولى من العام معا والإعلان عن أرباح الأشهر التسعة مجتمعة. وهذا في نظري يعتبر أمرا غير مقبول لأنه لا يتوافق مع المبادئ المحاسبية المتعارف عليها دوليا حيث إنه من المتعارف عليه محاسبيا أنه عند إظهار النتائج المالية للشركات يجب إظهار النتائج المالية بطريقة تمكن المتعامل والمتابع لأوضاع الشركة مقارنة أرباح الربع الحالي بالربع السابق له أو بما يماثله من السنة السابقة وكذلك مقارنة النتائج المالية السنوية بنتائج السنوات السابقة وليس مقارنة بنتائج الأشهر التسعة!. ولذا فإنني أرى أن إعلان بعض الشركات بالصيغة التي ذكرتها أعلاه يعتبر تدليسا على بعض المتعاملين غير المتخصصن الذين لا يستطيعون قراءة ما بين السطور. مما يجعلنا نتساءل عن مدى جدية والتزام بعض شركات المساهمة بأنظمة السوق المالية الخاصة بإعلانات الشركات ومبادئ ومعايير الإفصاح والشفافية. إذ إن العبرة وكما أوضحنا في مقالات ومناسبات ليس بعدد اللوائح والأنظمة والقوانين التي يتم إصدارها من الجهات التشريعية والتنظيمية بل بمدى تطبيقها والالتزام بها من قبل جميع الأطراف ذات العلاقة وكذلك بمدى جدية الجهات التشريعية في اتخاذ التدابير الرقابية اللازمة لتفعيل تلك الأنظمة والقوانين على أرض الواقع. وهذه في نظري تبقى إحدى مشكلات السوق المالية الأبدية.

الأكثر قراءة