مختصون يوصون باعتماد الاستخدام الذكي للتقنية في مؤسسات التعليم العالي في المملكة

مختصون يوصون باعتماد الاستخدام الذكي للتقنية في مؤسسات التعليم العالي في المملكة

مختصون يوصون باعتماد الاستخدام الذكي للتقنية في مؤسسات التعليم العالي في المملكة

تتطلع وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية إلى جمع عدد من الدراسات الاستراتيجية التي تغطي الإطار العام لدورها المستقبلي وخدماتها في المجتمع السعودي للسنوات الخمس والعشرين المقبلة.
إحدى هذه الدراسات تعنى بتطبيقات تقنية المعلومات في مؤسسات التعليم العالي، حيث تحتوي هذه الدراسة على التطلعات والأهداف، والتشخيص، وتحليل لأفضل الممارسات المثلى والخيارات الاستراتيجية المقترحة، والاستراتيجيات التي اختيرت منها والبرامج والمبادرات والمقترحات المراد تطبيقها لتحقيق التطلعات والأهداف.
تركزت الورشة النهائية التي افتتحها الدكتور عبد القادر الفنتوخ، رئيس محور دراسة نظام تقنية المعلومات على مشروع آفاق الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية، وحضرها وكيل الجامعة للدراسات والتطوير والمتابعة الدكتور حاتم أبو السمح. وفي مستهل الجلسة الأولى قدم الدكتور محمد الغامدي، عميد معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية كلمة عن دور المعهد في مشروع آفاق، ثم قدم الدكتور محمد العوهلي مدير مشروع آفاق، عرضا عن مشروع آفاق ومستجداته، تلا ذلك عرض موجز للدكتور عبد القادر الفنتوخ عن دراسة نظام تقنية المعلومات لمشروع آفاق.
استهل المهندس سعيد يحيى الجلسة الثانية وأعطى نبذة عن محتوياتها ثم قدم الدكتور خالد الحازمي، والدكتور سعد حاج بكري، بدأ بالحديث الدكتور خالد الحازمي عن الوضع الراهن لتقنية المعلومات في أغلب الجامعات السعودية والتعرف على المشاكل التي تواجه إدارات وأقسام تقنيات المعلومات في تلك الجامعات، وقد عني هذا الفصل من الدراسة بعنوان التشخيص الذي بحثه فيه وقدمه الدكتور خالد بن محسن الحازمي حيث هدف إلى إبراز الوضع الراهن لنظام التعليم العالي في المملكة فيما يتعلق بمجال الدراسة. وتحديداً في النقاط التالية:
* وصف الوضع الراهن
* وضع الفرضيات المرتبطة بالمشاكل الحالية
* وصف موجز لمواطن القوة والضعف في نظام التعلم العالي
بعد ذلك عرض الدكتور سعد حاج بكري دراسة الوضع العالمي من حيث كيفية استطاعة الدول الأخرى حل مشاكل مشابهة لتلك التي تم تحديدها في دراسة فصل التشخيص. وعليه فقد سمي هذا الفصل من الدراسة بـ التجارب المثلى ومقارنة المعايير القياسية وتحليل الفجوات.
يهدف هذا الفصل إلى مقارنة التجارب المثلى والمعايير القياسية، دراسة الأداء بين نظام التعليم العالي في المملكة مع أنظمة الدول الأخرى، إضافة إلى معرفة كيفية إحداث تلك الدول تطوراً في أنظمة التعليم العالي لديها. وتشمل الدراسة معرفة كيفية معالجة الدول الأخرى مشاكلها المشابهة لمشاكلنا وتحديد ما نجح وما لم ينجح؟.
وقد أبرز هذا الفصل أثناء عرضه في الورشة عدة نقاط مما أثار وأثرى النقاش بين الحضور في الجلسة الثانية، والنقاط التي ركز عليها هذا الفصل هي:
* تحديد الدول التي طورت نظامها للتعليم العالي خلال العشرين سنة الماضية.
* مقارنة المعايير القياسية وتحديد الفجوات.
* عرض الممارسات المثلى.
* تحديد المتغيرات المتعلقة بالتطلعات والمجالات المحددة في التشخيص.
* تحديد الفجوات.
تلى هذا العرض المليء بالمعلومات والإحصائيات من شتى بقاع الأرض في تقنيات المعلومات نقاش حول بعض النقاط التي تم فيها عمل ميداني ضمن فريق المشروع البحثي وذلك فيما يخص تجربة جامعة تورتنو، وكذلك عن المنهجية التي تم العمل بها في هذا المشروع العملاق. وهنا استبسل الدكتور سعد بكري حيث إنه تبنى منهجية STOPE وطريقة عملها كقاعدة يبنى عليها التحقيق في التجارب المثلى، وتطوير المعايير القياسية، وتحليل الفجوة المطلوب. وزادت حماسة النقاش مداخلة الدكتور زياد الحقيل الذي علق على مبادرة زيادة حوافز الموظفين وأهمية إيجاد طرق لتغيبهم وتدريبهم والمحافظة عليهم، ومن الناحية الأخرى فقد أشاد باعتماد أنظمة التشغيل وكذلك بمبادرة تحميل رواتب الموظفين على عقود التشغيل والصيانة.
أما في الجلسة الثالثة، التي كانت بعنوان: (الاستراتيجية المقترحة لحل المشكلات وتحقيق التطلعات والأهداف المحددة للمملكة)، والقسم الثاني منها (المبادرات وخارطة الطريق التنفيذية).
حيث إن هذا الفصل يُبرز الخيارات الاستراتيجية المتاحة لحل المشكلات وتحقيق التطلعات والأهداف المحددة للمملكة. ثم تقديم المبادرات العملية لتطبيقها.
استهل العرض الدكتور إيهاب الرسن بالحديث عن الخيارات الاستراتيجية المتوقع أن تعالج جميع المشاكل التي تم التوصل إليها في الفصل السابق، وكذلك تحدث عن تطوير السيناريوهات المستقبلية التي سيكون لها تأثير في التعليم العالي في السنوات المقبلة. وفي نهاية عرضه تطرق لأفضل الخيارات الاستراتيجية التي استعرضها وذلك باختيار أعلى عشرة بدائل للحلول للاستراتيجيات بعد التقييم والدراسة. وتحدث الدكتور صالح الفريح عن الفصل الأخير من الدراسة وهو (المبادرات وخارطة الطريق التنفيذية)، حيث عرض المبادرات الخاصة والبرامج العملية التي تساعد على تنفيذ وتحقيق الاستراتيجيات المختارة، وفي ختام الجلسة الثالثة وقبل النقاش استعرض الدكتور الفريح رسم خريطة طريق لتنفيذ المبادرات المختلفة.
واختتم الورشة الدكتور عبد القادر الفنتوخ بقيادة النقاش المفتوح الذي أثرى مجالات الدراسة وأدخل عليها رونقاً تقنياً فائقا في السرعة وتجاوباً مع مداخلات الحضور.
كخلاصة لكل ما سبق ذكره فإن ورشة العمل هذه تهدف إلى وضع نظام فاعل لتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات وتبادل المعلومات الإدارية والتنظيمية بين أجزاء ووحدات التعليم العالي في المملكة في دعم اتخاذ القرارات وكفاءة العمل على جميع المستويات والمجالات.
وبعد ورشة العمل الحافلة بأحدث التقنيات في تقنية المعلومات توجهت "الاقتصادية" إلى رئيس الدراسة الدكتور عبد القادر الفنتوخ ووجه له الأسئلة التالية:

* هل للمنظمات الدولية دور في تطوير مؤسسات التعليم العالي؟
- لا شك أن الانتماء لمنظمات عالمية وإقليمية فاعلة سيكون من الركائز التي تضمن استمرار تطور التعليم العالي، وبالنسبة لقضية العضوية في منظمات دولية، مثل حالة الدول الأعضاء في "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي"، فإن السعودية عضو في "مجلس التعاون الخليجي"، وعضو أيضا في "الجامعة العربية"، ولكن للأسف فإن هاتين المنظمتين ليستا في مستوى نشاط "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي" بالنسبة لتفاعلهما مع مجتمع المعرفة والعصر الرقمي.
* ما أهداف هذه الدراسة؟
- منذ بداية المشروع تم وضع مجموعة من الأهداف التي يجب تحقيقها للوفاء بمتطلبات الدراسة والأهداف هي:
• دراسة وتوثيق الوضع الحالي لتقنية المعلومات في التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، وتحديد المشاكل الموجودة وفرضياتها.
• دراسة التجارب العالمية المتعلقة بتقنية المعلومات في التعليم العالي واختيار الأمثل منها والتعرف على المشاكل التي واجهت التجارب العالمية والطرق التي تم بها حل تلك المشاكل.
• تطوير معايير قياسية تفيد كمرجع للتقييم، وبحيث تستخدم هذه المعايير القياسية في إعطاء تحليل فجوات يقارن الوضع الحالي لتقنية المعلومات في التعليم العالي في المملكة العربية السعودية بالمعايير القياسية.
• تحديد الخيارات الاستراتيجية المناسبة لتقنية المعلومات في التعليم العالي في المملكة. مع وضع عدة بدائل لكل خيار استراتيجي، ومن ثم إجراء عملية تحليل بهدف اختيار أهم عشرة بدائل استراتيجية.
• وضع المبادرات العملية لتطبيق البدائل الاستراتيجية المختارة، ووضع خطة طريق مقترحة زمنية لتنفيذ المبادرات.

والتقت "الاقتصادية" الدكتور سعد حاج بكري وأجرت معه الحوار التالي:

* ما طموحات دراستكم لتقنيات المعلومات، في إطار الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي في المملكة؟
- إذا كان التساؤل الذي تطرحونه يُختصر بالعبارة "إلى ماذا نتطلع"، فقد وضعت الدراسة "رؤية" تجيب عن هذا التساؤل. وتقول هذه الرؤية: "إن ما نتطلع إليه هو تحقيق الاستخدام الذكي لتقنيات المعلومات في مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، وذلك من أجل دعم وتحسين وزيادة قيمة نشاطات التعليم العالي بشكل مستمر، بما يتضمن نشاطات: التعلم والتعليم والبحث العلمي والإدارة والتواصل مع الآخرين.
وإذا كان تساؤلكم يمتد ليشمل منطلقات العمل على تحقيق الرؤية التي نتطلع إليها، فقد قامت الدراسة بتحديد هذه المنطلقات على النحو التالي:
* دعم نشاطات التعليم العالي، عبر تقديم خدمات معلوماتية عالية الجودة، ترتبط بهذه النشاطات، وذلك لجميع المستخدمين، بما يشمل: الطلبة والأكاديميين والإداريين، إضافة إلى الأطراف الخارجية ذات العلاقة.
* الاهتمام ببيئة تقديم الخدمات المعلوماتية واستخدامها والاستفادة منها، من أجل أن يكون القائمون على هذه الخدمات من أفضل المؤهلين في تقنيات المعلومات، ومن أجل أن يعمل المستخدمون على الاستفادة من هذه الخدمات على أفضل وجه ممكن.
* وضع خطط معلوماتية تتضمن خيارات استراتيجية، تستجيب للتوجهات الدولية من جهة، وللمتطلبات الوطنية والخاصة من جهة أخرى، مع تحديد للأولويات وتقديم مبادرات تأخذ الاحتياجات العاجلة في الاعتبار.
* تطوير ثقافة عمل تقضي بضرورة إجراء مراجعة مستمرة للأوضاع القائمة والتعلم من الخبرة والعمل على التقييم والتطوير المتواصل، بما يستجيب للمتغيرات المحتملة.
* ونأمل أن تكون الدراسة التي سنقدمها وسيلة تؤدي إلى تحقيق الطموحات المنشودة.

* هل نظرتم إلى تقنيات المعلومات من منظار تقني بحت، أم أخذتم نواحي استخدام هذه التقنيات وإدارتها في الاعتبار؟
- لا شك أن هذا السؤال مهم جداً، وهو في صلب دراسة أي تقنية من التقنيات، وليس تقنية المعلومات فقط. فالتقنية بأشكالها المختلفة لم تكن بالنسبة إلى الإنسان، في أي وقت من الأوقات، "غاية"، بل كانت دائماً وسيلة. وهي كذلك في دراستنا، هي وسيلة لدعم أداء نشاطات التعليم العالي المعروفة، ووسيلة أيضاً لفتح آفاق جديدة لتطوير هذا التعليم. ولا بد لذلك من منظار شامل لهذا الموضوع لا يقتصر على العوامل التقنية فقط، بل يشمل أيضاً عناصر أخرى ترتبط بالاستفادة من التقنية على أفضل وجه ممكن، مع السعي إلى تطويرها باستمرار على أسس سليمة.
من أجل النظرة الشمولية المنشودة اعتمدنا في الدراسة على إطار عمل يستند إلى خمسة أبعاد متكاملة، وهذه الأبعاد هي "الاستراتيجية، والتقنية، والإنسان، والتنظيم، وبيئة العمل". المقصود "بالاستراتيجية"، الحالة المطلوب الوصول إليها خلال فترة زمنية محددة، إضافة إلى التوجهات التي تؤدي إلى ذلك. والمقصود "بالتقنية" تقنية المعلومات ووظائفها وتطبيقاتها وخدماتها. والمقصود "بالتنظيم" التكوين الإداري المسؤول عن تقنية المعلومات. أما "الإنسان" هنا فهو الخبير القائم على التقنية ووظائفها وتطبيقاتها وخدماتها في طرف، وهو مستخدم التقنية والمستفيد منها لتحقيق متطلباته في دعم النشاطات التي يقوم بها في الطرف الآخر. وهذا المستخدم هو الطالب وهو عضو هيئة التدريس وهو الموظف الإداري في مؤسسات التعليم العالي، وهو أيضاً أطراف خارجية تتعامل مع هذه المؤسسات. وتتضمن "بيئة العمل" الأنظمة والقوانين المطلوب اتباعها، والممارسة القائمة، والدعم بشتى أشكاله المادية والإدارية.
على أساس هذا الإطار الشامل والمتكامل تمت دراسة الوضع الراهن لمؤسسات التعليم العالي في المملكة، وكذلك دراسة التجارب الدولية. كما جرى استخدام هذا الإطار أيضاً في وضع التوجهات المستقبلية المنشودة.

* ماذا بعد دراستكم، هل ينتهي التطوير بتنفيذ الخطط التي ستعملون على طرحها، هل أخذتم ذلك في الاعتبار، خصوصاً وأن تقنيات المعلومات تتطور باستمرار، وأن هناك دائماً متغيرات ومستجدات ينبغي الاستجابة لمتطلباتها؟
- أنتم بالطبع على حق في ضرورة استمرار التطوير استجابة للمستجدات وكذلك للمتغيرات الكثيرة، خصوصاً في إطار تقنيات المعلومات والتعليم العالي. وهنا يجب الإشارة إلى أن "مبدأ التخطيط" ليس رحلة ذات اتجاه واحد، تبدأ عند نقطة محددة وتنتهي عند نقطة أخرى، بل هو إجراء مستمر، طالما استمرت التغيرات والمستجدات والأفكار، أي طالما شاء الله سبحانه وتعالى لحياة الإنسان على الأرض أن تستمر. وهذا ما يوصي الاتحاد الدولي للاتصالات باتباعه، وهذا ما اهتمت الدراسة به كضرورة لمواكبة ما يجري في الوقت الراهن، والاستجابة لمتطلباته في ضوء التوجهات الدولية من ناحية، والاحتياجات المحلية من ناحية أخرى.
يُوصي الاتحاد الدولي للاتصالات بضرورة وجود "تخطيط استراتيجي" يهتم بالتطوير المستمر والعوامل المرتبطة به، وكذلك وجود "تخطيط تنفيذي" يسعى إلى تحقيق الأهداف والمتطلبات الاستراتيجية. ويُقسّم التخطيط التنفيذي مراحل العمل إلى ثلاث مراحل رئيسة متكررة:
o مرحلة وضع "خطة تنفيذية رئيسة" بعيدة المدى، تستجيب للمتغيرات.
o مرحلة التعريف "بمشاريع" ينبغي تنفيذها في إطار الخطة التنفيذية الرئيسة، ويخضع ذلك عادة إلى عوامل مختلفة مثل الأولويات التي ينبغي الاهتمام بها والسعي إلى تنفيذها أولاً.
o مرحلة تحديد جداول زمنية للمهمات التي يجب تنفيذها ضمن إطار المشاريع المطروحة.

وقد أوصت الدراسة باتباع هذه المراحل المتجددة في تطوير تقنيات المعلومات في مؤسسات التعليم العالي بشكل متواصل يستجيب للتوجهات الدولية والمتطلبات المحلية.

الأكثر قراءة