وزير الاقتصاد المتهم بالكذب: لم يمتلك السياسيون خلال 16 عاما الشجاعة للاعتراف بالوضع الاقتصادي المزري
أصبحت المجر محط أنظار دول الاتحاد الأوروبي بعد الهزة التي تعرضت لها في أعقاب اكتشاف كذب رئيس الحكومة فيرينك جيورسكاني في تصريحاته حول الأداء الاقتصادي.
وفي هذا الإطار أجرى هانو موسلير من صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه" هذا الحوار مع وزير الاقتصاد في الحكومة المجرية جانوس كوكا الذي لا يزيد عمره على 34 عاما و هو أحد الديمقراطيين المتحررين وأصغر أعضاء الحكومة ويشغل منصب وزير الاقتصاد منذ عام 2004.
أذهل رئيس الحكومة جيورسكاني العالم باعترافه بالكذب قبل الانتخابات على المواطنين، والمستثمرين حيال الوضع الاقتصادي في البلاد . وحتى أنت نفسك توقعت ألا يزيد عجز الميزانية على 4.7 في المائة لعام 2006 والحقيقة أن حجم العجز سيسجّل الضعف.
اعذرني في السؤال و لكن : هل كنت تكذب؟
لقد كنت دائما ما أتهم خلال العام الماضيين بصراحتي ووضوحي. وفي الحقيقة فإن أي من الساسة في المجر وعلى مدار السنوات الستة عشر لم يمتلك الشجاعة والقوة لعرض تقدير فعلي فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي للدولة، حيث لم يرغب أحد تعريض مساعدات الاتحاد الأوروبي للخطر، وكذلك هدف إطلاق اليورو بسرعة قدر الإمكان. ويتضمن العجز الحكومي الآن عناصر (مثل خسائر شركة القطارات العامة مثلاً، وتمويل القطارات)، والتي لم يسبق أن كانتا تسجّلان معدلات عجز فيما سبق. إن معدلات العجز الآن تحدد المديونية بأكملها، وعلى هذا فإن الحديث ليس عن معدلات مقارنة.
تدفق ما يزيد على 50 مليار يورو مخصصة للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المجر منذ التحوّل السياسي في البلاد عام 1989 وأغلبها كانت من ألمانيا تحديداً. هل يمكن أن تتفهّم، عندما تتبادر المخاوف لدى الشركات الأجنبية حيال استثماراتها نظراً للأزمة السياسية؟
برغم الاضطرابات السياسية كافة، فإن الأمر أحرى بالتأكيد: إن الإنجاز الإنتاجي في المجر في حال جيدة، وسينمو هذا العام ما يزيد على 4 في المائة. ويمكن القول إن المصالح الاستثمارية غير منقطعة. وتعمل جميع الشركات الخاصة لدينا بسلاسة. ولكن في المقابل يمكن وصف الأمر ضمن السياق السيئ؛ حيث الإدارة العامة وبالأخص في المدن، والقطاع الصحي. ولهذا علينا أن نعيد تأهيل تلك الأنظمة . لقد عرضنا في بروكسل مشروعاً للتقارب مع باقي دول منطقة اليورو. ومن المفترض أن تعمل هذه الحكومة على استقرار وموازنة الخزينة الحكومية وتقليص العجز التجاري حتى عام 2009 إلى المعدل الذي أوصت به اتفاقية ماستريخت.
هل هذا يعني أن الهدف الجديد لإصدار عملة اليورو هو عام 2011؟
هناك حكمة تقول : "لا يمكنك عبور الجسر قبل أن تصل إليه "وعلى هذا فعندما نحقق مواصفات اتفاقية ماستريخت عام 2009 عندها يمكن القول إن الانضمام لعملة اليورو في عام 2011 ممكن من الناحية النظريةَ. ومن الممكن أن يكون الأمر في غاية الخطورة، بأن نشير إلى عام 2011 كموعد جديد و نهائي للانضمام لليورو. وأنا أرى أنه من الجدير أن يكون الهدف الرئيسي، هو استعادة ثقة المستثمرين. ولأن الاتحاد الأوروبي وافق على ميثاق الإجراءات والمعايير الخاص بنا، سنحظى خلال العامين المقبلين بدعم الاتحاد الأوروبي بأربعة أضعاف ما كان في العامين الماضيين. إن هذا بالغ الأهمية بالنسبة لنا. ويُعد زمن إصدار عملة اليورو ثانويا بالنسبة لاستقرار، وإعادة هيكلة، واستخدام أموال الاتحاد الأوروبي.
من استثمر في فترة التسعينيات في المجر لابد أن يكون قد قام بهذه الخطوة مرتكزاً على التوقّعات الحكومية حينها بأن موعد الانضمام لليورو سيكون في عام 2003 وهو ما يثير السخرية اليوم وقبل الانتخابات الأخيرة حددتم تاريخ 2010 موعدا للانضمام لليورو. هل تذكر؟
إن تحويل النظام عبارة عن إجراءات مؤجلة إلى فترات أطول، أكثر مما كنا نعتقد. وإعادة هيكلة أنظمة التزويد الكبرى، مؤلمة، ومعقدة، أكثر مما كنا نأمل. وتطوّر البنية التحتية يعني بالنسبة لنا أكثر من عبء، أكثر مما قدّرنا، وكل ما نذكره، هو أننا عملنا على مضاعفة أطوال سكك القطارات خلال الأعوام الأربعة الماضية. وكذلك فإن الوفاء بمواصفات اتفاقية ماستريخت، يسبب الكثير من القلق لكل دولة من دول الكتلة الشرقية السابقة. وعلينا أن نضيف على هذا، بأن الدول الأعضاء الأصلية نفسها عليها أن تناضل في هذا أيضاً، والتي تستخدم عملة اليورو فعلياً للدفع. على أية حال، فإن اقتصاد تلك الدول ينمو أسرع من اقتصاد دول منطقة اليورو من غير الأعضاء، حيث لا توجد وصفات سهلة، وحلول سريعة لذاك النمو.
يشكو المستثمرون في المجر من مؤشرات الأسعار المتذبذبة، حيث انخفضت في عام 2006 الضرائب لأول مرة، والآن يتم رفعها من جديد. لماذا؟
ليس لدينا فرصة أخرى، لإلغاء تخفيض الحجم الضريبي سوى الآن. وفي الحقيقة هذا يضرّ بالقدرة التنافسية للمجر. ولكن علينا أن نحقق الأوزان المتعادلة لخزينتنا المالية. خذ بعين الاعتبار: 80 في المائة من ميثاق الاستقرار والموازنة، حيث يتألف من إلغاء المعونات المالية، والنفقات. و20 في المائة فقط تعود على الرفع الضريبي.
ولكن عليكم الآن أن تدخروا أكثر وبقوة فجأة. وأين ستعملون بالادخار فعلياً؟
لقد نجحت حتى الآن، في تقليص حجم تكاليف إنشاء طرق القطارات نحو 40 في المائة.
وهل كنت ناجحاً جداً في محاربة الفساد؟
إن ما يتبقى لنا هنا، هو أن المنافسة الحقيقية قادرة على صنع المعجزات.
وهل يُضاف إلى إلغاء نحو 80 في المائة من المعونات، كذلك رفع أسعار الغاز مع بداية هذا الشهر نحو 30 في المائة؟
نعم، هذه تُضاف إلى القائمة الجديدة. لقد بلغت تكلفة النفط وغاز التدفئة حتى الآن في المجر نحو 50 في المائة أقل من أسعار السوق العالمية، ذلك لأن الحكومة تدفع سنوياً 90 مليار فورينت (300 مليون يورو) كقيمة معونات مالية. ولكننا سنعمل الآن على رفع الأسعار لتبلغ نحو 64 في المائة من السوق العالمية، ونؤكّد على التعويض الاجتماعي، بدلاً من دعم الاستهلاك.
ألا تخشون من تواصل المظاهرات والمعارضة؟
إن إعادة تحقيق الاستقرار ليس بالأمر السهل. إن الإجراءات التي نتمسك بها اليوم، والتي تسبب المعارضات، ليست بغير المعتادة، وقد قدرّنا حدوث هذا. ولهذا علينا أن نوضّح بصورة أفضل، سبب استحقاقنا للتضحية: نحن نريد تحقيق إنتاج عام أفضل، وشوارع أفضل على سبيل المثال، بفضل الوسيلة النقدية للاتحاد الأوروبي. وعندما يرى الناس النجاح الأوّلي بأم أعينهم، سيُقدِمون على التعاون.