واشنطن تفضل الاتفاقات الثنائية و تقر شروطا للتجارة الحرة

واشنطن تفضل الاتفاقات الثنائية و تقر شروطا للتجارة الحرة

أيد تعليق دورة الدوحة دعمها للمحادثات التجارية متعددة الأطراف استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية بأن التجارة الحرة العالمية يمكن أيضا دفعها إلى الأمام من خلال الاتفاقيات الثنائية والإقليمية. وتبذل مندوبة التجارة العالمية سوزان شفـاب قصارى جهدها في الوقت الحالي في تنظيم سلسلة من المعاهدات الثنائية، فيما تسعى الولايات المتحدة من جانبهـا إلى ترسيخ معايير وظيفية واجتماعية وبيئية عالية في الدول الشريكة.
في الأعوام الماضية دفعت الولايات المتحدة من خلال العقود الثنائية بالتجارة الحرة إلى الأمام حيث أبرمت المعاهدات مع المغرب والبحرين وعمـان وسنغافورة وأستراليـا وشيلي. كما تعمل الاتفاقات الإقليمية "كافتا-دي ار - CAFTA-DR" التي أصبحت على الأغلب نافذة المفعول قبل عدة شهور على تخفيض العوائق التجارية مع كل من السلفادور وهندوراس ونيكاراجوا وجواتيمالا وجمهورية الدومينيكان فيما تنتظر كوستاريكا المصادقة عليها. بينما المحادثات حول إبرام العقود مع العديد من الدول ومنها كولومبيا وبيرو وكوريـا الجنوبيـة وماليزيـا مازالت قيد التحضيـر.

من الأرجح أن سياسة التجارة هذه أصبحت نشيطة من خلال التمييز الذي منحه الكونجرس الأمريكي والمسمى بـسلطة دعم التجارة
Trade Promotion Authority" للرئيس الأمريكي جورج بوش في عام 2002. صحيح أن البرلمان تبعاً لمواثيق هذه السلطة يستطيع أن يرفض اتفاقيات التجارة الحرة للحكومة، لكنه لا يستطيع أن "يفسدها" بزيادات إضافية، بيد أن الكونجرس ربط هذه السلطة النافذة للرئيس الأمريكي بشروط: يجب على الحكومة أن تخبر مجلس الشيوخ والنواب في الكونجرس بمجريات المفاوضات وتعلمها كذلك بالنتائج المحتملة عن اتفاقية التجارة الحرة والمترتبة على سوق العمل الأمريكية. كما يستوجب على الحكومة أن تقدم تحليلا كاملا عن حقوق العاملين وكذلك عن مسألة "عمل الأطفال" في الدول المشاركة في المعاهدة، وفي النهاية يجب على الحكومة أن تربط في معاهدات التجارة الحرة بنوداً حول معايير العمل والبيئة.
هذا ووفق ما ورد من مكتب مندوب التجارة العالمية فإن اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والإقليمية تدفع بالإصلاحات الاقتصادية في الدول الأخرى إلى الأمام". وأحد الأمثلة الناجحة هو تلك الاتفاقية مع المغرب منذ كانون الثاني (يناير) هذا العام. ففي واشنطن تعتبر هذه الاتفاقية المثال النموذجي الدافع للقيام بإصلاح واسع المدى لحقوق العمل في المغرب: فقد ارتفع العمر الأدنى المسموح به لممارسة العمل من 12 سنة إلى 15 سنة وذلك من أجل مكافحة مسألة عمل الأطفال كما تم تخفيض عدد ساعات العمل الأسبوعية من 48 إلى 44 ساعة وتم أيضا تثبيت نظام جديد لحساب ساعات العمل الإضافية. ومن جانبها أشارت المغرب إلى موافقتها على تعديل وملاءمة الحد الأدنى للأجور مع متطلبات العصر بصورة دورية، كما أنها زادت من حدة تعليمات ومراقبة الأمن والسلامة في مواقع العمل. وتبعـا للاتفاقية يحق للموظف المغربي أن ينظم نقابات واتحادات عمل. وفي هذه الاتفاقية التي تسعى أمريكا أن توقعها مع كولومبيـا تلتزم كلتا الدولتين باتباع قوانين ولوائح صارمة لحماية البيئة، كما تريد الولايات المتحدة مساعدة الدولة الشريكة على بناء معاهد علمية من أجل حمـاية ودراسة البيئـة.

مع كل ذلك إلا أن هذه الإستراتيجية السياسية التجارية لم تسلم من النقد. فالاقتصادي العالمي المشهور جاكديش باغواتي ينتقد الحكومـة لأن سياسة ترسيخ معايير وظيفية وبيئيـة واجتماعيـة في اتفاقية التجارة الحرة ستؤدي إلى رفع الأسعار في الدول النامية مما سيترتب عليه فقدانها أحد عوامل المنافسة العالمية المهمـة.

الأكثر قراءة