صناعة الكيماويات تصارع للتوفيق بين الطاقة الإنتاجية والطلب
تنفيذيو الكيماويات غير ميالين بالتحديق في كرة البلور لقراءة الطلع.
غير أن الجميع من المستثمرين إلى الشركات عاكفون على دراسة الطلب، الطاقة الإنتاجية والرؤية المستقبلية الأوسع للاقتصاد العالمي, في محاولة لتحديد إذا أو متى سوف تصل الدورة الصعودية الحالية إلى نهايتها.
المضاربون على الصعود في السوق من أمثال مايك سكيمو الرئيس العالمي لقسم الكيماويات والموارد الطبيعية لدى شركة أكينثور, يعتقدون أن نقص الاستثمار خلال أواخر حقبة التسعينيات من القرن المنصرم وأوائل القرن الواحد والعشرين, يعني أن الصناعة تمارس لعبة التعويض.
ويجادل قائلا "بما أننا نحتاج من اثنين إلى ثلاثة أعوام على الأقل لتخطيط وبناء المصانع، فإننا نتوقع أن تستمر دورة الصعود لعام أو عامين آخرين".
غير أن هذه الرؤية فندت من قبل المضاربين على النزول من أمثال ريكارد لوغان المحلل الكيمائي لدى "جولدمان ساكس", الذي يعتقد أن الأوقات الجيدة ربما تكون قد انتهت وذلك بسبب الأحداث في آسيا والشرق الأوسط.
ويقول "إن الكمية الكبيرة من الطاقة الإنتاجية الإضافية التي دخلت حيز التنفيذ في الشرق الأوسط وآسيا تعزز نظرتنا الحذرة بشأن دورة الكيماويات".
ويوافق سفن رويال نائب رئيس خدمات المستهلك من شركة شل كيماكالز على هذا الرأي ويقول "إن جزءا من السبب الذي ساعد على استمرار قوة الطلب والأسعار خلال 2006، هو التأخير الذي حدث في دخول الطاقة الإنتاجية في الشرق الأوسط حيز التنفيذ.
ويقول رويال "نحن نشهر طلب جيد وأن الأساسيات ما زالت تبدو جيدة". غير أن ثقته تعتمد على استمرار المناخ الاقتصادي المعتدل.
غير أن مصدر الخوف هو إذا هبط الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتراجع الطلب، فإن الطاقة الإنتاجية الإضافية في آسيا والشرق الأوسط, تقدر بما يصل إلى 5 – 6 في المائة ـ يمكن أن يؤثر تأثيرا سلبيا على هوامش الأرباح.
إن معظم الطاقة الإنتاجية التي بنيت في الشرق الأوسط ـ التي تستفيد من ميزة الإمدادات الرخيصة في شكل غاز طبيعي ـ موجهة إلى آسيا.
ولكن إذا حدث تباطؤ في النمو الاستثنائي الضخم للصين، فإن الشرق الأوسط يمكن أن يحول اهتمامه نحو بيع منتجاته إلى أوروبا كما يقول رويال.
إن ضغوط هوامش الربح المحتملة وعدم وضوح الرؤية حول متى ستنتهي الأوضاع الجيدة الحالية في الصناعة، أدت إلى أن يبدأ بعض الشركات في الاستثمار وذلك كمحاولة منها لتحسين فرص نجاحها عندما تنقلب الدورة.
ويقول سكيمو من "أكسينشر": إننا نشاهد الشركات وهي تستثمر في إدارة العميل وسلسلة الإمداد إلى جانب تطلعها إلى التحسينات في مجال تقنية المعلومات من أجل تنظيم الكفاءة.
وتبنى آخرون الرأي القائل إن الاندماجات والاستحواذات هي السبيل لبناء الدفاعات ضد أي تباطؤ ولضمان نمو أطول أصلا.
وفي الوقت الذي يمكن أن يكون فيه الدفاع أحد الأسباب الكامنة وراء تسابق الشركات للوقوع في أحضان بعضها البعض، يشير المعلقون إلى أن النشاط الأخير أيضا مدفوع بظروف مالية قوية، أموال جاهزة ومتاحة، والحاجة إلى النمو من أجل خدمة الأسواق بطريقة أفضل.
ووفقا لـ بيتر يونغ من شركة يونغ آند بارتيرز للاستثمارات الكيماوية وعلوم الحياة فإن 13 مليار دولار من الصفقات الكيمائية على نطاق العالم تم إنجازها في النصف الأول من 2006.
ويقول "إذا أضفت صفقة شركة بي أو سي BOC وليندي التي أنجزت هذا الشهر فإن القيمة الكلية للصفقات في القطاع, ستعادل أو تتجاوز الإجمالي عن السنة الكاملة البالغ 33 مليار دولار والذي أنجز خلال 2005".
وفي الوقت الذي يعني في هياج الاندماجات والاستحواذات أن التقييمات تتجه نحو مستوياتها القياسية وهي 13.9 مرة, معززة المكاسب التي تحققت لآخر مرة في 1999.
ويعتقد سكيمو أن هذا النشاط سيتواصل، وخصوصا وسط المجموعات الشرقية، وفي غضون عشرة أعوام يمكن أن يؤدي إلى شركات يبلغ حجمها اثنين أو خمسة مرات, حجم أكبر الشركات الموجودة حالياً.
وإذا نحينا الهيمنة العالمية جانباً، فإن الاستراتيجيات الأحدث التي تحكم نفقات الاندماج والاستحواذ بشكل عام اتخذت شكلين متميزين: تلك التي تؤدي إلى زيادة الحجم، ومثال ذلك صفقة استحواذ على شركة بي أو سي بواسطة ليندي البالغة 8.2 مليار جنيه استرليني، وتلك التي تأمل في السيطرة على مجالات أكثر دفاعية، مثل صفقة شركة باير بقيمة 17 مليار يورو التي استحوذت بموجبها على شركة شيرينج, ما أتاحت لها المزيد من الانفتاح على صناعتي الصيدلانيات والرعاية الصحية الأقل تعرضا لتقلب الدورات.
أما تلك التي قاومت الرغبة الملحة للاندماجات فإنها تفعل الشيء الثاني الأقل, وذلك بإعادة هيكلة عملياتها لدعم مكافحتها لأي ركود محتمل، من خلال التخلص من الأصول غير المحورية. وتحت هذا العنوان تأتي صفقة بيع شركة إمبريال كيمكال إندستريز ICI لشركة كوردا وخروج شركة سيبا من أعمال النسيج التابعة لها.
وترى نانسي ديكاني الرئيسة التنفيذية لـشركة هون يويل سيشيالتي ماتيريالز أن السيولة التي تولدت عن عمليات التخلص من الوحدات غير الأساسية, سوف تستمر إعادة ضخها في المناطق الأقل تكلفة مثل الشرق الأوسط أو في الصين والهند, لكي تساعد الشركات تحسين فرص نفاذها إلى هذين السوقين اللتين تتميزان بالنمو العالمي.
وتقول: تنفذ الشركات متعددة الجنسيات معظم استثماراتها في الهند والصين، وأن أعمالنا في الوقت الحاضر مقسمة بالتساوي بين أمريكا وأوروبا وآسيا.
غير أن الطريق ليس كله في اتجاه واحد, ففي الوقت الذي تحاول فيه الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا زيادة وجودها في آسيا، فإن الشركات في آسيا شرعت في تحويل نظرها نحو أوروبا.
إن شركة ديشمان للصيدلانيات والكيماويات هي إحدى أحدث الشركات الهندية التي أبدت ميلا نحو الأصول الكيميائية الغربية, وذلك من خلال عرضها البالغ 74.5 مليون دولار لشراء وحدتين تابعتين لشركة سوليوتيا وتلي ذلك شراء شركة إن بي آي إل فارما لشركة أفيكيا للصيدلانيات في 2005.
إن ثني العضلات المالية من الشركات الآسيوية ـ العديد يعتقدون أنه لن يتأخر كثيرا قبل أن تنجز شركة سينوبيك الصينية أو ل استحواذ ضخم لها من الولايات المتحدة ـ يعتبر جزءا من تحول أساسي في الصناعة من ناحية من أين يأتي الطلب العالمي، والأكثر أهمية التنافس.
ومثل الآخرين في الصناعة فإن ديكاني تعتقد أن الكتنولوجيا هو العامل الذي سيفرق ما بين منتجي الكيماويات الغربيين من منافسيهم الآسيويين الأقل تكلفة والأقوى نموا.
وتستطرد قائلة "إن التنافس معناه أن عليك أن تهتم بالابتكار، وتكون مرنا، تفهم الأسواق وتخدم احتياجات عملائك حسب أفضل الإمكانيات المتوافرة لديك".