اللغة الإنجليزية تهدد نمو الاقتصاد الصيني

اللغة الإنجليزية تهدد نمو الاقتصاد الصيني

اللغة الإنجليزية تهدد نمو الاقتصاد الصيني

استطاع جاسون زهانج خريج الهندسة بعد ثلاث سنوات من حصوله على درجته الجامعية في شنغهاي، تغيير عمله مرتين ومضاعفة راتبه أربع مرات في الوقت الذي تبحث فيه الشركات الأجنبية بصورة مكثفة عن العمال المحترفين.
ويقول زهانغ، البالغ من العمر 26 عاما ويتحدث الإنجليزية بطلاقة، ويكتب برامج الكمبيوتر لشركة Business Machine ,"من السهل تماماً أن تجد وظيفة إذا كانت لديك مهارات لغوية وفنية. وهنالك وظائف متوافرة الآن أكثر مما كان الوضع عليه قبل عامين، وذلك بسبب استمرار إسناد مهام الإنتاج إلى جهات أوروبية وأمريكية".
وتصارع شركات مثل جنرال إلكتريك، فريش فيلدس بروكهاوس ديرنجر، وإيرنست آنديونج، في سبيل العثور على مهندسين، محامين، ومحاسبين، حيث إن الجامعات الصينية لا تخرج محترفين مؤهلين، وبالذات من هم قادرون على التحدث بالإنجليزية. ويهدد هذا العجز فرص التوسع ويعمل على زيادة الرواتب في أسرع الاقتصادات العالمية الكبرى نمواً.
يقول أندرو جرانت الذي يترأس المكتب الصيني لشركة ماكنزي وشريكه، الشركة التي تقدم المشورة لثلثي الشركات المدرجة في قائمة مجلة فورتشن "يمكننا أن نجادل بأن أعظم قيد للنمو الصيني هو المواهب، حيث إنها أهم من المياه، الطاقة، والبنية التحتية".
وتقل نسبة المؤهلين بين الباحثين الصينيين عن العمل عن 10 في المائة بالنسبة إلى الوظائف المطلوبة من جانب الشركات الأجنبية في مجالات المحاسبة، التمويل، والهندسة، حسبما ورد في تقرير صادر عن شركة ماكينزي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي الذي ارتكز على مقابلات مع أكثر من 80 مسؤولاً في مجال الموارد البشرية . وقال التقرير: إن معظم المتقدمين للوظائف يفتقرون إلى مهارات اللغة الإنجليزية والتواؤم الثقافي".
ويرى أنتوني وو، المستشار البارز الرئيس السابق لشركة إيرنست آند يونج في الصين، أن الشركة التي تخطط لمضاعفة عدد العاملين معها في الصين خمس مرات ليصل إلى 25 ألف موظف، خذلت زبائنها لعدم تمكنها من توظيف ما يكفي من المحاسبين.

ارتفاع شديد في الطلب

ورفعت الصين هذا العام حظراً استمر عاما كاملا على مبيعات الأسهم، كما أصبح على الشركات العامة أن تفي بمتطلبات المعايير الدولية للمحاسبة بحلول العام المقبل، مما أشعل الطلب على المحاسبين.
وفي الصين 69 ألف محاسب مرخص، وهي بحاجة إلى أكثر من 300 ألف محاسب، كما يقول تشن يوجوي، أمين عام المعهد الصيني للمحاسبين العامين المسجلين. ولم يكن لدى الجامعات الصينية برنامج للحصول على شهادة في المحاسبة العامة المسجلة حتى عام 1994. ويقول تشن "إن الفجوة ما زالت هائلة بين الطلب والعرض".
وتعاني عدة مهن أخرى من ذلك أيضا. وعلى الرغم من أن ثلث خريجي الصين يحصلون على شهادات هندسية جامعية، فإن الشركات الأجنبية لا تستطيع إيجاد العدد الكافي من المهندسين. ولا يعتبر خريجون كثيرون مؤهلين جيداً نظراً لتركيزهم على الجانب النظري وعدم تعلمهم العمل في المشاريع أو ضمن فرق العمل، حسب ما ورد في تقرير شركة ماكنزي التي تتخذ من نيويورك مقراً لها.
وتذكر ماري ويكس، مديرة الموارد البشرية لشركة فريش فيلدس في آسيا، أن هذه الشركة القانونية التي تتخذ من لندن مركزاً لها، وتملك مكاتب في 18 دولة، تبحث في الصين عن محامين مؤهلين ضمن خطتها لتوظيف 65 محامياً عاماً هناك خلال خمس سنوات. وتوظف هذه الشركة المحامين الذين يتقنون لغة الماندارين، إضافة إلى حصولهم على شهادات دولية.

نقص في أعداد المحامين
ولدى الصين 120 محاميا، أي بنسبة واحد إلى 10.800، مقارنة بواحد إلى 375 في إنجلترا وويلز. وتقول ويكس "إن المنافسة شديدة".
وتزيد الشركات من رواتبها ومزاياها لاجتذاب العمال الموهوبين. وارتفع معدل راتب المحاسب في شركات مثل إيرنست آند يونج، ودولويت توشيه توهاماتسو العام الماضي بنسبة 30 في المائة ليصل إلى تسعة آلاف دولار حسبما ورد في دراسة لشركة هيومان ريسورس كونسلتنج في نيويورك. وتقول كاثرين ين رئيسة إدارة الموارد البشرية لشركة إيرنست آند يونج في الصين، إن الشركة تقدم إجازات أطول وبرامج عمل أكثر مرونة.
وارتفع معدل الأجور في المدن الصينية خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 14.7 في المائة مما كان عليه قبل سنة ليصل إلى 1160 دولاراً، حسب مصادر مكتب الإحصاءات الوطني.

التعليم والتدريب

تلجأ شركات كثيرة إلى معالجة هذا النقص في الموارد البشرية من خلال برامج التدريب الخاصة، ورعاية برامج التدريب في الجامعات. وأقامت شركة جنرال إلكتريك، وهي الشركة العالمية الثانية من حيث القيمة السوقية، علاقات مع 17 من أفضل 50 جامعة في الصين، بما فيها جامعة فودان في شنغهاي، وجامعة بكين، حسبما قاله هيثر وانج، مدير شؤون الأفراد لشركة جنرال إلكتريك في الصين.
وأضاف "تعاني الصين من عدم توازن واضح بين العرض والطلب فيما يتعلق بالموهوبين. وما زال من الصعب العثور على أشخاص ذوي خبرات فنية وقدرات لغوية".
وأدى البحث عن المواهب إلى سرعة كبيرة في معدل انتقال الموظفين من عمل إلى آخر، حسبما ورد في تقرير صادر في حزيران (يونيو)، حيث إن 24 في المائة من مجموع 300 شخص جرى استطلاع آرائهم، يخططون للانتقال إلى أعمال أخرى خلال العام المقبل.
ويبيّن وو، الرئيس السابق لشركة إيرنست آند يونج أن الجميع يناضلون بقوة، ولذلك يزداد معدل انتقال العاملين، ويزداد معدل الانتقال بين المدققين الداخليين العاملين في شركتك".

العجز الناجم عن المصالح المتبادلة
تزداد تكلفة فقدان الموظفين بصورة خاصة في الصين بسبب مفهوم Guanxi أي العلاقات القائمة على المصالح المتبادلة، كما يقول فيكتور أبس، المدير العام لشركة مانيولايف المالية في آسيا. وتمتلك أكبر شركات التأمين في كندا 12 مكتباً في الصين توظف 4500 موظف، كما أنها تخطط لفتح مكاتب في جياكسنج، وإقليم جيا نجمن وشاندونج. ويقول أبس"إن علاقات المصالح المتبادلة مهمة بالنسبة للنشاطات العملية في الصين"، وإن العمال هم الفائزون في هذه المنافسة.
ويشير زهانغ الذي عمل لدى شركة IBM لمدة سنة، إلى أن عمله الأول كمطور برمجيات كان يمنحه ألفي يوان صيني شهرياً (251 دولاراً). وخلال ستة أشهر استطاع الحصول على وظيفة لدى "سيتي بانك" بضعف الراتب. ويبلغ راتبه الحالي عشرة آلاف يوان شهرياً، وقال "إن الأمان الوظيفي لم يعد مشكلة بالنسبة للشباب في أيامنا هذه".

الأكثر قراءة