تقلص حجم احتياطيات النقد الأجنبي من الدولار لزيادة العائدات على الثروات الوطنية

تقلص حجم احتياطيات النقد الأجنبي من الدولار لزيادة العائدات على الثروات الوطنية

يعمد الكثير من البنوك المركزية إلى تحويل المزيد من احتياطياتها النقدية الهائلة إلى صناديق استثمار سيادية لإدارة الثروة الوطنية بنشاط أكبر، وهو اتجاه قد يعزز موجودات الأسواق الناشئة على حساب الدولار. واستخدمت دول مثل النرويج، الإمارات، وسنغافورة لسنوات مثل هذه الصناديق لتنويع استثمارات هذه السيولة الوفيرة بعيدا عن الأصول التقليدية عديمة المخاطر لكن منخفضة العائدات مثل سندات الخزانة الأمريكية. وبسبب الحاجة المتنامية إلى تعزيز العائدات تحول تلك البنوك المركزية المزيد من احتياطياتها إلى صناديق حكومية لإدارة ثروات يقدر البعض قيمتها بأكثر من تريليون دولار.
وفي الوقت نفسه يتبنى عدد متزايد من الدول مثل روسيا وكوريا الجنوبية
هذا النوع من الأوعية الاستثمارية لزيادة العائدات على ثرواتها الوطنية.
وقد تستفيد عملات وسندات وأسهم في الأسواق الناشئة الأكثر مخاطرة وتقلبا نسبيا من الرغبة في جعل تلك الثروات الوطنية تعمل بكد أكبر بعد أن ظلت منطقة محظورة على قرابة خمسة تريليونات دولار من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية. وقال ستيفن جين كبير خبراء أسواق الصرف في مورجان ستانلي "تنويع الأصول والعملات من المرجح أن يزداد نشاطا حيث بدأت صناديق الثروة السيادية تلك تبدو أقرب شبها إلى الصناديق المشتركة الخاصة، بل وصناديق التحوط وأقل شبها باحتياطيات رسمية".
وأضاف "ستكون على الأرجح أقل دعما للدولار لأن تلك الصناديق سيكون
لديها سياسة استثمارية أعلى مخاطرة وعائدا ومن المرجح أن تدخل ميادين
محظورة على احتياطي نقدي مثل الأسهم أو العقارات في الأسواق الناشئة". ومضى يقول "ومن ثم تقلص الأموال التي يمكنها الذهاب إلى أسواق كبيرة تتمتع بالسيولة. والولايات المتحدة هي السوق الكبيرة والسائلة". وتعزز تطوير هذا النوع الجديد من الاحتياطيات بفضل ارتفاع أسعار النفط وحاجة الدول المصدرة للخام إلى استثمارات طويلة الأجل أعلى عائدا من ارتفاع أسعار الخام إلى ثلاثة أمثالها في خمسة أعوام.
وتملك النرويج ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم صندوقا نفطيا قيمته 241
مليار دولار. والصندوق الذي تأسس عام 1996 يستثمر 40 في المائة من موجوداته في الأسهم و60 في المائة في سندات الدخل الثابت في الأسواق العالمية. وقال محافظ البنك المركزي سفين جيدريم يوم الإثنين الماضي إن الصندوق قد يتبنى سياسة استثمارية أكثر مخاطرة مما قد يزيد تقلب العائدات. وقد تعرض التعديلات المقترحة في السادس من تشرين الأول (أكتوبر).
وقال كريس تيرنر خبير أسواق الصرف في أي. إن. جي "الاحتياطيات الأجنبية موجودة أساسا لمنع التهافت على عملة ما ومن ثم قد تكون مقيدا بحيازة عملات لك فيها معاملات تجارية واستثمارية كبيرة". وأضاف "لكن صناديق مثل الصناديق النفطية لها أهداف مختلفة هي الحفاظ على الثروة لصالح السكان على المدى الطويل. إنها تستثمر وفقا لما سيحقق أفضل عائدات طويلة الأجل".
وقالت الإمارات عضو "أوبك" التي يقتنص ذراعها الاستثماري الحكومي أصولا دولية، إنها تعتزم شراء المزيد من الأصول في الخارج باستخدام إيراداتها النفطية. واشترت دبي إنترناشونال كابيتال الحكومية مجموعة توسو مالكة متاحف الشمع الشهيرة، واستحوذت على حصة بقيمة مليار دولار في "دايملر كرايسلر". ولدى الإمارات أيضا جهاز أبو ظبي للاستثمار الذي تقدر قيمة الموجودات تحت إدارته بما يصل إلى 500 مليار دولار.
وقال ستيف برايس الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط لدى بنك ستاندرد تشارترد "ينظر إلى الدولار على أنه معرض للخطر هيكليا ومن ثم فإن الاعتماد بكثافة على موجودات دولارية يضعهم في مركز مكشوف".
ولدى روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم أكثر من 20 مليار دولار في
صندوق الاستقرار النفطي الذي أسسته عام 2004 كلها مقومة بالروبل، ويحقق فائدة دون مستوى التضخم. وقالت روسيا إنها ستودع 45 في المائة من الصندوق بالدولار، 45 في المائة باليورو، و10 في المائة بالجنيه الإسترليني. وقال مستشار اقتصادي بارز للرئيس فلاديمير بوتين إن الدولة تعتزم استثمار جزء من الصندوق في أسواق الأسهم. ويتجاوز إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي الروسية 260 مليار دولار - وهي الأضخم في العالم خارج آسيا.
وفي سنغافورة تعتزم مؤسسة الاستثمار الحكومية رائدة صناديق الثروة،
الاستثمار في أصول مرتفعة المخاطر مثل صناديق التحوط والاكتتابات الخاصة أو الأسواق الناشئة لتحسين العائدات على محفظتها التي تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار. وحقق الصندوق الذي تأسس عام 1981 ويستثمر بعض احتياطيات الدولة، عائدا بلغ 9.5 في المائة سنويا في المتوسط على مدى 25 عاما.
وعلى غرار مؤسسة الاستثمار الحكومية في سنغافورة تستثمر مؤسسة الاستثمار الكورية 17 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد وهي خامس أكبر احتياطي نقدي في العالم.
كما ضخت الصين - صاحبة أكبر احتياطي نقدي في العالم بموجودات تتجاوز 900 مليار دولار - ما إجماليه 60 مليار دولار من احتياطياتها في ثلاثة بنوك محلية للمساعدة في شطب ديون معدومة.
وقال جين "الصين يمكنها دراسة تحويل احتياطياتها الجديدة إلى صندوق ثروة سيادي. هذا الصندوق يمكن استخدامه لشراء استثمارات أجنبية مباشرة وموجودات مالية أجنبية أكثر مخاطرة وأعلى عائدا".

الأكثر قراءة