ميردوخ زعيم الإعلام الأمريكي يعلن الحرب ضد الصحف اللندنية

ميردوخ زعيم الإعلام الأمريكي يعلن الحرب ضد الصحف اللندنية

تواجه شركات النشر البريطانية خلال الأيام المقبلـة هجمة من إمبراطور الإعلام "روبرت مردوخ"، حيث يخطط رجل أعمال الدعاية والإعلام الأمريكي – الأسترالي، ولأول مرة إصدار صحيفة مجانية في العاصمة البريطانية لندن من المقرر أن تصدر ابتداء من الأسبوع الأول من أيلول (سبتمبر) الحالي.
الصحيفة التي تحمل عنوان "ذي لندن بيبر" – The london paper" تتوجه في مقالاتها إلى القرّاء الشباب، وستصدر يوميا بنحو 400 ألف نسخة في الأسواق، يقوم بتوزيعها ما يقارب 700 موزع جرائد في المدينة الضخمـة.
مشروع "مردوخ" الذي مولت تطوره شركته القابضة للإعلام والصحافـة "نيوز إنترناشيونال - News International" على مدى السنين الماضية بما يقارب 100 مليون جنيه استرليني، زاد من حدة المنافسة في سوق مكتظ أصلا بالصحف المتنافسـة. حيث تصدر في لندن بجانب الصحف الدولية اليومية مثل "جارديان - Guardian"، "ديلي تيليجراف - Daily Telegraph"، "تايمز - Times" أو "ذي سن - The Sun" صحف محلية أخرى مثل "إفيننج ستاندارد - Evening Standard" و"ميترو - Metro"، وهي تتودد بوجه خاص للقراء من بين الثلاثة ملايين من الأيدي العاملة في لندن.
الصحيفة المجانية الجديدة التي تسعى إلى كسب القراء من الأعمار ما بين 17 و35 عامـا تهاجم الناشر المحلي المسيطر "أسوشييتد نيوزبيبر - Associated Newspaper" وجها لوجه. فمؤسسة نشر الصحف اللندنية الأولى التي تنتمي إلى شركة الدعاية والإعلام الضخمة "ديلي ميل و جنرال ترست - Daily Mail & General Trust"، احتلت بالصحيفة "إفيننج ستاندارد" مركزا مميزا في لندن استطاعت من خلاله توسعة حقوق التوزيع المحصورة لهـا في جميع محطات ترام الأنفاق في العاصمة لندن. وإذا تحقق ما يسعى إليه "مردوخ"، فسيمثل ذلك بداية تفكك هذا الحصن المنيع. ولكن هذا في نظر "نيوز إنترناشيونال" ليس كافيـا، فالصحيفة المحليـة التي اقتبست نهج تحرير مثيلتها الصحيفة السويدية "ميترو"، حققت في لندن نجاحا اقتصاديا باهرا أيضا. والجدير بالذكر أن هذه الصحيفة تصدر وتسوّق بالوكالة من مؤسسة النشر "أسوشييتد نيوزبيبر".
في الواقع أن انطلاقة "ذي لندن بيبر" كان مخططا لها بتاريخ 19 أيلول (سبتمبر) الحالي. ولكن بسبب ردود فعل القراء الإيجابي والصدى الطيب الذي لاقته الصحيفة من خلال العينات التجريبية لأصحاب الإعلانات فقد قدّم المسؤولون لدى "مردوخ" موعد إصدار الصحيفة بأسبوعين.
ويقول "ايان كلارك"، مدير "نيوز إنترناشيونال" في لندن "نحن متفوقون من ناحية التحرير والتسويق أكثر مما توقعناه". ولكن من جانب آخر يشكك الخبراء في فرص نجاح المشروع الذي سيقوم بتمويل نفسه ذاتيا من خلال إيرادات الإعلانات والدعايات الذي يخطط لتحقيق الأرباح بعد 18 شهرا فقط من انطلاقته. ويقول "دان بيم" من وكالة المشتريات والإعلام "يونيفرسال مك كان - Universal McCann" "حتى في مدينة ضخمة مثل لندن التي تكتظ بـ 7,5 مليون نسمـة يتم يوميا قراءة ما لا يزيد على 800 ألف نسخة فقط من الجرائد المجانية والمباعة".
لكن في الظاهر أن الصحف المنتخبة المدنيـة مبرمجـة على مثل هذه الخطوة. فحتى لصد هجوم "مردوخ"، تدافع "أسوشييتد نيوزبيبر" بإصدار صحيفـة مجانيـة أخرى، حيث ينوي مدير مؤسسة النشر "ستيف أوكلاند" بإصدار الصحيفة الجديدة "لندن لايت" - London Lite وتوزيعها مجانا ابتداء من يوم الجمعة المقبل إلى جانب الصحيفة المحلية "إفننج ستاندارد" المباعة بتكلفـة 40 بنسا استرلينيا (59 سنتا أوروبيا). وعلى الرغم من عدد الصفحات الهائل والبالغ 48 صفحـة إلا أن اسم الجريدة الجديدة دليل على ضعف المواد المقروءة في مقالاتها. فبالتركيز على القراء السطحيين والمطالعة الضعيفة يريد المحررون حسبما ورد على لسانهم نشر آخر أخبار المجتمع الراقي في لندن، أي بالأحرى عن المشاهير والأزياء والمواضيع العابرة يوميـا.
حتى وإن كانت حملـة "لندن لايت" المقامة ضد جريدة "مردوخ" الجديدة، إلا أن من المحتمل أن تبقى الصحيفة الأخت "ستاندارد" التي تتميز مقالاتها بخليط من الأخبار العامية والأخبار الجادة، معرضة للضغوط، حيث إن مورد الدخل الأول للمؤسسة "أسوشييتد نيوزبيبر" خسرته في الآونة الأخيرة نتيجة تقلص عدد قرائها حتى من دون منافسة تذكر. الصحيفة "إيفننج ستاندارد" التي حصلت في العام الماضي كأول صحيفـة على شرف نقل وقائع خبر حصول لندن على حقوق تنظيم الألعاب الأولمبية 2012 التي كانت تنقل الأخبار أولا بأول عن وقائع أحداث مخطط عملية الإرهاب التي عمت أرجاء المدينة أخيرا، كانت تعتلي قبل أعوام قمة الصدارة بعدد النسخ المباعة يوميا، حيث بلغت 700 ألف نسخـة يوميا. ولكن في هذه الأثناء انخفض العدد إلى نحو النصف، وتراكمت الخسائر على الصحيفة بما يقارب عشرات الملايين. وحتى هذه اللحظة صرف مديرو دار النشر النظر عن أي جروح عميقة أو آثار كامنة في التحرير أو الإدارة. وذلك لأن خسائر "ستاندارد" كانت تعوضها الأرباح النابعة من وكالة نشر وتسويق الصحيفـة "ميترو".
الحالة الاقتصادية المتوترة التي تمر بها "أسوشييتد نيوزبيبر" هي على حسب آراء ممثلي البنوك بمثابة رهن لمعركة تبادل الضربات القادمة مع "مردوخ". ومقارنة بالمنافس اللندني يستطيع الآن أخطبوط الإعلام الذي يدير وحده في بريطانيا محطات التلفزة المشفرة "بي سكاي بي - BSkyB" المشهورة جدا، ويمتلك في الوقت نفسه أكثر الصحف انتشارا على مستوى الدولـة وهي "سن" و"تايمز" و"نيوز أوف ذي وورلد - News of the World"، أن يغرف من بحر السيطرة والازدهار الاقتصادي كيفما شاء.

الأكثر قراءة