مأساة الاتحاد الأوروبي تمكن في النماذج التجارية والأسواق الداخلية

مأساة الاتحاد الأوروبي تمكن في النماذج التجارية والأسواق الداخلية

منذ صيف عام 2004 تشهد سوق العمل للدول الـ 12في منطقة اليورو تقدماً تدريجياً، حيث انخفض معدل البطالة العمالية أخيرا من 8.9 في المائة إلى 7.8 في المائة، المعدل الأدنى منذ خمسة أعوام. وبرغم هذا فما تشير إليه دراسة "يورو – باروميتر" الإحصائية، إلى أن المخاوف والقلق لدى مواطني الاتحاد الأوروبي حيال فرص العمل تُعد في الطليعة بالنسبة لهم: حيث ارتفعت نسبة الذين خضعوا للاستفتاء من 44 إلى 49 في المائة، وهم الذين ينظرون إلى البطالة العمالية على أنها إحدى أهم المشاكل المتعلقة بالقضايا السياسية للمجتمع، وخلف تلك مباشرةً تبرز المخاوف حيال الجرائم، والوضع الاقتصادي، ومستقبل أنظمة التأمين الصحي.
وفي غمرة رفض العقد التشريعي للاتحاد الأوروبي في فرنسا وهولندا، الشيء الذي تم تفسيره على أنه إشارة إلى التغريب ما بين أوروبا ومواطنيها، عمل الساسة الرؤساء في الاتحاد الأوروبي على تخصيص أهداف ومفاهيم للدراسات الإحصائية.
والآن ترفع الشعارات علناً قائلة: "أوروبا تنتمي"، و"أوروبا تتداول". وكان المواطنون قد توقّعوا من الاتحاد، بأن يعمل على تأمين السلام، والانتعاش الاقتصادي، والتكافل، وكذلك زيادة التنمية الأوروبية في عالم، تتقدّم فيه العولمة بسرعة كبيرة. وتعالج المفوضية الأوروبية منذ بضعة أشهر مبادئ جدلية، كما أنها شعبية في الوقت ذاته، تتعلّق "بالأجندة الشعبية".
ومن غير اللائق أن تلجأ الحكومات و المفوضية إلى الكذب بشأن آمال العامة التي أشارت إليها التقديرات عن الدراسات الاستفتائية، ولكن من الخطأ و الخطر جداً، تحميل أوروبا بالكثير من التوقعات المفرطة، وبالكاد ينقضي مؤتمر قمة منذ أعوام، لا يعلن فيه المشاركون، أن محاربة البطالة العمالية تحظى بالأولوية العليا. وتنص المادة I-3، الموجودة في العقد التشريعي المتفق عليه من قبل رؤساء الدول والحكومات الخمسة وعشرين في خريف عام 2004 ، على أن الاتحاد الأوروبي يقوم على اقتصاد السوق الاجتماعي القادر على المنافسة، والذي يحقق حجماً توظيفياً كاملاً وتقدّماً اجتماعياً.
وفي المقابل تشير المادة رقم 2 من العقد التشريعي لدول المجتمع الاقتصادي، بأن الاتحاد الأوروبي يلزمه معدل تشغيل مرتفع، وبالإضافة إلى هذا، يحتاج إلى الحماية الاجتماعية. وسواء المجتمع الاقتصادي، أو العقد التشريعي، فإنهما يشيران إلى حدود المجتمع. وبالنظر إلى توزيع المهام، ما بين الاتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء والتي تم وصفها بصورة أوضح في العقد التشريعي، يمكن القول أن الأدوار قد سُلِمت. وتعمل كفاءة المجتمع، بناءً على مبدأ المعونات المالية، على غياب تفعيل السوق الداخلية بصورة خاصة، والتي يمكن لنحو 460 من المواطنين فيها أن يحرّكوا رأس المال، والخدمات الإنتاجية بحرية تامة. والشيء المشترك هو سياسة المال والنقد بما فيهما البنك المركزي الأوروبي. وفي المقابل فإن سياسة الاقتصاد والاجتماع هي قضية الدول الأعضاء. وفي قلب التأكيد الذي جاء عن قسم ساسة أوروبا، حيال اقتصاد السوق، وهدف التقدّم الاجتماعي لبعض "النماذج الاجتماعية الأوروبية " المستهدفة، تكمن الذاتية لبعض الأحزاب.
ومن الممكن أن يتمنّى المرء تنظيم اتحاد النقد عن طريق اتحاد الاقتصاد واتحاد السياسة الاجتماعية، كما يثابر على ذكر الأمر رئيس حكومة بلجيكا المتحرر، جاي فيرهوفشتات. إلا أن الواقع يبدو على نحوٍ مختلف، حتى عندما يستنبط المفوّض الألماني للاتحاد الأوروبي "جونتر فيرهويكجن" من استراتيجية الليسابون المحدّثة، عن 25 خطة إعادة هيكلة لكل دولة على حدة، وخطة عمل للمجتمع، على أمل أنه يوجد لأول مرة "سياسة اقتصاد أوروبية منسّقة".
ولكنها بالكاد تحتوي على المزيد من الأماني الصادقة لإعادة هيكلة أسواق العمل، ولتحسين المؤهلات العلمية، أو الهدف، في تمكين تأسيس إحدى الشركات في غضون أسبوع حتى عام 2010. ولهذا لا يمكن للمفوضية بالفعل أن توظّف مقارنات دقيقة، وأن تتحدّث مع الدول الأعضاء على وجه التأكيد واليقين. ولهذا من الممكن أن يعمل مبدأ "الأساليب المفتوحة للتنسيق" على التضليل، حيث إن مسؤولية السياسة الاقتصادية والاجتماعية توجد الآن إلى حدٍ بعيد تحت مسؤولية الدول الأعضاء منفردةً.
سيكون مفيداً، توضيح حدود أوروبا على نحو عام. ولكن الأهم هو، أن تعالج مفوضية الاتحاد، والدول الأعضاء، وبرلمان الاتحاد الأوروبي، ما تملكه من مسؤوليات. وبخاصة ما يتعلّق أولاً بالسوق الداخلية، وكما في السابق، يُعتبر التوسّع في القوى المتنافسة عقبات في الطريق، والتي من المفترض إزاحتها بثبات. والانفتاح المتردد المتوقّع الآن لأسواق الخدمات الاجتماعية يُعوق النمو بصورة لا ضرورة لها. وحتى تحرر أسواق الطاقة والمالية في ركود. وكما في السابق، تصعب الحياة على المزودين الأجانب غالباً على نحوٍ لا ضرورة له، عن طريق العروض الزهيدة لدى منح العطاءات الحكومية.
ولأن خطط إعادة الهيكلة، كما تشير استراتيجية الليسابون، منطقية، فهذا لا يغيّر شيئاً في مسألة المسؤوليات المتقلّصة أو المسلّمة للمجتمع. وفي المقابل فإن هدم العقبات الحدودية المتعددة في السوق الداخلية يُعتبر نجاحاً أوروبياً، والذي من المفترض أن يكون واضحاً لدى العامة أيضاً. وإذا ما ابتهج ساسة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، والدول الأعضاء على النموذج التجاري الأوروبي، وعملوا على التركيز بجدية على المهام الرئيسية الواقعية للمجتمع، من الممكن أن يكون الربح أكبر، لأوروبا، ومواطنيها.

الأكثر قراءة