الشرق الأوسط يستثمر في سماد اليوريا و"سابك" تتسيد دول العالم في إنتاجه

الشرق الأوسط يستثمر في سماد اليوريا و"سابك" تتسيد دول العالم في إنتاجه

الشرق الأوسط يستثمر في سماد اليوريا و"سابك" تتسيد دول العالم في إنتاجه

ظلت الرمال الجافة في الشرق الأوسط تغذي محركات السيارات والطائرات لعقود طويلة من مخزوناتها الكبيرة من النفط والغاز. غير أن هذه المخزونات تساعد الآن على إطعام الناس حول العالم.
وتبلغ قيمة صناعة اليوريا - وهي سماد يستعمل بكثرة للمزروعات - 24 مليار دولار. وتزداد أهمية هذه الصناعة بصورة مستمرة. وتمثل اليوريا أحد أهم الصادرات غير النفطية من منطقة الشرق الأوسط حسب دراسة أصدرتها خلال الفترة الأخيرة منظمة الخليج للاستشارات الصناعية.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "ووال ستريت جورنال" الأمريكية أخيرا، يوجد الغاز الطبيعي الذي يعتبر أحد المكونات الرئيسية لإنتاج اليوريا، في الآبار ذاتها التي يوجد فيها النفط الخام، ويصعد إلى سطح الأرض أثناء الحفر. وبينما تعتبر عملية استخراج الغاز عملية سهلة، فإن نقله إلى أماكن بعيدة ليس كذلك. ونتيجة لذلك لجأ عدد من البلدان المنتجة للغاز الطبيعي التي لا تمتلك الأموال ولا البنية التحتية لتصديره إلى أبسط السوائل المتاحة المتمثلة في حرقه في الجو. وينظر إلى هذه الوسيلة المنتشرة بصورة واسعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كهدر لمورد متزايد القيمة. كما أن العملية تتعرض للمزيد من الضغوط نظراً لتسببها في تدمير البيئة.
وحتى يمكن بيع الغاز إلى جهات خارجية، فإنه لا بد من نقله عبر الأنابيب، أو تحويله إلى سائل للنقل عبر الناقلات المتخصصة. غير أن أنابيب النقل تمتد إلى مسافات طويلة، كما أنها تستغرق في إنشائها وقتاً طويلاً. أما تسييل الغاز، فهو عملية معقدة ومكلفة في الوقت ذاته. ولذلك ظل حرق الغاز في الجو يمثل الوسيلة الأسهل والأرخص.
وكانت نيجيريا لعدة سنوات الدولة الأولى من حيث كميات الغاز الذي يحرق في الجو. ولكن إيران، العراق، الجزائر، ليبيا، وقطر دخلت ضمن قائمة الدول العشرين الأولى في حرق الغاز على النطاق العالمي.
وتفيد دراسات لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حرقت في الجو ما يصل إلى 948 مليار قدم مكعب من الغاز خلال عام 2003 بقيمة تبلغ 10.8 مليار دولار أمريكي، وبما يكفي لاستهلاك ألمانيا وفرنسا معاً.
ومن خلال تحويل المزيد من غازها الطبيعي إلى الصناعات البتروكيماوية، بما في ذلك اليوريا، فإن دول الشرق الأوسط قطعت خطوات بعيدة المدى في تقليص انبعاث الغازات الضارة، كما قال بنت ستيـ?نسون الذي يدير الشراكة المتخصصة في تقليص حرق الغاز التابعة للبنك الدولي.
وتفيد الأرقام الصادرة عن الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) أن شركة البتروكيماويات السعودية التابعة للدولة تنتج الآن كميات من اليوريا تفوق ما تنتجه أي دولة أخرى في العالم . وتراجعت الانبعاثات الغازية الملوثة الناجمة عن حرق الغاز في السعودية إلى أقل من مليار متر مكعب عام 2000 - أحدث السنوات التي تتوافر حولها الأرقام - من أصل 38 مليار متر مكعب سنوياً في أوائل الثمانينيات، حسب مصادر البنك الدولي.
وتقدر شركة سيديغاز المختصة في جمع البيانات الخاصة بصناعة الغاز، ومقرها باريس، أن المملكة العربية السعودية لم تحرق سوى 120 مليون متر مكعب من الغاز عام 2004. ويسير عدد من بلدان المنطقة على الطريق ذاته.
وقال بيجمان جافدان رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة ستامكربون التابعة لشركة DSM الهولندية، إن عدد مصانع اليوريا التي يتم تشييدها في منطقة الشرق الأوسط زاد بصورة لافتة للأنظار خلال السنوات الخمس الأخيرة. وتتولى هذه الشركة الترخيص التقني لمصانع اليوريا على النطاق العالمي.
وأضاف هذا المسؤول أن هناك 30 مصنعاً لليوريا تعمل في الوقت الراهن في هذه المنطقة، وأن هناك الكثير في الطريق، بما في ذلك واحد في السعودية، وثلاثة في إيران. أما مصر التي تفتقر إلى موارد النفط الغنية التي يتمتع به جيرانها، فإنها تخطط لإقامة أربعة مصانع يوريا، حيث ترى في اليوريا مصدراً رئيسياً للعوائد.
ويتم بيع 120 مليون طن من اليوريا في الأسواق العالمية سنوياً، وتراوح نسبة النمو بين 2 و3 في المائة سنوياً. وستزداد طاقة إنتاج اليوريا في الشرق الأوسط بنحو 13 مليون طن خلال السنوات الخمس المقبلة حسب تقديرات British Sulphur Consultants. وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية للمنطقة نحو 16.9 مليون طن سنوياً، أي ما يعادل 14 في المائة من الإنتاج العالمي.
وترى المصادر المطلعة أن زيادة إنتاج اليوريا في منطقة الشرق الأوسط تعود إلى زيادة أسعار الغاز الطبيعي عبر العالم. وبينما يجب على شركات الصناعات البتروكيماوية في أمريكا الشمالية دفع ثمانية دولارات أمريكية مقابل مليون وحدة حرارية بريطانية، فإن الشركات العاملة في هذه الصناعة في الشرق الأوسط لا تدفع سوى دولار واحد للحصول على الكمية ذاتها من الوحدات الحرارية. وتبلغ تكلفة إنتاج طن اليوريا في منطقة الشرق الأوسط 120 دولارا أمريكيا مقابل 250 دولارا أمريكيا في أمريكا الشمالية وفقا لأحد المنتجين المحليين.
وقال جورج سميث المدير في شركة البتروكيماويات Ineos Group "إننا سنشهد على المدى الطويل المزيد من الاستقرار في أسعار الغاز الطبيعي، في الوقت الذي يبدأ فيه عدد من مصانع الغاز الطبيعي السائل العمل الفعلي".
وليس كل واحد متفائلا بذلك الاعتقاد، حيث يرى أندرو برنس من شركة British Sulphur Consultants، أن صناعة اليوريا، صناعة تمر بدورات اقتصادية، شأنها في ذلك شأن الصناعات الأخرى، وأضاف" إننا نشهد توجهاً تصاعدياً في الأسعار حالياً، إلا أننا قريبون من فترة يبدأ فيها التراجع".

الأكثر قراءة