الشركات الأمريكية لاعب أساسي في عالم السياسة

الشركات الأمريكية لاعب أساسي في عالم السياسة

تعرضت الشركات الأمريكية لانتقادات حادة بسبب ممارساتها تقديم التبرعات للأحزاب السياسية، في وقت يضغط فيه حملة الأسهم بصورة متزايدة من أجل إرغام الشركات على الإفصاح عن المبالغ التي يجري التبرع بها لأغراض سياسية. فخلال هذه السنة فقط تم الاقتراع في اجتماعات الهيئات العامة 36 مرة حول التبرعات لفرض مزيد من الشفافية خصوصا بالنسبة للتبرعات السياسية التي تقدمها شركات مرموقة، مثل مجموعة سيتي جروب البنكية ومحلات وول مارت للبيع بالتجزئة.
ووفقا لبيانات جمعية خدمات حملة الأسهم المؤسسية، التي تقدم النصائح لكبار المساهمين الأمريكيين لدى التصويت في اجتماعات الهيئات العامة، فإن 20 في المائة في المتوسط من حملة الأسهم يؤيدون هذا التحرك، ومع أن هذه النسبة لا تمثل الأغلبية، إلا أنها تمثل تطورا واضحا بالمقارنة بالسنة الماضية، حيث لم يحظ 27 اقتراحا إلا بتأييد 10 في المائة فقط من المساهمين.
ومن المتوقع أن يكتسب هذا التيار مزيدا من التأييد في السنة المقبلة، حيث يقول بروس فريد، المدير المشارك لمركز المسؤولية السياسية في واشنطن، وهي المنظمة التي تقوم بالتحقيق في تبرعات الشركات للحملات الانتخابية وبتقديم النصح لمنظمات المساهمين: "إننا نخطط للتعرض لعدد أكبر من الشركات"، ومن الجدير بالذكر أن جمعية خدمات حملة الأسهم المؤسسية ذات النفوذ الواسع ستعزز في هذه السنة أيضا المطالبات بمزيد من الشفافية بالنسبة للتبرعات السياسية. حيث يقول جيم ليتسكي أحد المحللين في جمعية خدمات حملة الأسهم: "ينبغي للمساهمين أن يطلعوا على ممارسات الشركات في مجال تقديم التبرعات لكي يستطيعوا أن يقرروا ما إذا كان التبرع لمصلحة الشركة أم لمصلحة بعض المسؤولين في إدارة الشركة "، المباشر للمرشحين على المستوى الاتحادي أو لحملات الرئاسة الانتخابية. كما أصبح من المحظور على الشركات التبرع بالمال للأحزاب السياسية منذ أن تم إقرار قانون تمويل الحملات الانتخابية عام 2002، وقد أدى ذلك بالشركات لإرسال شيكات التبرعات لمنظمات مثل غرفة التجارة الأمريكية، التي تسير، بدورها، وفقا لأجندة سياسية خاصة. وبالتالي فإن الشركات في هذه الحالة تدعم منظمات سياسية لا تدعم مرشحا بعينه، وإنما تنحاز لموضوعات سياسية معينة. وهكذا دعمت بعض الشركات في حملة الرئاسة الانتخابية الأخيرة منظمة " موف أون دوت كوم " القريبة من الحزب الديمقراطي بينما قام البعض الآخر بدعم جماعة "بروجريس فور أمريكا" القريبة من الحزب الجمهوري، وقد لعبت هاتان المنظمتان دورا بالغ الأهمية. ومن المعروف أن مثل هذه المنظمات التي تتمتع بإعفاءات ضريبية لا تخضع لمساءلة سلطة الرقابة على الحملات الانتخابية بعكس المرشحين الأفراد والأحزاب السياسية، وتتمتع بالتالي بشروط أكثر مرونة فيما يتعلق بالشفافية المطلوبة. كما أنها ليست مطالبة بالإفصاح عن حجم المبالغ التي تبرعت بها ، وإن كانت جماعات الضغط مطالبة بتسجيل ما تتبرع به لدى السلطات الضريبية . أما عملية حساب المبالغ المتبرع بها فلها أيضا تكاليفها بالنسبة للشركة المتبرعة.
أما مركز المسؤولية السياسية فقد انتقد بشدة الاتحادات الاقتصادية مثل غرفة التجارة الأمريكية أو الاتحاد الوطني للصناعة، حيث جاء في دراسة أخيرة للمركز بأن: "الاتحادات التجارية قد أصبحت بمثابة أرقام حسابات بنكية سويسرية للسياسة الأمريكية "، ومن المعروف أن هذه الاتحادات قد أصبحت في هذه الأثناء قنوات رئسية تستخدمها الشركات لتوصيل التبرعات السياسية، ففي عام 2004 أنفقت ستة اتحادات أكثر من 100 مليون دولار لفائدة مرشحين في الانتخابات ولتمويل أنشطة ضاغطة. وجاء في انتقاد مركز المسؤولية السياسية أنه: "حتى في الحالات النادرة التي أفصحت فيها الاتحادات عن حجم تبرعاتها، قد أحجمت عن ذكر اسم الشركات المتبرعة التي تتبنى الأنشطة السياسية لهذه الاتحادات".
وقد أنفقت الغرفة التجارية وحدها عام 2004 نحو 29 مليون دولار على الأنشطة السياسية. يذكر في هذا السياق أن الغرفة التجارية كانت من أبرز المنتقدين لقانون ساربين – أوكسلي الذي تم إقراره عام 2002 تحت تأثير فضيحة التلاعب في ميزانيات شركتي إنرون و وورلد كوم .

الأكثر قراءة