علماء صنعتهم ألعابهم
<a href="mailto:[email protected]">dr.awad@alasmari.com</a>
العلماء البارزون استمتعوا باللعب ويتذكرون جيداً الأدوات والألعاب التي امتلكوها أو صنعوها. الألعاب التي كانوا يستخدمها هؤلاء العلماء تتيح لهم (كأطفال) خبرة التعامل اليدوي مع التركيبات والمجسمات. أما أطفال الجيل الحالي فهم محرومون من متعة اللعب الحقيقي حيث تلمس أصابعهم لعبة حقيقية، فهم يكتفون بما يقدمه لهم الحاسوب من ألعاب وكذلك ألعاب السوني وغيرها مما قد يكون له أثر سيئ على مستقبل الطفل المهني والعلمي، فهم فقط يسمعون صوتا ويرون صورة من خلال الضغط على الأزرار، وهذا حسب رأي العلماء فيه خطورة حقيقية على توجهات الأطفال المهنية لأن لديهم قصورا شديدا في المهارات اليدوية.
هل نحاول أن نختار ألعاب أطفالنا بعناية؟
ما الآثار السالبة لهذه الألعاب على أطفالنا عندما يصبحون كباراً؟
قرأت مقالا علميا بعنوان "ألعاب صنعت علماء"، يذكر الباحث أن ألعاب الأطفال لها دور كبير في صناعة العلماء، ركز المقال على مشاهير العلماء، وقد خلص إلى أن معظم العلماء البارزين، والذين تركوا آثاراً مهمة في مسيرة العلم، نعموا بطفولة سعيدة وصحية، واستمتعوا باللعب، ويتذكرون جيداً الألعاب والأدوات التي امتلكوها أو صنعوها. ومن العلماء من يربط بين لعبته المفضلة وهو طفل وبروزه وتفوقه في عمله، بل وجد الباحث في هذه الدراسة أن بعض هذه الألعاب كان له أثر مباشر في توجهات كثير من العلماء العلمية والعملية، وقد أورد عدد كبير من سير العلماء وقصصهم عندما كانوا أطفالا ومن هذه القصص: قصة أحد علماء الرجل الآلي (الروبوت) المشهور في مجال صناعة الروبوتات، وخصوصاً تلك التي تستخدم للقيام بمهمات خاصة فوق منحدرات القمر والمريخ. كان هذا العالم يثير غضب والديه، حيث إنه يُعرض عن جميع الألعاب التي يشتريانها له، ويفضل اللعب بإطارات دراجة قديمة وأحياناً يذهب إلى النفايات وأماكن تجمع الخردة لكي يحصل على إطار مطاطي لكي يدحرجه فوق منحدر بالقرب من منزل العائلة. كان يعدو خلف العجلة لمسافات طويلة متأملاً حركة الدحرجة. وقد انتهى الأمر بهذا العالم إلى تصميم نماذج من الروبوتات على هيئة إطار, وتأخذ حركتها الابتدائية من فعل الدحرجة.
وفي قصة أخرى لإحدى العالمات التي حصلت على جائزة نوبل في مجال الطب، تذكر أنها ولدت في وقت لم يكن المذياع والتلفاز معروف، كان عمرها 80 سنة عندما ذكرت القصة، تقول إنها لا تميل إلى اللعب كثيراً، ولكنها كانت تحب القراءة. لا تزال تتذكر كتاباً قرأته وهي في الحادية عشرة من العمر عنوانه "قناصو الميكروبات"، بل لا تزال تحتفظ بنسخة من الكتاب القديم تعتز بها، وتعاود قراءتها من حين إلى آخر، وتعيره إلى أحفادها وأبناء أقاربها لقراءته, وتقول إنه مثال للكتاب العلمي المبسط، فهو مكتوب بأسلوب يفهمه غير المتخصص، وفيه عرض لقصص مجموعة من العلماء والأطباء واكتشافاتهم في مجال الميكروبات ومقاومتها وكان له بالغ الأثر في توجيه مسيرة هذه الطبيبة المبدعة.
هل يجب أن تختار لعبة لطفلك تدفعه "عندما يكبر" لأن يصير طياراً، أو جراحاً مرموقاً، أو مهندساً مبدعا؟
أهدى أحد الآباء ابنه في إحدى المناسبات تلسكوب عندما كان عمره 14 سنة, وثبته في موقع مناسب فوق سطح المنزل، كان يقضي معظم الليالي الصافية يمسح بتلسكوبه السماء، كانت سعادته عظيمة عندما يتعرف إلى كوكب جديد بالنسبة له، اجتذبته الأشكال البديعة والزاهية المحيطة بكوكب زحل، وقد سجل هذا الطفل جميع ملاحظاته حول القمر العملاق (تيتان) ورسم المسار الثابت للقمر حول كوكب زحل الذي وجد أنه 16 يوماً، وعندما كبر وجد أن الزمن الحقيقي 15.95 يوماً، فأدهشه تقارب النتيجة في طفولته مع الزمن الحقيقي، وهذا العالم يقود فريقا كبيرا في أحد المراكز الأمريكية لبحوث الفضاء ، وقد اكتشف فريقه عددا كبيرا من الكواكب الجديدة.
هذا موجز بسيط عن حياة بعض مشاهير العلماء الذين لم يعرفوا ألعاب الحواسيب المبرمجة عندما كانوا في طور الطفولة. بل استمتعوا بألعاب محسوسة جسدوا فيها إبداعاتهم ومواهبهم.