العديد من اللوحات الفنية الألمانية مقلدة وغير مؤمن عليها
تقول بريجيت رولفيس رئيسة قسم الفن والآلات الموسيقية لدى شركة مانهايمر للتأمين بكل بساطة ودون لف أو دوران : " إن المزيد من الناس يجمعون الآثار الفنية ويسعون في الوقت نفسه للحصول على وثيقة تأمين لهذه الآثار" ويقول خبير آخر بصورة أكثر وضوحا : " البعض يؤمن والآخرون يستنكفون ". ولكن مهما كان الأمر فإن تزايد أهمية هذا الموضوع لا تعني بعد بأن جميع اللوحات والقطع الأثرية والتماثيل والصور الفوتوغرافية وغيرها من الأعمال الفنية في ألمانيا قد تم التأمين عليها بطريقة سليمة.
إن ثمة سببين لذلك ، وهما أولا : أن قسما لا بأس به من مالكي هذه الأعمال الفنية لم يتخذ بعد أي إجراءات احتياطية ، وثانيا جهل الزبائن ونقص المعلومات لدى ممثلي شركات التأمين معا وبشكل خاص عندما يتعلق الأمر بجامعي التحف الفنية من غير المحترفين فإن السيدة بيانكا هوفه من اتحاد شركات التأمين تعرف جيدا أن العديد من هواة جمع الأعمال الفنية يعتقدون بأن ممتلكاتهم يمكن حمايتها ،هكذا بكل بساطة، بعملية تأمين عادية . يضاف إلى ذلك أن المشورة التي يقدمها ممثلو شركات التأمين غالبا ما يجانبها الصواب. كما أن الكثيرين لا يفكرون سوى في أمر واحد و هو تسجيل بعض ما يملكون لدى شركات التأمين " وهو ما يؤدي إلى ارتفاع ملموس في أقساط التأمين دون أن يعني ذلك بالضرورة توفير حماية أفضل".
إن الآثار الفنية و الحلي والتحف الأثرية مشمولة من حيث المبدأ بالغطاء التأميني و لكن هذا الغطاء ليس غطاء كاملا وإنما هو دائما بنسبة مئوية معينة من إجمالي القيمة الفعلية للقطعة الفنية موضوع التأمين وتبلغ هذه النسبة لدى غالبية المؤمنين ما بين 10 و 20 في المائة . أما من يملك قطعة فنية قيمة فلا بد له من أن يزيد من قيمة التأمين. وفي هذه الحالة تصبح العملية مكلفة للغاية كما تقول السيدة رولفيس الخبيرة في شؤون التأمين. يضاف إلى ذلك أن الآثار الفنية مغطاة تأمينيا ضد أخطار محددة مسبقا (مثل الحريق والصواعق والانفجار سواء كان داخليا أم خارجيا والسرقة والتخريب المتعمد والفيضان والعواصف والبرد ) ومهما تكررت حالات سرقة الآثار الفنية فإن حالات تلف هذه الآثار هي الأكثر إزعاجا، كما يقول فرانس بيكر المسؤول عن الآثار الفنية لدى شركة جوتاير للتأمين العام: "حيث يحدث مثلا أن تسقط صورة عن الجدار أو أن يصطدم كلب بإناء زهور ثمين جدا فيحطمه".
ومن يريد أيضا أن يؤمن على ما يملك من آثار فنية ضد التخريب فعليه أن يبرم عقدا تأمينيا خاصا بالآثار الفنية يكون شاملا جميع الأخطار، فإضافة إلى الخراب الذي يمكن أن يسببه المالك نفسه ثمة خطر فقدان الأثر الفني أثناء النقل على سبيل المثال. ولعل الأهم من ذلك بالنسبة لهواة جمع الآثار الفنية الذين يكثرون من زيارة المعارض الفنية ويشاركون في المزادات، أن تشمل عقود التأمين الخاصة بالآثار الفنية بنودا تطول أيضاً القطع الفنية المقتناة من هذه المعارض والمزادات ولو لفترة زمنية محددة.
وثمة ميزة أخرى مهمة تتمتع بها العقود الخاصة بتأمين الآثار الفنية لمقارنة بعقود التأمين العادية : حيث تكون قيمة الأثر الفني المؤمن عليه محددة مسبقا إما لكل قطعة على حدة أو لجميع القطع كدفعة واحدة بحيث يؤخذ بعين الاعتبار احتمالات ارتفاع هذه القيمة مع مرور الأيام . وهكذا يجري تجنب المنازعات التي تتكرر في حالات التأمين الاعتيادي عند وقوع الضرر كما يقول ستيفان هورستمكة المدير الإداري لشركة آكسا للتأمين على الآثار الفنية . ويذكر في هذا الصدد أن هذه الشركة التي كانت تسمى نوردشتيرن عند تأسيسها لديها خبرة أربعين سنة في مجال التأمين على الآثار الفنية.
وللتمكن من تحديد قيمة أية تحفة فنية توظف شركة ( آكسا - الفن) طاقما من المؤرخين والمقيمين المتخصصين في الفن الذين يقدمون عند الحاجة أيضا نصائحهم لزبائنهم لدى رغبة هؤلاء الحصول على تحفة فنية وتوجيههم للطريقة السليمة في المحافظة على الآثار الفنية. وحسب الحالة وفي ضوء قيمة التحفة الفنية يمكن لهؤلاء الخبراء أن يزوروا بيوت زبائنهم للقيام بما يلزم. وجميع هذه العوامل تشكل، من وجهة نظر الخبراء المستقلين، معيارا حاسما في اختيار شركة التأمين المناسبة.
وتثني السيدة هوفة العاملة في مجال حماية المستهلك على وجهة نظر بيرغيت رولفيس من شركة مانهايمر للتأمين بقولها: "لدى العديد من شركات التأمين عروض لتأمين التحف الفنية و لكن ليس لدى غالبيتها الخبرة اللازمة لذلك." ويقول الخبراء بأن القيمة الحقيقية لمبلغ التأمين لا يمكن أن يحدد بدقة ما لم يكن المؤمن على دراية بالسوق. وبهذه الطريقة فقط يمكن تحاشي المبالغة أو التقليل من قيمة التأمين، كما يمكن كشف التحف الفنية المزورة قبل تورط الزبائن في شرائها.
إضافة إلى شركة ( آكسا – الفن ) وشركة ( مانهايمر ) للتأمين أيضا يوجد في ألمانيا لدى شركتي ( اليانس ) و(جوتاير ) الكفاءات اللازمة من الخبراء في هذا المجال . أما شركة (هيسكوكس) للتأمين البريطانية التي تعمل وفقا لما تقول في مجال التأمين على التحف الفنية لعدد من زبائنها في ألمانيا فتستعين بخبراء في الفنون من الخارج وحسب الحاجة. ويقول آندرياس كروزة عضو مجلس إدارة الشركة: "بعض الزبائن يهوى جمع الأقنعة الهندية، والبعض الآخر يهوى جمع إعلانات لأفلام سينمائية قديمة" ولن يستطيع المرء إلا من خلال توافر طاقم خارجي من الخبراء من ضمان وجود الخبير المناسب في المكان المناسب كلما استدعت الحاجة إلى ذلك. وبعكس ذلك يعتقد بعض الخبراء أن الاستعانة بطاقم خارجي يشكل خرقا لمبدأ سرية المعلومات الذي يلعب دورا بالغ الأهمية في عمليات التأمين على التحف والآثار الفنية. يضاف إلى ذلك أن تكاليف الخبراء يتحملها الزبائن، ولا تتحمل شركة هيسكوكس تكاليف الخبراء إلا في الحالات التي تبلغ فيها قيمة القطعة 75 ألف يورو أو أكثر.
وعلى أية حال، فإن شركة هيسكوكس تركز في أعمالها التأمينية على عدد من الزبائن الأثرياء الذين تقدم لهم، إضافة إلى التأمين على ما يقتنون من تحف فنية، عروضا للتأمين على بيوتهم وما يملكون من عقارات. ويقول كروزة: "في الحالات النموذجية يجري الاتفاق على عقود تأمين فردية تتميز بأنها توفر الغطاء التأميني اللازم للمنزل وما فيه دفعة واحدة ضد جميع الأخطار. ويقول إنه من الممكن إصدار وثائق التأمين هذه إذا تجاوزت القيمة الكلية 150 ألف يورو. وكذلك توجد لدى شركتي اليانس ومانهايمر مثل هذه النوعية من وثائق التأمين.
غير أن وجهات النظر تختلف بالنسبة للحالات التي ينصح فيها بتوثيق عقود تأمين فنية فريدة من نوعها، وهذا يتعلق بالطبع أيضا بحقيقة أن الجميع يرنو إلى أقل ما يمكن من الأقساط. فمثلا تبدأ أقساط التأمين الفني لدى شركة أكسا بنحو 500 يورو، بينما يمكن أن تكون أقساط الشركات الأخرى أقل من ذلك. ولكن ما إذا كانت وثيقة التأمين يمكن أن تكون ذات قيمة تقل عن 50 ألف يورو فالأمر يتوقف على مدى ولع المالك شخصيا للأثر الفني الذي يقتنيه.