استعراض التطور التاريخي لرعاية الموهوبين.. وتوصية بتطوير المنظومة التعليمية العربية
استعراض التطور التاريخي لرعاية الموهوبين.. وتوصية بتطوير المنظومة التعليمية العربية
انطلقت أمس الإثنين أولى جلسات المؤتمر العلمي الإقليمي للموهبة بمشاركة علماء ومخترعين وخبراء عالميين في مجال رعاية الموهوبين، إضافة إلى مجموعة من التربويين والطلاب.
وبدأت الجلسة الرئيسية الأولى في المؤتمر، والتي ترأسها الدكتور ناصر الموسى بورقتي عمل للدكتور عبد الله الربيعة والدكتور عبد الله النافع. وبعد تقديم الدكتور ناصر الموسى للضيفين، بدأ الدكتور عبد الله النافع إلقاء محاضرة بعنوان "التطور التاريخي والنوعي لبرامج رعاية الموهوبين في المملكة"، أشار فيها إلى أن الإسلام عندما بدأ يشرق هداية للبشرية، فجَّر الطاقات ورعى المواهب وكرّم الإنسان ورفع الذين أوتوا العلم درجات، وأنتجت الحضارة الإسلامية عباقرة في شتى المجالات، أسهموا في تقديم الحضارة الإنسانية في المملكة، وتم التعرف على كثير من الموهوبين منذ الصغر، وتمت رعايتهم وتنمية مواهبهم حتى أثمرت تلك العبقريات الفذة، مبينا أن البحث الوطني للكشف عن الموهوبين ورعايتهم، بدأ قبل 17 عاماً، الأمر الذي كوّن الأساس العلمي والعملي لرعاية الموهوبين في المملكة.
وأضاف النافع، أن البحث أسهم في تطوير المعايير العلمية والمقاييس الموضوعية للكشف عن الموهوبين في مجالات الموهبة المتعددة، كالذكاء، القدرات، الإبداع والمهارات النوعية المتخصصة، وهي المستخدمة حاليا في الكشف والتعرف على الموهوبين.
وعدّ النافع رعاية الموهوبين، قضية وطنية واستثمارا في العقول والقدرات، ورعاية للإبداع والابتكار ممن هم في قطاع التعليم أو خارجه، وألا تقتصر هذه الرعاية على جهات التعليم الرسمية، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين والتي تمثل نموذجاً فريداً. وهي مؤسسة تلقى التأييد والرعاية الكاملة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
ثم تحدث الدكتور عبد الله الربيعة في محاضرة بعنوان "أطفالنا بين الموهبة والتحدي والرعاية"، معتبرا أن الموهبة مصطلح غامض التعريف، لوصف الأطفال الذين تتعدى قدراتهم الذهنية والفكرية والتحصيلية أعمارهم وأجسامهم.
وأشار الربيعة إلى تفاوت هذه القدرات بين الأطفال الموهوبين من حيث العمق والنوع، حيث إنه من المؤكد أن الموهبة ليست مقصورة على الأطفال المتميزين في التعليم أو الطبيعيين، بل تتعداها إلى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مضيفا الاستشهاد من واقع خبرتنا في المملكة في فصل الأطفال السياميين، حيث برزت أمثلة للموهبة لدى هؤلاء الأطفال وكذلك الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على مدى التاريخ.
وذكر الربيعة أن السؤال الملح هو عن كيفية استكشاف الموهبة بعيدا عن الآراء الشخصية والضغوط الاجتماعية، مما يستوجب تحديد معايير وضوابط ثابتة للتعرف على الأطفال الموهوبين على مستوى الوطن، مؤكدا أهمية التمييز بين الأطفال الموهوبين والأطفال الأذكياء نظرا للفرق الشاسع بين هذه الفئات.
وبيَّن الربيعة أن رعاية الأطفال الموهوبين تحتاج إلى جهود حثيثة على مستوى الوطن والمنطقة والمدينة والمدرسة والمعلم والأسرة، مما يوجب وضع أنظمة متعددة لرعاية الموهوبين، وتهيئة كوادر متخصصة من المعلمين والإخصائيين النفسيين، إضافة إلى مناهج متعددة ومرونة في طرق التعامل ومنهجية التعليم، وإنشاء وحدات متخصصة داخل المدارس وتجهيزها لتفي بمتطلبات الموهبة أو إنشاء مراكز مستقلة ومتعددة لرعاية الموهبة.
وشدد الربيعة على الحاجة الماسة إلى إعادة النظر في أنظمة التعليم الحالية، وإعطاء المرونة اللازمة لبعض التجاوزات في بداية الدراسة، والسماح باجتياز أكثر من مرحلة في العام الواحد، وغير ذلك من المتطلبات التي يحتاج إليها الموهوب، الذي لابد من إشراكه في عملية اتخاذ القرار دون تجاهل الأسرة ودورها في الرعاية.
وشهد أمس الإثنين أيضا تنظيم ورقة عمل الجلسة الثانية بعنوان "جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية ودورها المنتظر، رؤية من القطاع الخاص، آماله وتطلعاته". وقد ترأس الجلسة الأمير الدكتور تركي بن سعود نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية وعدد من الأساتذة المشاركين.
وأكد الأمير تركي بن سعود أن المملكة من خلال حرصها على إقامة نهضة صناعية عملاقة، سعت إلى إقامة معاهد ومؤسسات وجامعات تعنى بالعلوم والتقنية، ومن هنا انبثقت فكرة إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ووضعت خطة عمل لها تمتد 20 عاما، مقسمة على أربع مراحل وبميزانية خاصة مستقلة. وخصصت لها أوقافا واستثمارات للصرف على أنشطتها بلغت سبعة مليارات ريال، إضافة إلى تعيين 500 باحث، بحيث تضاهي أرقى الجامعات في العالم.
وتناولت ورقة للبروفيسور عادل أبو العز سلامة أستاذ المناهج وطرق التدريس وتكنولوجيا التعليم بعنوان "الرؤية المستقبلية لتنمية المفاهيم العلمية والتفكير واتخاذ القرار في مناهج العلوم للطلبة المتميزين في الوطن العربي" التطور العلمي في مناشط الحياة، واستعرضت دور المجتمعات المتقدمة والنامية وأهمية إدراك المعرفة ونظم المعلوماتية وناقشت واقع التطبيق للمعرفة العلمية والتفكير واتخاذ القرار، وأوصت الورقة بأهمية تطوير المنظومة التعليمية في العالم العربي، والتأكيد على التدريب والتقويم في المناهج بغرض تطوير العلوم وتقريب الواقع النظري للمفاهيم العلمية.
وسلطت ورقة أخرى للدكتور تيسير صبحي من جامعة الخليج بعنوان "تعليم التفكير من أجل التنمية والإبداع"، الضوء على المشروع الذي يعد الأول في العالم، والذي يهدف إلى تطوير حقائق تعليم التفكير التي تتكامل مع المواد التعليمية ويتم تنفيذها في إطار الحصة الصيفية، وأوضحت الورقة أحدث النظريات التربوية، التي كانت موضع تجريب في عدد من دول العالم ومنها الولايات المتحدة ونتائج المشروع.
وتضمنت الورقة أيضا استعراض جهود وزارة التربية والتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي، وما بني عليها من مداخلات عملية تعليمية بوصفها أساس التعليم الإتقاني.
وشاركت الدكتورة نجاة سليمان الحمدان المشرفة على البرنامج التأهيلي للمعلمات الموهوبات، بورقة عمل عرضت من خلالها تجربة جامعة الخليج العربي في تدريب طلبة برنامج تربية الموهوبين، على الجزء الأول من برنامج الكورت لتعليم التفكير، وركزت على عدة محاور وهي تشكيل تفكير الطالب، خصائص المعلم، خصائص الطالب، البيئة المدرسية والصيفية، وتتداخل العناصر ذات الأبعاد الثلاثية في توجيه تفكير الطالب ونجاح عملية التفكير في هذا الاتجاه.
ويستعرض المتحدثون اليوم الثلاثاء عددا من أوراق العمل، ومن أهمها ورقة عادل عبد الجليل بترجي، رئيس مجلس إدارة مدارس دار الذكر في جدة، والذي يشارك بورقة عمل بعنوان "التربية القيادية في مدارس دار الذكر كوحدة من برامج رعاية الموهوبين"، كما سيلقي البروفيسور حسنين هيكل محاضرة تتحدث حول "رعاية الموهوبين في المدرسة في مصر"، إضافة إلى ورقة عمل للدكتور أشرف محمود هاشم والدكتورة منى أبو شنب بعنوان"رؤية جديدة لتطوير القدرات الفنية والابتكارية للطلاب الموهوبين" وورقة عمل أخرى للدكتور عمر مساعد الشريوفي بعنوان "علم أصول الفقه كمصدر من المصادر المعرفية للتفكير الناقد"، إضافة إلى مشاركة عدد من المتحدثين العالميين المهتمين بالموهبة.