استطلاع: 77 % من موظفات القطاع الخاص رواتبهن دون 2000 ريال
استطلاع: 77 % من موظفات القطاع الخاص رواتبهن دون 2000 ريال
يشكل الأمن الوظيفي واحدا من أهم ركائز وعوامل تحسين إنتاجية العاملين والموظفين على اختلاف أشكال عملهم، كما أنها تشكل شعورا حيويا مهما لا يمكن لأي إنسان الاستغناء عنه، أو تطوير مهاراته وقدراته العملية من دونه.
ووفق مراقبين فإن مسألة الأمن الوظيفي لدى النساء العاملات في سوق العمل السعودية تعرضت للكثير من التهميش، خصوصا مع اندفاع المرأة نحو العمل في مؤسسات القطاع الخاص، واقتحامها مجالات عمل واسعة، إلى جانب اتساع دائرة البطالة بين صفوف الفتيات.
وتمثل مظاهر تدني الأجور وانعدام الميزات والحوافز في معظم الوظائف
المتاحة حالياً للمرأة السعودية في القطاع الخاص, إضافة إلى عقود العمل المجحفة بحق الموظفات، واحدا من أهم أوجه منع العاملات من الشعور بالأمان في وظائفهم، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على أدائهن في العمل, إضافة إلى تزايد الشكاوى من القائمين على عدد من مؤسسات وشركات القطاع الخاص من ضعف الولاء بين الموظفات للمنشآت التي يعملن فيها الذي أدى بدوره إلى تسربهن أو انقطاعهن عن العمل بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار وبالتالي إرباك سير العمل.
استطلاع "للمرأة العاملة"
وللوصول إلى تصور قريب من واقع مستوى الأجور في منشآت القطاع الخاص، وبعض محفزات الشعور بالأمن الوظيفي، أجرت " المرأة العاملة" استطلاعا شمل عددا من الشركات والمدارس الأهلية ومراكز التدريب والمراكز الترفيهية النسائية، تبين من خلاله أن نحو 10.8 في المائة من العينة التي بلغ تعدادها 120 عاملة، تراوحت مؤهلاتهن بين الجامعي والثانوي يتقاضين أجورا بين 500 إلى 1000ريال شهرياً، بينما بلغ عدد اللاتي تتراوح أجورهن بين 1500و 2000ريال نسبة 77.5 في المائة فيما بلغت نسبة اللاتي يتقاضين أجورا بين 2500 و3000 ريال 5.8 في المائة وهي النسبة نفسها كذلك لمن تتراوح أجورهن بين 3500 و4000 ريال.
كما أظهرت نتائج المسح أن 94 في المائة من أفراد العينة ليس لديهم تأمين صحي ولا اجتماعي، وكذلك الحال بالنسبة للبدلات إضافة إلى أن ما يقارب 10 في المائة منهن يعملن بدون عقود عمل.
ولاء الموظفات السعوديات
وعند سؤال مديرة إحدى المدارس الأهلية حول مدى ولاء الموظفات السعوديات للمدرسة التي يعملن فيها قالت"إن ولاء الموظفات السعوديات ضئيل جداً والسبب الرئيسي في ذلك هو تدني الأجور الذي يدفع الكثير من الموظفات للانقطاع عن العمل عند وقوع أي مشكلة أو الانتقال للعمل في مكان أخر يوفر ميزات أفضل، مع العلم أن العقد الذي بين الموظفة والمدرسة هو عقد سنوي، وهنالك قوانين تمنع توظيف المعلمة التي تترك العمل قبل انتهاء فترة العقد، لكن هذه القوانين لا تطبق, وتضيف أنا لا ألوم الموظفة فالراتب الذي تتقاضاه لا يقارن بالمهام التي توكل إليها".
أما عن التأمين الصحي والاجتماعي فتقول المديرة "جميع موظفات المدرسة لا يخضعن لنظام التأمين الصحي أو الاجتماعي مع العلم أننا نرسل في كل عام إحصائيات عن المدرسة لإدارة التعليم، يذكر فيها أن الموظفات لا يشملهن التأمين الصحي والاجتماعي ولكن لم يطرأ أي تقدم بشأن توفير التأمين الصحي أو الاجتماعي.
الأسباب من وجهتهن
وفي استطلاع لرأي عدد من موظفات القطاع الخاص حول أسباب
تدني ولاء الموظفات للمنشآت التي يعملن فيها تقول مها خالد وتعمل معلمة في إحدى المدارس الأهلية "إن هذا الأمر صحيح 100 في المائة فكيف تطلبون مني أن يكون لدي ولاء لمنشأة وأنا أعرف أنها تستغل حاجتي إلى العمل وقلة فرص العمل المتاحة وتفرض علي أجرا لا يناسب مؤهلاتي, فلم يبذل صاحب العمل أي مجهود ولم يقدم أي حوافز تجعلني أحرص على مصلحة المكان الذي أعمل فيه, كما أن عقد العمل يخدم مصلحة صاحب العمل أكثر من الموظفة فهو عقد سنوي ينتهي بنهاية العام الدراسي بهدف حرماننا من راتب الإجازة, إضافة إلى أننا لا نتمتع بالميزات التي يمنحها قانون العمل, فعلى سبيل المثال إجازة الوضع دون مرتب ".
الضغوط النفسية
فيما ذكرت منيرة عبد الله أن شعورها بانعدام الأمان الوظيفي يسبب لها الكثير من الضغوط النفسية, التي بحسب رأيها, تؤثر بشكل مباشر في أدائها وظيفتها, وتقول" في الوقت الذي يطلب فيه صاحب العمل منا تأدية عملنا على أكمل وجه يهددنا بالفصل حال ارتكاب أي غلطة, فمن الطبيعي أن نشعر بالاضطهاد في هذه الحالة, كما سينتج عن ذلك قصور في أداء الموظفة وحبها للعمل", وتؤكد أنها وافقت على الوظيفة بالراتب المتدني الذي لا يتجاوز ألفي ريال بهدف محدد وهو الحصول على شهادة الخبرة فقط, وزادت" أن الوظيفة الراهنة مرحلة مؤقتة بالنسبة لي ومتى ما حصلت على فرصة أفضل سأترك العمل مباشرة دون تردد".
بينما نوهت فاطمة محمد إلى أن مستوى الأجور بالنسبة لحملة الثانوية أسوأ بكثير والسبب يرجع إلى المنافسة في الطلب على الوظائف وتقول" إن الأعداد الهائلة من خريجات الجامعات التي تتزايد كل عام جعلت الفرصة أمامنا نحن حملة الشهادة الثانوية قليلة جداً ما اضطرنا للقبول بأي وظيفة حتى لو كانت أقل من مؤهلاتنا العلمية, فأنا مثلا أعمل في مركز ترفيهي براتب 500 ريال ودون عقد يضمن حقوقي, ومن غير المعقول أن يتوقع صاحب العمل أن يكون لدي ولاء له أو للشركة".
من المسؤول؟
وحول هذه الظاهرة يقول الدكتور صالح بن سبعان المختص في الشؤون الاقتصادية" إنه من الطبيعي أن تظهر مثل هذه المشاكل في القطاع الخاص في ظل تدني الأجور التي لا تحقق الحد الأدنى من احتياجات الإنسان, واللوم في هذا الجانب يقع على طرفين هما الجهات الحكومية من جانب ورجال وسيدات الأعمال من جانب آخر".
وأوضح بن سبعان أن مسؤولية الجهات الحكومية المعنية في هذا الجانب كوزارة العمل والشؤون الاجتماعية يكمن في تحديد حد أدنى للأجور يكون مرتبطا بالمستوى المعيشي داخل المجتمع، بحيث يحقق الحد الأدنى من احتياجات الإنسان, مشيراً إلى أن تحديد حد أدنى للأجور لابد أن يوضع وفق دراسة علمية وألا يكون مبنياً على مقارنة مع ما يتقاضاه الأجنبي, مبيناً أن الحد الأدنى للأجور يختلف وفقاً للمؤهل العلمي وطبيعة العمل, إضافة إلى أنه كذلك يتباين من مدينة لأخرى بحسب المستوى المعيشي, وأكد الدكتور بن سبعان كذلك ضرورة وضع خطط فاعلة لتطبيق القرارات التي تكفل حقوق الموظف.
أما بالنسبة إلى دور القطاع الخاص ينوه الدكتور بن سبعان إلى قصور نظرة بعض رجال وسيدات الأعمال للسعودة حيث ينظر لها معظمهم على أنها ترضية اجتماعية وهذه النظرة قاصرة لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة من السعودة, ويضيف ما نحتاج إليه فعلياً هو إعادة هيكلة عقول وفكر رجال وسيدات الأعمال لتصبح نظرتهم إلى السعودة على أنها مسؤولية اجتماعية، وحاجه لهم ، أكثر من أي شيء آخر.