كيف نستفيد من تخفيض سعر البنزين؟

<a href="mailto:[email protected]">fahedalajmi@saudi.net.sa</a>

إن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتخفيض سعر البنزين والديزل في تاريخ 30/4/2006 لم يأت من فراغ وإنما وضع في إطاره الاستراتيجي والتوقيت المناسب بما يتوافق مع تطلعات المملكة السياسة والاقتصادية والاجتماعية, انطلاقا من نظام الحكم الأساسي الذي أسسه المرحوم له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه, على أنها تطلعات تتفاعل مع المتغيرات والمستجدات بكل عقلانية ورشادة اقتصادية فلا تدع العاطفة وكذلك ردة الفعل تسيطر على سياسة هذه الدولة ذات الرؤية الاقتصاديهة بعيدة المدى والتي تجسد عمق العلاقة واللحمة بين السلطة والمواطنين. هكذا أقدم صانع القرار ورجل الإنجازات الفورية الملك عبد الله على مثل هذا القرار عندما رأى أن الفرصة قد حانت لإعادة توزيع الدخل بين المواطنين بطريقه عادلة لا تتناقض مع الاتجاهات الاقتصادية الحاضرة والمستقبلية من خلال سياسة الإنفاق الحكومي المباشر أو غير المباشر ومنها دعم أو تخفيض أسعار السلع والخدمات العامة المرغوب فيها في حالة الرخاء الاقتصادي وعندما يكون النمو الاقتصادي قد تجاوز معدل النمو السكاني الذي بلغ 6.5 في المائة بعد تحقيق فائض تراكمي في الميزانية العامة وانحدار ملحوظ في معدل الدين العام نتيجة ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت 65 دولارا للبرميل, إن توسيع دائرة الإنفاق الحكومي يقصد منه زيادة رفاهية المواطن السعودي وتذكيره أن الدولة حريصة على تحقيق المزيد من الرفاهية له في إطار الإمكانيات الاقتصادية المتاحة واستمرار الاستقرار الاقتصاد العالمي. أما في حاله الانكماش وعند انخفاض أسعار النفط إلى مستويات متدنية وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى عجز متوقع في الميزانية فإن الدولة لا بد أن تغير من تلك السياسة الاتفاقية محاولة أن توازن بين إيراداتها ومصروفاتها من خلال الترشيد ورصد الأوليات من مشاريع وخدمات حكومية حتى لا تكون هناك مضاعفات سلبية تحد من معدل النمو الاقتصادي المتوقع. هكذا تصنع القرارات الاستراتيجية ويتم تفعيل خطط التنمية الخمسية من أجل تحقيق المزيد من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية لأبناء هذا الوطن دو تفريق بين فئاته أو مناطقه. إن التحليل الموضوعي والعميق لقياس تأثير مثل ذلك القرار لا بد أن يأتي تحت مظلة مجمل الإصلاحات التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين منذ أن أسس المجلس الاقتصادي الأعلى الذي مهد الطريق أمام تلك القرارات المتتالية، فإن صياغة القرارات تهدف دائما إلى وضع الحلول الجذرية لتلك القضايا التي تؤرقنا ولا يكفي ذلك إذا لم تتم ترجمتها على أرض الواقع وتميزت بكل شفافية مثل ما ورد في قرارات خادم الحرمين الشريفين التي جاءت على مستويين من التنفيذ المباشر إذا ما كانت تلك القرارات تمس حاجة المواطن المباشرة والمستوى المتأني الذي يحتاج إلى فترة زمنية مجدولة يتم خلالها تنفيذ تلك القرارات بخطى متتالية ومتكاملة. هكذا تم إنشاء صندوق الموارد البشرية وإعادة صياغة قرارات العمل حتى تتلاءم مع بيئة سوق العمل عسى أن تكلل بالنجاح, إنشاء صندوق لمحاربة الفقر, زيادة رواتب موظفي الحكومة 15 في المائة, ثم تقليص أسعار البنزين والديزل, بناء الوحدات السكنية الشعبية في إطار تنمية متوازنة بين الأقاليم والمناطق سيؤدي إلى تقليص حجم البطالة ورفع مستوى الدخل ثم بالتأكيد القضاء على حالة الفقر. إنها قرارات متعاقبة ويكمل بعضها البعض الآخر ما يزيد من فاعليتها ومنفعتها الاقتصادية والاجتماعية سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو المال والأعمال.
نحن هنا بصدد الآثار الايجابية لتخفيض أسعار البنزين وكيف نستفيد منها, وترجمتها إلى زيادة في دخل الفرد أو المنشأة وكيف تتحول تلك الإيجابيات إلى سلبيات خطيرة تترتب عليها مضاعفات قد تكبل الاقتصاد والمجتمع تكاليف مضاعفة من حيث لا يتوقعها هؤلاء المبذرين الذين قد تجرفهم نزعتهم الاستهلاكية Propensity المفرطة إلى زيادة استهلاكهم من ذلك الوقود دون الاستفادة من هذا القرار السامي, إلى أن يصبحوا في وضع أسوأ مما كانوا عليه ما قد يقلل من أهمية ذلك القرار. فلا شك أنه قرار بمنتهى المنفعة الاقتصادية للمجتمع ولكن نجاح ذلك القرارات من عدمه يتوقف على سلوك أفراد المجتمع الاستهلاكي لذلك الوقود تحت شرط مقيد ألا تزيد نسبة استهلاكهم عن 33 في المائة أي ما يعادل نسبة التخفيض ونستطيع أن نقول إن نقطة تساوي التكلفة مع المنفعة Break-even pointهي النقطة التي يصل عندها الاستهلاك إلى 1.5 للتر بتكلفة 90 هللة (التكلفة = السعر = 90 هـ) كما كان عليه السعر مسبقا عندئذ تصبح المنفعة صفرا. أما في تاريخ 1-1-2007 فإن المعادلة سوف تتغير عندما يتم بيع نوعين من البنزين جديدين (91 - عادي و95 - ممتاز) فإن المنفعة من بنزين91 تكون صفرا عندما يتم استهلاك 1.37 للتر تقريبا وذلك عند سعر 82 هللة ليصبح هامش المنفعة 22 هللة أقل من هامش المنفعة الحالي بـ 8 هللات. أما المنفعة من بنزين 95 فتكون صفرا عندما يتم استهلاك 1.2 للتر عند سعر 90 هللة ليصبح هامش المنفعة 15 هللة لأن سعر 90 هللة يقع بين سعر 60 هللة و102 هللة فعلينا أن نعتمد السعر الحقيقي وليس المتوقع.
أخي المواطن إذا كنت في حاجة إلى زيادة عدد رحلاتك أو تنقلاتك فلا تتجاوز الأسقف الأعلى من نطاق هامش التخفيض وأن تتوقف عند نقطة الصفر، لأن القصد من تخفيض سعر البنزين هو زيادة ادخارك وليس زيادة استهلاكك إلى الدرجة التي تتحول عندها المنفعة إلى تكلفة حقيقية يدفع المجتمع قيمتها أضعافا مضاعفة عندما تختنق شوارعنا بزحمة السيارات وتتعطل الحركة المرورية نتيجة تلك التكاليف الجانبية Externalities التي تؤدي إلى فقدان جزء من رفاهية المدن وزيادة تكاليف المسافرين كلما زاد وقت الانتظار وكذاك تلوث الطبيعة بثاني أكسيد الكربون نتيجة حركة السيارات الكثيفة. وأن على أفراد المجتمع أيضا أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه دولتهم ومجتمعهم ويتفاعلوا مع هذا القرار بأكثر إيجابية ممكنة من أجل حماية مجتمعنا من تلك الآثار السلبية, ومباركة لهذا القرار الذي وضعنا في مركز اقتصادي قوي وحصول المواطن على أقل سعر للبنزين في دول مجلس التعاون الخليجي وفي العالم ما عدا في دولتين كما هو موضح في الجدول هما أكثر فقرا وتنتشر فيهما البطالة بنسب كبيرة.

<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/ssssss1.jpg" width="410" height="300" align="center">

<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/sssssss2.jpg" width="410" height="250" align="center">

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي