ثقوب في الجدل الأوروبي حول الأطعمة المعدلة وراثياً وتسويقها
ورشة عمل في إنسياد حول تنظيم الأطعمة المعدلة وراثياً، تتعثر بسبب التشدد في التنظيمات على الجانب الآخر من الأطلسي.
في الثامن إلى التاسع من حزيران (يونيو) 2001 عقدت في مدينة فونتانبلو في فرنسا ندوة لبحث الأطعمة المعدلة وراثياً، برعاية مشتركة من مركز إدارة الموارد البيئية‘ التابع لإنسياد وكلية هاس لإدارة الأعمال، التابعة لجامعة كاليفورنيا في بيركلي. وبحث الحضور مفارقة أساسية في مجال الأطعمة المعدلة وراثياً، والتي تتلخص على النحو التالي: إن الأطعمة الوراثية تكاد تكون غير مستخدمة في أوروبا ولكنها تشكل مع ذلك مشكلة عامة، في حين أنها مستخدمة على نطاق واسع في الولايات المتحدة ولكنها غائبة عن شاشة رادار السياسة العامة. فهل يكفي لتفسير هذه الظاهرة أن نقول إنها تعود إلى خوف الأوروبيين من التكنولوجيا وحب الأمريكيين لها؟ من المؤكد أن الأمريكيين يثقون بأجهزة التنظيم الأمريكية أكثر مما يثق الأوروبيون بأجهزة التنظيم الأوروبية، خصوصاً بعد أزمة "جنون البقر". وعلى حد تعبير أحد المشاركين في الندوة: "لقد أصبحت أوروبا مُصَدِّراً صافياً للبؤس في مجال إنتاج الأطعمة الأولية".
فهل معنى ذلك أن أمريكا قبلت الأطعمة المعدلة وراثياً دون سؤال أو جواب؟
يقول بيير بينوا جولي، الأستاذ لدى INRA-STEPE، تعليقاً على ذلك: "إذا اعتبرنا أن القبول هو نوع من الإجماع المستنير، فإن ذلك يعني أنها غير مقبولة." وتشير الدراسات الميدانية إلى أن نسبة المستهلكين الأمريكيين الذين يعلمون أن بعض المنتجات معدلة وراثياً في الولايات المتحدة لا تزيد على 30 في المائة. ويتشكك الأستاذ جولي في إمكانية أن يفهم كثير من المستهلكين تبعات استخدام هذه المواد حتى لو وضعت شروح وافية على الملصقات التي توضع على المنتجات.
ويذكر ليس ليفيدوف، الزميل الباحث لدى مركز استراتيجية التكنولوجيا في الجامعة المفتوحة، أن التنظيم الحكومي للمخاطر لا يمكن أن يقوم فقط على العلم، لأن القرارات تتخذ دائماً استناداً إلى قيم وعادات المجتمع. ولذلك فإن المعاهدات لها قدرة محدودة على حل النزاعات التجارية. ومما يبعث على المفارقة أن القرارات المشروعة تعتمد على الإقرار بوجود "استثناءات المخاطر استناداً إلى أسس ثقافية"، مع أن ذلك يضعف الأسس العلمية للتنظيمات العامة. وقد برز مفهوم التواصل بين الشركات والناس والحكومات على أنه السبيل الرئيسي لاكتساب ثقة الناس ولتأمين قدر أوفى من تنظيم المخاطر. وتؤكد الجمعيات المدافعة عن حقوق المستهلكين على ضرورة الالتزام بالشفافية في تقييم درجات السلامة، والقدرة على تتبع مصدر المنتج، وأمانة بيانات الملصقات التعريفية من أجل استعادة ثقة الناس في عملية ترخيص الأطعمة المعدلة وراثياً، وكذلك اتخاذ تدابير لتغطية المسؤولية القانونية والرقابة وتثقيف المستهلكين.
واختتم المؤتمر أعماله ببحث يشكك في مستقبل منظمة التجارة العالمية. وقال أحد الحضور إن القانون التجاري الأمريكي أصبح كثير التدخل في التفاصيل بشكل متزايد، في حين أن الجدل الدائر حول تجارة الأطعمة المعدلة وراثياً يدور في إطار من التحولات المستمرة في العلاقات الدولية. ثم إن الآليات التقليدية للتعاون الدولي (مثل التعرفات الجمركية) هي في حالة تطور، ويعود بعض السبب في ذلك إلى تزايد المقاييس الدولية والمقاييس التي تراعي مصالح المستهلكين، الأمر الذي يستدعي ابتداع آليات جديدة لفرض التنظيمات. وتكتسب العوامل غير المرتبطة بالدولة كذلك تأثيراً متزايداً على السياسة. ويرغم التعاون الدولي الحكومات على تنسيق إصلاحات السياسة عبر حدود الدول. وركز البحث على مجال يعتبر حساساً للغاية من الناحية السياسية، وهو التنظيمات التجارية الدولية الجديدة التي تنظم الكيفية التي يقوم بها كل بلد على حدة بضبط نوعية البيئة والمواد الغذائية فيه، وهو أمر يمس بشكل مباشر صلب العمليات الإنتاجية للأطعمة المعدلة وراثياً.