تجربة "أوت بليز" في هونج كونج .. التطوّر الناجح والتوسّع الدولي
ولد سيو في النمسا من والدين من أصل صيني، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة لدراسة علوم الكمبيوتر والأعمال، ليحصل على وظيفة في شركة أتاري لألعاب الكمبيوتر. وبعدها شارك في نشاطات إنشاء مشروعات في قطاع الأعمال كمساهم، ومدير في شركة ليكسيكور للبرامج الجرافيكية في وادي السليكون، وكمؤسس مشارك لشركة راديانس. هذه كانت خطواته الأولى نحو إنشاء شركة أوت بليز، إلى جانب إدراك وفهم قيمة فرص الأعمال المحتملة من بيئة الخدمات المباشرة على الإنترنت.
وتركز هذه الحالة كما كتب عنها كل من سارة هاربر، عضو باحث، وستيفن وايت، أستاذ في إدارة الأعمال الآسيوية والإدارة المقارنة في إنسياد، على واحدة من أكثر المبادرات الفردية والأعمال الريادية التقنية الآسيوية إثارة للإعجاب. وحينها كان عمر سيو 25 سنة فقط يوم أن أنشأ "أوت بليز" ثالث شركة حديثة له في ذروة الهوس بالإنترنت.
أنشأ سيو شركة أوت بليز عام 1998 بمساعدة صديق له عمره 19 سنة. وأصبحت الشركة في هونج كونج رائدة في مجال تطوير وتقديم حلول مشتركة متعددة اللغات في مجال الإنترنت (حلول البوابات)، مما مكن زبائنها من الشركات من تقديم خدمات وتقنيات شبكية خاصة بها دون العودة إلى التحسينات والدعم الداخلي المكلف والمعقد.
وتعمل الحلول التي تقدمها شركة أوت بليز على تحويل صفحات الشبكة الثابتة إلى بوابات ديناميكية ضمن خدمات معروفة جداً، بما فيها أنظمة البريد الإلكتروني الشخصي، والأجندات، ولوحة الرسائل، وغرف الدردشة، وغيرها من الوظائف. في أواسط عام 2001 ظهرت الشركة في كل من بكين، وسيؤول، وألمانيا، وسان فرانسيسكو، إلى جانب مكاتبها الرئيسة في هونج كونج، وزادت قواها العاملة من فردين اثنين إلى أكثر من 80 فرداً. ومع طليعة ثورة الإنترنت في آسيا، اعتبرت الشركة مرجعاً وعلامة صناعية في المحافل الدولية، وكان سيو ذكياً بما يكفي للحفاظ على هذه السمعة.
ومع اتباع خطى العديد من شركات الإنترنت الرائدة في أمريكا، أسس سيو نموذج أعمال للشركة على أساس فهم السوق المربحة للإعلان على الإنترنت. ويمكن للشركة إيجاد بوابات للشركات استناداً إلى مصادر خارجية، ومن ثم تقسيم عوائد الإعلان الناجم عن المواقع ذات العلامة التجارية مناصفة مع زبائنها. وضمن ميزانية محدودة في البداية، كان الهدف ربط الشركة بعلامات تجارية مهمة في أقرب فرصة ممكنة. وخلال أشهر فقط انضمت أسماء كبيرة مثل Chinadotcom وHongKongdotcom وSatrTV وRetures.
احتفظ سيو على الدوام برأي واضح إزاء استراتيجية الأعمال مدركاً استغراب غالبية قادة شركات تكنولوجيا المعلومات من الموقف، فقيمة شركته في تزايد، ولكنها لم تجن مالاً. ومع تزايد المنافسة، تحولت الشركة إلى الأسلوب المرتكز على الصفقات التجارية أكثر من تقديمها خدمات مجانية على أمل الحصول لاحقاً على حصة من عوائد الإعلان. وبدأت الشركة تقاضي الرسوم من زبائنها بدفع ما يستحق عليهم لإدارة رسائلهم الإلكترونية، وغيرها من الخدمات المتاحة على شبكة الإنترنت. وشكلت تلك الرسوم جزءاً بسيطاً مما كان سيكلفهم لو أداروا تلك الخدمات بأنفسهم. ومن جديد، وبناءً على تجربته في الولايات المتحدة الأمريكية، أدرك سيو أن النموذج الجديد لا يزال مرغوباً من جانب الشركات التي لا ترغب في الصراع حول الإبقاء على خدمات البريد الإلكتروني كمسألة داخلية.
ويمثل النموذج الجديد علاقة مختلفة مع المستخدم النهائي ولكن رغم ذلك، واجهت الشركة الدخول المفاجئ لفقاعة الإنترنت مما استوجب اتخاذ إجراءات قاسية في مجال شؤون الأفراد وتنظيم العمليات. وانخفضت معنويات طاقم العمل على نحو سيء. وبعد أشهر قليلة، شعر سيو بنجاة الشركة من العاصفة.
ويمتلك مستثمرون مختلفون حصصاً في الشركة، واستمر سيو برفض تحويل الشركة إلى شركة عامة. ورغم الصعوبات، حقق نموذج الأعمال المعدل مكاسب فورية وسنداً مالياً مهماً للشركة، مما جعلها خلال أشهر فقط أهم مزود لنظام التجارة الإلكترونية للعديد من الشركات الدولية الرئيسة، بما فيها سيتي بانك، و شبكة CNN الإخبارية، وVerizon Online، وشركة Dell للكمبيوتر. ولكنّ الطريق لا يزال في حاجة إلى المزيد من التحسين، حيث إن معركة البقاء لم تكن بالأمر السهل.
ولكن ما التغييرات الظاهرة في بنية أعمال هونج كونج، أو آسيا عموماً، أو غيرها من المناطق لتكون سوقا مهمة لنشاطات هذه الشركة؟ وما التغييرات التي يمكن أن يكون لها تأثير رئيس جيد أو غير جيد على فاعلية نموذج الأعمال الجديد، أو على زبائنها المهمين؟ وكيف يمكن للشركة الاستعداد للمستقبل المجهول؟
حالة شركة أوت بليز:
كان إدراك أن معظم أسواقها المربحة تكمن في الطرف الآخر من العالم البعيد عن مكاتبها الرئيسة في هونج كونج، قد أثار مجموعة من التحديات الجديدة للمؤسس ولهذه الشركة لخدمات الإنترنت التي أنشأها قبل سنوات قليلة ماضية. ونجح سيو في قيادة الشركة خلال علاقات صعبة مع مستثمرين، وفوضى أحاطت بانهيار الدوت كوم. وأدى التغيير في نموذج الأعمال في نهاية عام 2000 إلى تسارع تقدم الشركة باتجاه توسع دولي مكنها من التفوق و البروز خلال فترة التراجع الاقتصادي.
وأدرك سيو أن الخلفيات الثقافية المختلفة تتطلب استراتيجيات مختلفة، وأنه لا يمكن للمرء استخدام الشيء ذاته في اليابان، أو الصين، الهند، أوروبا، أمريكا الشمالية، أو الجنوبية، أو الشرق الأوسط. إنه لا يزال يبحث عن الحل المثالي للسؤال المطروح: كيف يمكن الجمع بين استراتيجية وبنية الشركة لمواصلة فرص نموها حول العالم؟.