نعاني أخطار الجفاف ونقصا منسوب المياه

نعاني أخطار الجفاف ونقصا منسوب المياه

تروج شركة " روك " من مدينة ميونيخ لعقد التأمين الشخصي ضد أخطار الجفاف. حيث تقوم هذه الشركة، وهي ثاني أكبر شركة في العالم في مجال إعادة التأمين في مختلف مناطق العالم، ضد أخطار الجفاف. ومن المعروف أن الخبير في شؤون الطقس، أيبرهارد فاوست، يرأس فرع مخاطر الطقس في دائرة البحوث التابعة لهذه المؤسسة المالية..
الجو حار هنا، سيد فاوست، فهل تغير المناخ هو السبب؟
إن إلقاء نظرة إلى الأحداث المناخية، بعزلها بعضها عن بعض، لا يؤدي للاستنتاج بحدوث تغيرات مناخية. وهذا ينطبق على هذا الصيف الحار، الذي نعاني منه في أوروبا حاليا، وكذا على العواصف مثل كاترينا 2005 أو صيف 2003 الحار أيضا.
لكن لا داعي للقلق الآن؟
أجل، أجل ! لأن تتبع معطيات مراقبة الطقس عبر عشرات السنين يؤكد حدوث تغيرات مناخية. ويمكن أن تكون العواقب وخيمة في حالة ارتفاع درجات الحرارة. ففي أوروبا، على سبيل المثال، حدثت عام 2003 توفي 35000 من حرارة الجو. وفي ألمانيا كذلك توفي آنذاك نحو سبعة آلاف شخص نتيجة لارتفاع حرارة الجو.
وهل سيكون الجو دائما حارا عندنا ؟
أيضا في المستقبل سيكون الصيف باردا أحيانا وحارا أحيانا أخرى، غير أننا نلاحظ تزايد احتمالات حدوث سخونة في الطقس كما هو الحال الآن أو كما كان الحال قبل ثلاث سنوات. إن احتمال مجيء صيف حار كصيف 2003 قد ازداد بنسبة 20 في المائة. أما على المستوى العالمي فإن السنوات الخمس الأخيرة تعتبر الأكثر سخونة منذ عام 1861.
هل الإنسان بما يطلقه في الجو من غازات ثاني أكسيد الكربون هو المسؤول عن ذلك ؟
إلى حد كبير، الأمر هو كذلك فعلا. لقد نشرت مجلة "نيتشر" (الطبيعة) المتخصصة قبل فترة من الزمن دراسة حول صيف عام 2003. وقد توصل الباحثون، وكلهم من المختصين المرموقين في شؤون المناخ، إلى استنتاج أن خطر مثل هذه الفترات الساخنة يعود بنسبة 50 في المائة إلى دور الإنسان في إحداث هذه التغيرات المناخية. أما الـ 50 في المائة الباقية فيعود للتغيرات في طبيعة الطقس ذاته.
وماذا يعني ذلك بالنسبة للطقس في ألمانيا ؟
تنبأت دراسة جديدة ظهرت في أيار " مايو " 2006 بالنسبة لجنوب ألمانيا بمضاعفة عدد الأيام الحارة حتى عام 2050 تقريبا، حيث ترتفع درجات الحرارة إلى ما يزيد على 30 درجة. وفي الوقت نفسه، توقعت الدراسة تراجعا في كميات الأمطار الهاطلة في فصول الصيف بشكل ملحوظ.
وهل ستعاني ألمانيا نقصا في المياه ؟
قد نصل إلى وضع من هذا النوع ابتداء من منتصف القرن الحالي في بعض مناطق شرق ألمانيا، حين تصبح المياه موردا نادرا تتنازع عليه الزراعة والصناعة والاستخدامات المنزلية. كما نتوقع مثلا أن تتراجع تغذية المياه الجوفية في براندنبورج ما بين 2040 و 2050 بنسبة 40 في المائة عن مستواها ما بين 1980 و 1990.
تفكر الحكومة الاتحادية حاليا في تقديم مساعدات للزراعة بهدف تمكينها من التغلب على الجفاف، فلماذا لا تقدم شركات التأمين بوليصات جفاف للمزارعين ؟
في أوروبا توجد مثل هذه الإمكانيات التأمينية وفي إسبانيا والنمسا وفرنسا، وبحدود معينة في إيطاليا أيضا. أما في ألمانيا فليس لدينا شيء من هذا القبيل باستثناء بعض العقود القديمة من أيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية. ومن المعروف أن جميع الأنظمة الناجحة للتأمين على الحاصلات الزراعية هي أنظمة تدعمها الدولة، وهو ما ينطبق فعلا بشكل خاص على الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا.
وما الذي يعوقنا نحن ؟
لم يتمكن السياسيون من صانعي القرار حتى الآن الاتفاق على تقديم الدعم الحكومي لمثل هذا النوع من التأمين، مع أنه يوجد في متناول أيديهم تصور ناضج لهذه المسألة تقدم به قطاع التأمين منذ سنوات.
وماذا بالنسبة للتصدي للأسباب؟ لأني ما يقوم به العالم من جهود لحماية المناخ لا يكاد يذكر؟
طبعا كان من الفروض أن يتحقق في هذه الأثناء الهدف الذي حددته اتفاقية كيوتو بتخفيض ما نسبته 5 في المائة من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو على نطاق عالمي، وهذا بالطبع لا يشكل أكثر من نقطة ماء بارد على حجر ساخن. إن العالم بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود والاقتناع بأن مثل هذه الاتفاقات الدولية هي الطريق الوحيد للسيطرة على التغيرات المناخية.

الأكثر قراءة