روسيا تقيم اتحادا جمركيا وسوقا للطاقة مع "الأوراسية" وتعيد أوكرانيا للرابطة

روسيا تقيم اتحادا جمركيا وسوقا للطاقة مع "الأوراسية" وتعيد أوكرانيا للرابطة

تبحث القمة غير الرسمية للدول الأعضاء في الرابطة الاقتصادية الأوراسية في اجتماعاتها التي بدأت أمس، في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود إقامة اتحاد جمركي في إطار المنظمة، واستراتيجية وتكتيك الرابطة في المرحلة المقبلة. ويأتي الاجتماع بين رؤساء الدول الأعضاء في الرابطة التي تضم "روسيا، بيلاروسيا، كازاخستان، قيرقيزستان، طاجيكستان، وأوزبكستان"، فيما تتمتع أرمينيا، مولدافيا، وأوكرانيا بصفة مراقب، فى سياق تنفيذ مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي طرحت في قمة الرابطة الاقتصادية الأوراسية في بطرسبورج في 25 كانون الثاني (يناير) الرامية إلى تكوين منظومة للمراكز الدولية لتقديم الخدمات للدورة النووية على أساس منفذ خال من التمييز. وسيناقش رؤساء الدول قضايا إقامة سوق طاقة عامة، بجانب التنظيم المائي والطاقة في آسيا الوسطي، وتأسيس كونسورتيوم للموارد المائية- الطاقية.
ولن يخلو اللقاء من الجانب الدفاعي، الأمني، والعسكري، إذ أكدت مصادر قريبة من اللقاء أن رؤساء الدول الست سيوجهون اهتماما خاصا لمهام تعميق التعامل بين الرابطة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تتمتع بعضويتها سبع دول هي جميع دول الرابطة الأوراسية إضافة إلى أرمينيا. وحسب رأى ناطق باسم ديوان الكرملين فإن مشاركة الرئيس الأرميني روبرت كوتشاريان ستعكس مدى الاهتمام الواسع بالمنظمتين.
وسيناقش رؤساء الدول كذلك القضايا المرتبطة بانضمام أوزبكستان إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
وهناك شبه إجماع بين الخبراء والمراقبين على أن هذا اللقاء يأتي ردا من جانب روسيا على عدم قبول عضويتها في منظمة التجارة العالمية. وكان من الطبيعي أن يؤدي إحساس موسكو بالغبن إلى السعي لإيجاد بديل لمنظمة التجارة العالمية ممثلا بالمجموعة الاقتصادية الأوراسية. ولهذا الغرض سيتم التركيز على إقامة الاتحاد الجمركي في إطار المجموعة.
وتحدثت مصادر اقتصادية حول السيناريو الذي تسعى موسكو لتنفيذه من أجل التكامل الاقتصادي داخل المجموعة الاقتصادية الأوراسية وهو توسيع الاعتماد المتبادل بين دول المجموعة، ثم يتزايد الضغط على الجيران الذين يعترضون على مسيرة التكامل. وبعد ذلك يمكن ضم دول أخرى، علما بأن الطاقة تبقى وسيلة التأثير الرئيسية في هذا المقام. ومن ثم فإن إقامة سوق موحدة لموارد الطاقة ستكون الموضوع الرئيسي الذي سيجري بحثه في الاجتماع.
ويتعلق الموضوع الأساسي الآخر بتوفير الموارد المائية لدول آسيا الوسطي. وأعدت موسكو في بداية هذا الصيف مشروع قرار يقضي بإنشاء كونسورتيوم أوراسي توكل إليه هذه المهمة. ويمكن أن يقوم البنك الأوراسي الذي أسسته روسيا وكازاخستان بتمويل هذا المشروع. ويرى المراقبون أن إنشاء الكونسورتيوم المعني بالموارد المائية وموارد الطاقة سيتيح فرصة لتكبير الدور الروسي في منطقة آسيا الوسطى، كما يتيح لروسيا فرصة دخول أسواق الطاقة في الهند، باكستان، والصين.
وتأتي الخطوة الأهم وهي عودة أوكرانيا إلى صفوف رابطة الدول المستقلة عضوا أساسيا ومؤسسا، وكذلك إلى الرابطة الاقتصادية الأوراسية كمراقب، وذلك بعد وصول فيكتور يانوكوفيتش إلى منصب رئيس الوزراء. وسيلتقي يانوكوفيتش، رئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف. ومن المقرر أن يلتقي أيضا رئيس أوزبكستان إسلام كريموف ورئيس كازاخستان نور سلطان نزاربايف. غير أن اللقاء الأهم سيكون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو اللقاء الذي سيوضح مدى نفوذ ريس الوزراء الأوكراني الجديد لدى القيادة الروسية من جهة، وآفاق إنهاء التوتر الحاد بين موسكو وكييف من جهة أخرى.
وتعتبر هذه هي الجولة الخارجية الأولى التي يقوم بها رئيس الوزراء الأوكراني بعد تسلم منصبه في الرابع من الشهر الجاري. وحسب معطيات مجلس الوزراء الأوكراني فإن مباحثات رئيسي الحكومتين ستتضمن جدول الأعمال التحضيري لأول جلسة ستعقدها لجنة "بوتين- يوشينكو" الحكومية التي لم تجتمع على مدى أكثر من عامين منذ آذار (مارس) عام 2004، أي عقب تبني رئيسي الدولتين قرارهما بشأن تشكيل هذه اللجنة. وسيستعرض رئيسا الحكومتين قضية إمدادات النفط والغاز ونقلهما عبر الأراضي الأوكرانية، وكذلك موضوع أسعارهما. ولن توقع أية وثائق في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالملف الاقتصادي، فإن الجانب الأوكراني يهتم بقضية تصدير منتجاته من اللحوم والحليب، واحتمال فرض الرسوم الخاصة على أنابيب ضخمة أوكرانية الصنع، وإسقاط حلويات كاراميلا الأوكرانية من نظام العمل بالتجارة الحرة، إضافة إلى ادعاءات نواب البرلمان الروسي بأن منتجات الصلب والحديد الأوكرانية التي تصدر إلى السوق الروسية ملوثة إشعاعيا. وثمة قضايا مستعصية أيضا فى مجال صناعة الطائرات.
وكان رئيسا حكومتي البلدين قد التقيا آخر مرة في 30 أيلول (سبتمبر) عام 2005 في موسكو.
ومما لا شك فيه أن توصل موسكو وكييف إلى اتفاق حول أسعار الغاز والترانزيت خلال العامين المقبلين يمنح روسيا فترة زمنية معقولة كي تقطع شوطا فى تنفيذ مشروعها المعروف باسم خط أنبوب الشمال الأوروبي، الذي سيحررها من نفوذ الدول التي يتم عبرها تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا.

الأكثر قراءة