الموظف الحكومي المدلل
الموظف الحكومي المدلل
<a href="mailto:[email protected]">iqtisad@fantookh.com</a>
ما أجمل الدوام لدى بعض الموظفين! قليل من العمل، وإنتاجية تقترب من الصفر، وأحيانا أقل من ذلك، وكثير من الصحف والقنوات الفضائية، وغرف البالتوك، ومجموعات ياهوو، وأفلام جوجل، وبسمات الماسنجر، ومزيد من الاسترخاء والسوالف الرياضية والسياسية. ويتأهب الموظف ويزداد تركيزه وتعمل كل حواسه وجميع خلاياه، ويكاد يغلق الباب ويفصل الهاتف الداخلي إذا دق جرس سوق الأسهم الساعة العاشرة صباحا. بالطبع يتبقى بعض الوقت الذي يستغله بعض الموظفين في أكل الوجبات (البطيئة) ومشاوير المدارس. والمراجع يراجع (بكرة) والعجلة من الشيطان!!
إذا كنا نطمح أن يكون الموظف مهيأ نفسيا للتسهيل على المواطنين وعموم المراجعين ويعتبر نفسه خادما لهم بما يوجبه النظام، إلا أن هناك الكثير من الموظفين الحكوميين يتعامل مع المراجع أو المستفيد وكأنه يتصدق عليه ويتبرع بوقته له، ولا يكاد يلتفت إليه إلا عندما يقوم المراجع بمداراته ومدحه أو التوسل إليه واستجدائه.
إذا كنا تفتخر بالكثير من الموظفين السعوديين في القطاعات الحكومية لحسن أدائهم والتزامهم بأعمالهم وإنتاجيتهم، فإن ذلك راجع في الغالب إلى ذواتهم ودوافعهم الشخصية، أكثر من رجوعه إلى نظام مكتوب ومطبق بمحفزاته وانضباطيته وبرامجه التدريبية، وآليات محاسبة ومساءلة الموظفين يؤدي بجميعهم أو أكثرهم إلى النجاح في أعمالهم وخدمتهم، بغض النظر عن الملكات الشخصية والتربية الذاتية. وفي ظل غياب مثل هذا النظام أو عدم وجود آليات تطبيقه، فإن أجهزتنا الخدمية لن تتطور وسيزداد ضجر المراجعين والمستفيدين، وسيبقى لدينا موظفون ترقياتهم شبه تلقائية ورواتبهم مضمونة وهم غير منتجين ومتسيبين ويعيقون العمل أحيانا ولا تطولهم العقوبة رغم وجود الآلاف من طالبي العمل في الانتظار. لعله من الأولى أن تعطى الأجهزة الصلاحية الكافية بالسياسة الملائمة لفصل الموظف غير المنتج والمتسيب، وإبداله بمن هو خير منه من الجهاز نفسه، ما سيتسبب في وجود وظائف شاغرة يمكن أن يتنافس عليها طالبو العمل.
إن وجود آلية لفصل الموظف الذي يتفق رؤساؤه واللجان المعنية على عدم مناسبته رغم تعدد الإنذارات، وإبداله سيؤدي إلى الارتقاء بمستوى الموظفين والحد من التمرد على الأعمال وسوء التعامل مع الزملاء والمراجعين بأشكاله المختلفة. ولعلنا بهذا الأمر ندفع إلى التحول من السعودة الصورية الكرتونية إلى السعودة المنتجة.
إن سبب ضعف بعض الأجهزة الحكومية الخدمية ناتج من الثقافة السائدة في أن "الوظيفة الحكومية مريحة ومضمونة ولا مسؤولية". ولن تتغير هذه الثقافة السلبية في عقول دهماء الناس ما لم يتحرك صناع القرار.